تركيا تقترب من التحول لمركز عالمي لتجارة الغاز

21 مايو 2016
أنابيب الغاز لخط تاب في اليونان (فرانس برس)
+ الخط -



تقترب الحكومة التركية من تحقيق هدفها الإستراتيجي المتمثل في أن تصبح "مركزاً عالمياً لتجارة الغاز"، مع انطلاق عمليات تنفيذ أنبوب الغاز الرابط بين اليونان وتركيا قبل يومين، والذي يعتمد على تجميع الغاز من آسيا والمنطقة العربية وتصديره لاحقاً إلى أوروبا.

وهذا الأنبوب الذي دشن عمليات بنائه، قبل يومين رئيس الوزراء اليوناني اليكسس تسيبراس في مدينة سالونيكا هو جزء من خطوط السيل الجنوبي الذي كانت أوروبا تعول عليه منذ سنوات في تنويع إمدادتها من الغاز الطبيعي.
وسينقل الأنبوب المعروف اختصارا باسم "تاب"، الغاز الطبيعي من تركيا إلى أوروبا، وسيلتقي مع أنبوب السيل الجنوبي "خط أنابيب تاناب" الذي ينطلق من أذربيجان.

و"تاب"، هو اختصار للأحرف الأولى من " ترانس أدرياتيك بايب لاين"، وحسب خبراء في صناعة الغاز، فإن خط الأنبوب سيحقق ثلاثة أهداف رئيسية بالنسبة لكل من تركيا ودول الاتحاد الأوروبي، وهذه الاهداف هي، أولاً: تنويع مصادر إمدادات الغاز إلى أوروبا، وهو هدف إستراتيجي بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي التي تأمل في تقليل اعتماد الدول الأوروبية على الغاز الروسي.
ويذكر أن شركة غاز بروم تعمل على خفض تسعيرة الغاز الأوروبية في محاولة لمنع توفير أوروبا لبدائل للغاز الروسي.
وتتهم بعض دول الاتحاد الأوروبي موسكو بأنها تعمل على تفكيك القرار الأوروبي عبر " دبلوماسية الغاز الطبيعي".


أما الهدف الثاني فهو تحقيق الاستراتيجية التركية التي تستهدف التحول نحو مركز لبيع وتسويق الغاز إلى أوروبا.

وحسب الحوار الجاري منذ سنوات بين أنقرة وبروكسل بشأن أمن إمدادات الغاز الأوروبية، فإن فرع المفوضية الأوروبية الخاص بشؤون الطاقة، يرى أن تركيا دولة مستقرة سياسياً وعضو في حلف شمال الأطلسي، وهو ما سيجعلها محطة آمنة لتجميع الغاز من دول المنطقة العربية ودول آسيا الوسطى وتصديرها لاحقاً إلى أوروبا.
ولكن في ذات الاتجاه، فإن أنقرة تعتقد أن تحولها لمركز لتغذية أوروبا بالغاز الطبيعي من دول غير مستقرة سياسياً، سيقوي من علاقاتها مع كل من بروكسل وواشنطن.

أما الهدف الثالث، فهو تأمين احتياجات تركيا من الغاز على المدى الطويل. وتستهدف تركيا عبر تجميع الغاز الطبيعي من دول بحر قزوين ولاحقاً من بعض الدول العربية في تأمين احتياجاتها الداخلية لتوليد الطاقة الكهربائية.
وتستهلك تركيا حالياً 50 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، لكن حسب فؤاد جلبجي، المدير العام لمجموعة شركات "زورلو" التركية للطاقة، خلال مداخلة له في مؤتمر عقد العام الماضي في إسطنبول، فإن حاجة تركيا سترتفع إلى 72 مليار متر متر مكعب من الغاز بحلول العام 2030.
وتستورد تركيا حوالى 55% من حاجتها من الغاز الطبيعي من روسيا، وتستهلك 50% من الغاز الوارد في إنتاج الطاقة. وبالتالي فإن توفر إمدادات الغاز الطبيعي من دول بحر قزوين سيزيد من أمن إمدادات الغاز.
 

ورغم أن خط أنابيب السيل الجنوبي سينقل مبدئياً 10 مليارات كتر مكعب من الغاز الأذري، ولكنه حجم الغاز الذي سينقله سيرتفع لاحقاً إلى 20 مليار متر مكعب.
أما الهدف الرابع، فهو تأمين اليونان من الاستغلال الروسي، حيث كانت روسيا تضع عينها على اليونان لتصبح ممراً للغاز الطبيعي الروسي أو كبديل لتركيا في أعقاب توتر العلاقات بين موسكو وأنقرة في العام الماضي.

وكانت دول الاتحاد الأوروبي تتخوف في فترات الأزمة المالية الطاحنة التي كادت أن تفلس باليونان خلال العام الماضي من استغلال الرئيس بوتين للوضع اليوناني بمد أنبوب للغاز من روسيا عبر اليونان. وكانت شركة غاز بروم قد بدأت فعلاً محادثات مع الحكومة اليونانية بهذا الصدد، لكنها تعثرت مع نجاح محادثات إنقاذ اليونان. ويرى خبراء أن مد هذا الأنبوب سيعني عملياً حماية اليونان مستقبلاً من الاستغلال بواسطة الحكومة الروسية، التي كانت تضع في اعتبارها دائماً ربط اليونان بشكل مباشر بالغاز الروسي.

ورغم الخلافات العميقة بين روسيا وتركيا ستظل تركيا بحاجة إلى إمدادات الغاز الروسي، ولكن يبدو أن فرص تنفيذ خطوط " تركيش ستريم" تضاءلت في أعقاب التوتر بين البلدين. كما أن شركات الغاز التركية وعلى رأسها "بوتاش" ترى أن أسعار الغاز التي تقترحها روسيا لمبيعات الغاز عبر خط أنابيب "تركيش ستريم" مرتفعة. ويذكر أن شركة غازبروم تبيع الغاز إلى تركيا بسعر يفوق كثيراً السعر الذي تبيع به الغاز إلى دول الاتحاد الأوروبي.

وحسب الأرقام الرسمية التركية، فإن تركيا تشتري الغاز الروسي بسعر 418 دولاراً لكل 1000 متر مكعب، فيما تبيع شركة غازبروم الغاز إلى دول الاتحاد الأوروبي بسعر يراوح بين 235 و242 دولاراً لكل ألف متر مكعب.
وترى تركيا أن خط تاناب سيساهم في تنويع مصادر الطاقة بعيداً عن الغاز الروسي. وكانت شركة بوتاش التركية التي تشرف على مشتريات ونقل الغاز في تركيا قد طلبت من شركة غازبروم، خفض سعر الغاز الذي تبيعه إلى تركيا، ووافقت شركة غازبروم على خفض السعر بنسبة 10.25% في شهر مارس/ آذار الماضي، ولكنها لم تفِ بتعهّدها.


المساهمون