تركيا تعرقل محاولات حزب العمال الكردستاني لفكّ عزلته

27 ديسمبر 2014
مساعي الحزب لفك عزلته شملت روسيا (أريس مسينيس/فرانس برس)
+ الخط -

عانى حزب العمال الكردستاني من عزلة متصاعدة على المستوى الدولي بعد نجاح الضغوط التركية على النظام السوري بطرد زعيمه عبد الله أوجلان من سورية، ومن ثم إلقاء القبض عليه عام 1999. كما استطاعت تركيا، بسبب موقعها في حلف شمال الأطلسي، أن تضع الحزب على قائمة المنظمات الإرهابية في كل من الولايات المتحدة والدول الأوروبية، ومن ثم استغل حزب العدالة والتنمية بعد وصوله للسلطة انفتاحه على دول الشرق الأوسط، ضاغطاً على كل من سورية وإيران لتجفيف تمويل العمال الكردستاني.

جاءت الثورة السورية ومن ثم الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية"، (داعش)، لتشكل فرصة للحزب لفك عزلته، مستغلاً الموقف التركي المعادي للنظام السوري والداعم للمعارضة السورية المسلحة، فاستطاع أن يستفيد من علاقاته مع نظام بشار الأسد لإحياء ذراعه السوري ممثلاً بحزب الاتحاد الديمقراطي الذي أخرج النظام معظم قياداته من السجون وسمح له بالتسلح وتشكيل قوات الحماية الشعبية التي بدأت بالسيطرة على المناطق ذات الأغلبية الكردية في سورية، بل ودخلت في حرب شديدة ضد كتائب الجيش السوري الحر وكل من جبهة "النصرة" و"داعش".
ولا يزال حزب العمال الكردستاني يحاول أن يدفع الدول الغربية إلى فك العزلة والتعامل معه بشكل مباشر، مستغلاً دوره المحوري على الأرض في الحرب ضد "داعش"، والتي كان آخرها الدعوة التي وجهها جميل بايك، أحد أهم قيادات العمال الكردستاني الموجودة في جبال قنديل، خلال اللقاء الذي أجرته معه صحيفة "الغارديان" البريطانية، الأربعاء الماضي، إذ أعرب بايك عن أمله في أن "التعاون مع التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش سيؤدي إلى حذف اسم العمال الكردستاني من قائمة المنظمات الإرهابية في الدول الغربية".

وكشف بايك بأن التحالف الدولي لا يزال يتعامل مع العمال الكردستاني بشكل سرّي ومن خلال وسطاء، داعياً التحالف إلى تحسين علاقاته مع أكراد سورية، أي قوات الحماية الشعبية التابعة لجناحه، الاتحاد الديمقراطي، "للوصول لنتائج أفضل في الحرب ضد داعش". وأضاف بايك بأن "وصفنا بالإرهاب أمر غير عادل، الأمر الذي يثبته نضالنا ضد وحشية داعش". وتابع: "لقد أدرجونا في قوائم المنظمات الإرهابية، لكن محاربتنا لداعش تثبت عكس ذلك".

ويحاول العمال الكردستاني استغلال ملف الأسرى الأجانب التابعين لتنظيم "داعش"، والذين يجتجزهم لديه، لفتح علاقات مع الدول الغربية، إذ أكد بايك بأن العمال الكردستاني استطاع أسر عدد من مقاتلي "داعش" الأجانب خلال المعارك وسلمهم لدولهم، وأن أحدهم كان يحمل الجنسية الألمانية، جرى أسره في إقليم كردستان العراق.

ومساعي الحزب لفك العزلة عنه شملت أيضاً روسيا، إذ توجه الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي (الجناح السياسي للعمال الكردستاني)، صلاح الدين دميرتاش، قبل أيام، إلى موسكو في زيارة رسمية استغرقت خمسة أيام، دعا خلالها موسكو إلى الانخراط بشكل أكبر في القضية الكردية، وإلى التواصل مع الأكراد بشكل مباشر بدل المرور عبر أنقرة، مؤكداً "أنّ هذا النهج القديم في الخارجية الروسية بالتعامل مع الاكراد يجب أن يُترك، حيث إن المسؤولين الاتراك أيضاً قد تغيّروا"، وذلك بعد أكثر من عشرين شهراً على بدء عملية التسوية بين الطرفين.
وحمل دميرتاش معه إلى موسكو ما أطلق عليه "مشروعاً لتسوية عدد من القضايا في الشرق الأوسط"، من دون أن يكشف عن أي تفاصيل تخص هذا المشروع، الأمر الذي لاقته موسكو باهتمام بالغ، كما أكد دميرتاش لصحيفة "سبوتنيك" الروسية.

وتصطدم مساعي الحزب لفك العزلة عنه دوماً بأنقرة، فأي من الأطراف الغربية لا يريد أن يوتر علاقته مع تركيا، بما في ذلك الجانب الروسي الذي لا يتوقف عن البحث عن حلفاء جدد في ظل العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة عليه. كما أنّ الدول الغربية لن تفرّط بعلاقاتها مع تركيا التي تؤمّن لها حائط صدّ أول ضد انضمام المقاتلين الأجانب للتنظيم وتؤدي دوراً استخبارياً مهمّاً في ذلك، فضلاً عن المساعي الغربية لجذبها للانخراط بشكل أكبر في التحالف ضد "داعش".
ولذلك، ستبقى علاقات العمال الكردستاني بالعالم مرهونة بعلاقات تركيا به، إذ تتعزز بالأطراف التي تختلف مع أنقرة وتكاد تنتهي مع تلك التي تتحالف معها.
أما في ما يخص دول التحالف، فمن المرجح أن تنتهي حتى تلك العلاقات الغير مباشرة التي صرح عنها بايك ما أن ينتهي خطر "داعش" الذي يتحالف الطرفان ضده.

المساهمون