وكانت القيادات التركيّة قد حذّرت بشدّة من المخاطر التي تحيق بمدينة حلب، وقد تؤدي إلى سقوطها في يد قوات النظام، بعد حملة شرسة قادتها الأخيرة على المدينة، مع كلّ ما يعنيه ذلك من تدفّق مئات الآلاف من اللاجئين إلى تركيا، المتخمة، أصلاً، بأكثر من مليون ونصف مليون لاجئ، والمتخوّفة من عودة سيطرة النظام السوري على الطرف الآخر من الحدود، وهو ما لا يمكن لأنقرة أن تقبله.
وبحسب ناشطين معارضين في حلب، باتت قوات النظام تحاصر قوات المعارضة من مختلف الجهات، تاركة معبراً واحداً يمكن اعتباره "سبيلاً لانسحاب قوات المعارضة"، وهو الطريق الواصل بين حلب ومدينة أعزاز، بالقرب من معبر باب السلامة ــ كيليس الذي يربط حلب بالأراضي التركيّة.
في موازاة ذلك، لا تزال الخلافات الأميركيّة التركيّة، حول استراتيجيّة التحالف في ما يخص سورية، أمراً واضحاً. وعلى الرغم من وجود مسودّة اتّفاق بين الطرفين على تدريب ألفي مقاتل من مقاتلي المعارضة السوريّة المعتدلة، إلا أنّه ووفق الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لم يتمّ التوصّل بعد إلى اتفاق نهائي في هذا الصدد. ويجعل ذلك الاتّفاق ورقة للضغط على واشنطن، لإعلان منطقة حظر طيران.
ويبدو أن موقع أنقرة الحالي في التحالف لن يتغير، وفق ما أكّده أردوغان في تصريحاته قبل مغادرته إلى العاصمة الجزائريّة، طالما أنّ المجتمع الدولي لم يستهدف نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، ويقدم على إنشاء منطقة آمنة وأخرى لحظر الطيران شمالي سورية. ويقول أردوغان في هذا السياق: "لم يتخذ المجتمع الدولي أيّ خطوات من تلك التي قمنا بالتوصية بها، هناك بعض الإشارات والاحتمالات، لكنّ موقع تركيا سيستمر بالتأكيد، ما لم يتمّ وضع التوصيات التركية موضع التنفيذ".
في غضون ذلك، تأتي زيارة نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى تركيا، السبت، في محاولة للدفع نحو مزيد من التقارب بين الطرفين، بعد محادثات عقدها المنسق الأميركي لعمليات التحالف، جون آلن، وسكرتير وزارة الخارجيّة التركيّة فريدون سنر أوغلو، في العاصمة أنقرة، اعداداً للزيارة. ومن المقرر أن يلتقي بايدن كلاً من أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو.
وعلى الرغم من إشارات واشنطن، إلى أنّ إنشاء منطقة حظر طيران ومنطقة آمنة لن يكون على جدول المحادثات بين بايدن والمسؤولين الأتراك، لكنّ الناطق باسم الخارجيّة التركيّة، تانجو بيلغيتش، أعلن قبل يومين، أنّ أردوغان وداوود أوغلو سيبادران إلى فتح موضوع منطقة حظر الطيران، موضحاً في الوقت ذاته، أنّ الموضوع لن يكون شرطاً مسبقاً لتطبيق اتفاقية تدريب عناصر المعارضة السورية المعتدلة على الأراضي التركية، وإن سيكون جزءاً من "صورة أكبر" للمنطقة، على حدّ تعبير بيلغينج.
وكان أردوغان قد أكد، بعد عودته من فرنسا، مطلع الشهر الحالي، ضرورة إعلان المناطق السوريّة، شمال خط العرض 36، كمنطقة حظر طيران، تشمل كلاً من محافظتي حلب والحسكة وأجزاء من محافظتي إدلب والرقة، علماً أنّ مدينة الرقّة، عاصمة "داعش"، تقع على الخط تماماً.
ويكرر أردوغان انتقاداته لتركيز التحالف الدولي ضرباته على مدينة عين العرب، ذات الغالبيّة الكرديّة، مشيراً إلى أنّ الخطر الأساسي يحيق بمدينة حلب، ثاني أكبر المدن السوريّة. ولم يتردّد في القول سابقاً: "دعوا عين العرب جانباً، إنّ حلب الآن هي المهدّدة، وهي قلب الشمال السوري"، معتبراً أنّ المدينة "في وضع حرج وقريباً ستواجه المصير الذي تواجهه عين العرب".