يتزايد التوتر في الساحة الداخلية التركية مع اقتراب "مسيرة العدالة" التي ينظمها حزب "الشعب الجمهوري" للاحتجاج على الحكم الصادر على أحد نوابه بالسجن، والذي أدين بتسريب معلومات للصحافة تتعلق بعمل الاستخبارات. وبينما حذر زعيم "الشعب الجمهوري"، كمال كلجدار أوغلو من الاستفزازت قبل وصول المسيرة إلى مدينة إسطنبول، جاء دعم حزب "الشعوب الديمقراطي" (الجناح السياسي للعمال الكردستاني) للمسيرة، ليبدو تسهيلاً لوأدها بتهمة تلقيها دعماً من "إرهاب" الكردستاني، بدل أن يمنحها المزيد من الزخم.
وقبيل وصول المسيرة التي انطلقت من العاصمة التركية أنقرة إلى مدينة إسطنبول، قال كلجدار أوغلو: "نحن نسمع بأنه قد تحصل بعض الاستفزازت بينما نقترب من مدينة إسطنبول نود من جميع المشاركين الرد على أي نوع من الاستفزاز بهدوء"، مدعياً أن المسيرة تعرضت خلال مسيرتها للرمي بالحجارة والرمي بالمبيدات، رغم الحماية التي تؤمنها الحكومة للمسيرة منذ انطلاقها من أنقرة وعلى طول الطريق.
يأتي هذا بينما أكد زعيم حزب "الشعوب الديمقراطي" المشارك، صلاح الدين دميرتاش، أن مسيرة العدالة التي بدأها الجميع يجب أن توحد كل مجموعات المعارضة.
ونقل زعيم الكتلة البرلمانية لـ"الشعوب الديمقراطية"، أحمد يلدريم، عن دميرتاش، بعد الزيارة التي قام بها للأخير بالسجن، قائلاً: "لقد قال إن القضية ليست حول السير نحو ولاية إدرنة (أقصى غرب تركيا)، بل على المسيرة أن توحد مختلف أطراف المعارضة"، مضيفاً: "القضية هي الحاجة للعدالة أكثر من كونها وجود دميرتاش محتجزاً بعد أن تمت معاملته بشكل غير عادل، لذلك يمنح دميرتاش أهمية للمسيرة التي ستقدم العدالة للجميع بشكل عملي وليس حسب التفضيل".
في غضون ذلك، قال نائب رئيس الوزراء والمتحدث باسم الحكومة، نعمان كورتولموش، إن حزب "الشعب الجمهوري" عليه المسؤولية بألا يمنح الأرضية لأي استفزازات داخلية خلال المسيرة. وأوضح في هذا الصدد: "للأسف فإن هذه المسيرة يجب أن تراقب بحذر، لأنها تمنح الأرضية لبعض المنظمات الإرهابية (العمال الكردستاني) كي تدعي أنها تنتمي لها، نحث إداريي الشعب الجمهوري على التصرف بحساسية"، مضيفاً: "نحن، كإدارة الأمن الداخلي في الدولة التركية، نعمل على عدم السماح لأي استفزازات خلال المسيرة منذ البدء، على الشعب الجمهوري أيضاً أن يبذل هذه الجهود، إنها مسؤولية الشعب الجمهوري بأن يمنع التنظيمات الإرهابية من إيجاد مكان لها في المسيرة"، في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني.
وفي 14 يونيو الجاري، قررت المحكمة الجنائية في إسطنبول حبس النائب عن "الشعب الجمهوري"، أنيس بربر أوغلو، لمدة 25 عاماً، لتورطه في قضية إفشاء معلومات سرية، بقصد التجسس السياسي أو العسكري، لها علاقة بالتسريبات التي قام بها كل من رئيس تحرير جريدة "جمهورييت" المعارضة، جان دوندار، الذي فر إلى ألمانيا، ومدير مكتب الجريدة في العاصمة أنقرة، إردم غول.
واتخذت المحكمة الجنائية الرابعة عشرة في إسطنبول قرارها بحق بربر أوغلو المتورط في قضية توقيف شاحنات جهاز الاستخبارات بداعي أنها تحمل أسلحة إلى "الإرهابيين في سورية"، في جلسة مغلقة، حضرها محامي المتهم، حيث إن التسريب كان قد قام به دوندار في عمود له، وذكر أنه تلقى المعلومات من نائب يساري، لتشير التسجيلات إلى أنه النائب أنيس بربر أوغلو.
وكانت قوات من الدرك، ووفق تعليمات من النيابة العامة في أضنة، أوقفت 3 شاحنات تحمل في داخلها أسلحة، على الطريق الواصل بين ولايتي أضنة وغازي عنتاب، جنوبي البلاد، في 19 يناير/ كانون الثاني 2014، الأمر الذي تم عبر التعاون بين القضاة وقوات الشرطة من تنظيم "حركة الخدمة"، ما سبب أزمة كبيرة للحكومة التركية التي اتهمتها المعارضة بـ"دعم التنظيمات الإرهابية في سورية".
وتم مباشرة بعد إصدار الحكم القبض على النائب وزجه في السجن، دون منحه فرصة الاعتراض على الحكم الذي لا يزال حكماً ابتدائياً.