وأضاف أردوغان "قلت قبل الانتخابات الرئاسية (جرت في 10 أغسطس/آب الماضي)، بأني سأستخدم كل الصلاحيات التي منحها الدستور لرئيس الجمهورية". وبدأ الجدل عندما أعلن بينالي يلدرم، النائب عن مدينة إزمير، ووزير النقل السابق المقرّب من أردوغان، خلال مقابلة تلفزيونية عزم الرئيس التركي على ترؤس اجتماع الحكومة التركية في بداية العام 2015.
وكان أردوغان قد تعهّد خلال الحملة الانتخابية الرئاسية، بأنه لن يكون مثل أي رئيس آخر سبقه، مصمماً على استخدام كل الصلاحيات التي يمنحها الدستور لرئاسة الجمهورية، بما في ذلك رئاسة اجتماعات مجلس الوزراء. وأثار الأمر اعتراضات كبيرة لدى المعارضة، التي تتهمه بمحاولة فرض نظام رئاسي بأسلوب "الأمر الواقع".
ومنح دستور 1982 الذي كُتب تحت إشراف انقلابيي عام 1980، مزيداً من الصلاحيات لرئيس الجمهورية. ولم يكن الوضع مألوفاً لتركيا المعتادة على النظام البرلماني، بل بدا وكأنه يقسم السلطة التنفيذية بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء.
لم يستخدم أي من رؤساء تركيا، حتى انتخاب أردوغان، أياً من تلك الصلاحيات الدستورية، خوفاً من زعزعة صورة رئيس الوزراء في نظر الشعب. حتى أن رئيس البرلمان الحالي جميل جيجك، كان أول من حذّر من المشاكل التي قد تحصل داخل السلطة التنفيذية، جرّاء اعتماد مبدأ "التصويت الشعبي" في اختيار الرئيس بدلاً من انتخابه في البرلمان، الذي تم إقراره إثر استفتاء عام 2010.
لكن الغريب في الأمر، أن يلدرم الذي يعتبر من الدائرة المقربة من أردوغان، هو من أعلن أولاً عن الأمر، وليس أردوغان أو رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو. حتى أن الاخير كان قد أكد، في مقابلة أجريت معه بعد تصريحات يلدرم، بأن من حق رئيس الجمهورية ترؤس اجتماعات رئاسة الوزراء في الظروف الطارئة كالحروب والكوارث، لكنه نفى وجود أي اجتماع لمجلس رئاسة الوزراء، في ما بدا انزعاجاً من تصريحات يلدرم الذي لا يمتلك أي صفة رسمية سوى كونه نائباً عن مدينة إزمير.
وعبّر نائب رئيس الوزراء التركي بولنت أرينج، عن انزعاج داود أوغلو، يوم السبت، قائلاً "لا يملك يلدرم أي صفة رسمية، سوى أنه نائب عن مدينة إزمير، كما أنه ليس الناطق باسم الرئيس. ومن الخطأ الفادح أن يصرّح من لا يمتلك أي صفة رسمية، بأن الحكومة ستجتمع تحت قيادة الرئيس. فهذا شأن يجب أن يبقى بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء".
وردّ يلدرم سريعاً، بتأكيده أن تركيا دخلت عهداً جديداً بعد انتخاب الرئيس عبر التصويت الشعبي، لافتاً إلى أنه "دخلنا عهداً جديداً في تركيا يوم العاشر من أغسطس، وسيستجيب رئيس البلاد من الآن فصاعداً للأمة التي حصل على دعم 52 في المائة من أصواتها".
يسير أردوغان، كما وعد، نحو النظام الرئاسي بخطى ثابتة، لكنه هذه المرة مارس صلاحيته على داود أوغلو بشدة غير معتادة، الأمر الذي لا يعد الأخير بسنة سهلة، خصوصاً أن إعادة ترتيب العلاقة بين رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية، ستكون واحدة من الصعوبات التي سيضطر داود أوغلو على مواجهتها، بالإضافة إلى عملية التسوية مع حزب "العمال" الكردستاني والانتخابات البرلمانية المقررة في يونيو/حزيران المقبل، والتي بدأ حزب "العدالة والتنمية" حملته لأجلها بالفعل قبل أيام، عندما كشف عن أغنية الحملة الدعائية في مدينة قونيا مسقط رأس داود أوغلو.