تعيش السياسة التركيّة الداخلية لحظاتٍ حرجةً، وسط تكثيف أحزاب المعارضة التركية لاتصالاتها، وبينما منح، يوم أمس، حزبُ "الشعب الجمهوري"، زعيمه كلجدار أوغلو، الصلاحيات الكاملة في تكوين التحالفات مع أحزاب المعارضة، لا يزال الرئيس التركي السابق، عبد الله غول، مرشحاً قوياً لمواجهة الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، على رئاسة الجمهورية، ومن ورائه التحالف الجمهوري المكون بشكل أساسي من حزب العدالة والتنمية الحاكم وحزب الحركة القومية (يميني قومي متطرف).
ومن المنتظر أن يلتقي اليوم، زعيم حزب السعادة (الذي أسسه رئيس الوزراء الراحل نجم الدين أربكان)، تِمِل كارا موللا أوغلو، بالرئيس التركي السابق، عبد الله غول، لحسم أمر ترشح الأخير، وذلك بعد اللقاء الذي أجراه كاراموللا أوغلو، مع زعيمة "الحزب الجيد" (مكون من منشقين عن الحركة القومية)، ميرال أكشنر، وسط إصرار الأخيرة على ترشحها للرئاسة.
ومع أن الشعب الجمهوري (أكبر أحزاب المعارضة)، لم يحدد مرشحه للرئاسة، مما يشير إلى وجود ميل كبير للتوافق على غول مرشحاً مشتركاً للمعارضة، رغم وجود اعتراضات كبيرة على غول من قبل قواعد الشعب الجمهوري.
وعلم "العربي الجديد" بأن تحركات كرموللا أوغلو جاءت بعد التوافق مع كلجدار أوغلو على جس نبض المعارضة التركية حول إمكانية التوافق على مرشح مشترك، بينما أجرى الأخير، في الأيام الماضية، لقاءات مع عدد من القيادات الكبيرة من مؤسسي العدالة والتنمية، حاز خلالها على دعم نائب رئيس الوزراء التركي السابق، ومهندس النهضة الاقتصادية التركية في العقد الأخير، علي باباجان، ووزير العدل السابق، سعد الله إيرغين، ونائب رئيس الوزراء السابق، بشير أتلاي، بينما تجرى نقاشات مع رئيس الوزراء التركي السابق، أحمد داود أوغلو.
يأتي هذا بينما بدأ أردوغان لقاءات مع قيادات العدالة والتنمية السابقة للحصول على دعمهم، وكان منهم اللقاء الذي أجراه مع أحد مؤسسي العدالة والتنمية، ونائب رئيس الوزراء السابق، بولنت أرينج، في المركز العام للحزب في العاصمة التركية أنقرة، تلته تصريحات لأرينج، رفض خلالها التصريح عن تفاصيل النقاشات التي جرت بين الطرفين.
ومما يشير إلى الاحتمالية العالية لترشح غول للرئاسة، التصريحات التي أدلى بها زعيم الحركة القومية، دولت بهجلي، في وقت متأخر من مساء أمس، بالقول: "هناك استراتيجية خبيثة للغاية لإعداد الرأي العام لترشح الرئيس السابق، عبد الله غول للرئاسة".
وفي حال تمكنت المعارضة من التوافق على غول مرشحاً مشتركاً بالدعم الذي يحوزه الأخير من قواعد العدالة والتنمية وقياداته التاريخية، فإنه سيكون رقماً صعباً للغاية في مواجهة طموحات أردوغان للفوز بمدة رئاسية جديدة ستمتد إلى 2023.
في غضون ذلك ورغم الابتعاد الإعلامي من قبل أحزاب المعارضة التركية عن التحاور والتحالف مع الشعوب الديمقراطي (الجناح السياسي للعمال الكردستاني) خوف اتهام التحالف المعارض بالإرهاب، إلا أن الاتصالات بين الشعب الجمهوري والشعوب الديمقراطي لا تزال مستمرة، إذ أن الأخير يرفض دعم ترشح أكشنر للرئاسة، مفضلاً على ذلك ترشح غول.
في غضون ذلك، أعلن رئيس الهيئة العليا للانتخابات التركية، سعدي غوفن، بأنه سيتم نشر التقويم الزمني للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة في 24 حزيران المقبل، يوم غد أو بعد غد، بعد أن يتم نشر التشريعات المتعلقة بالانتخابات في الجريدة الرسمية.