تختلف الآراء بين المواطنين والناشطين والصحافيين في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، على خلفية الإعلان عن آلية جديدة لتسريع تطبيق اتفاق الرياض الجديد بين الشرعية و"المجلس الانتقالي الجنوبي"، المدعوم إماراتياً.
وتضمن الآلية الجديدة إشراك المجلس في الحكومة، فضلاً عن تعيين عضو هيئة رئاسة المجلس، أحمد حامد لملس، في منصب محافظ عدن، فيما تم تعيين أحمد محمد الحامدي، بمنصب مدير شرطة المحافظة، وذلك مقابل تخلّي "الانتقالي" عن ما يسمى بـ"الإدارة الذاتية" للمحافظات الجنوبية التي كان قد أعلنها في إبريل/نيسان الماضي، وسحب قواته إلى خارج عدن.
ورحب كثر بهذا الاتفاق من جميع الأطراف، على اعتبار أنّ أكثر ما يتوق إليه المواطن في عدن استعادة المدينة لهدوئها، وتوقف حالة التوتر وعودة الخدمات، من دون أن يمنع ذلك من إبداء البعض تحفظهم على الأسماء التي ستتولى مهمات إدارة المحافظة.
في موازاة ذلك، تفيد معلومات حصل عليها "العربي الجديد" بأن عدداً من أنصار "المجلس الانتقالي" غير راضين عن هذا الاتفاق، على اعتبار أنه يخالف ما وعد به المجلس أنصاره في إقامة دولة الجنوب (أي العودة إلى ما كانت عليه الأوضاع قبل الوحدة عام 1990).
وبحسب معلومات "العربي الجديد"، فإنّ هناك ناشطين وصحافيين، وحتى مدنيين، بعثوا كثيراً من العتاب لقيادييهم، تتهمهم بـ"بيع القضية الجنوبية وخيانة أنصارهم مقابل عدد من المناصب"، في حين يرى آخرون من أنصار المجلس ما جرى "انتصاراً مرحلياً ومؤقتاً"، انتظاراً لاستحقاقات قادمة، وهو ما لمح إليه القيادي في المجلس لطفي شطارة، والذي نشر صورة لمحافظ عدن الجديد أحمد حامل لملس، وهو من حصة الانتقالي بموجب اتفاق الرياض، وعلّق قائلاً: "في كل اتفاق نقترب أكثر بخطوات سياسية أكبر نحو الهدف الذي ننشده .. خذ وطالب .. والسير بخطوات عقلانية وتعبيد الطريق بأقل الخسائر للوصول إلى تحقيق إرادة شعب الجنوب.. الهوة ستتقلص، بل يجب أن تتقلص بين الانتقالي وجنوبيي الشرعية من خلال آلية تنفيذ اتفاق الرياض ولجنوب يسعنا جميعاً".
في كل إتفاق نقترب أكثر بخطوات سياسية اكبر نحو الهدف الذي ننشده .. خذ وطالب .. والسير بخطوات عقلانية وتعبيد الطريق بأقل الخسائر للوصول إلى تحقيق إرادة شعب الجنوب .. الهوة ستتقلص بل يجب أن تتقلص بين الانتقالي وجنوبيي الشرعية من خلال آلية تنفيذ إتفاق الرياض ولجنوب يسعنا جميعا. pic.twitter.com/qnn8j4knXg
— Lutfi Shatara (@lutfshatara) July 29, 2020
وتقول الدكتورة هدى حسين، في حديثها مع "العربي الجديد"، إنها كمواطنة عاشت كل الأحداث في عدن خلال ست سنوات، "لم يمر يوم دون خوف، ورغم كمية اليأس إلا أننا نأمل من هذا الاتفاق أن يطبق فعلياً، وتتحد الشرعية والانتقالي، وأن يصدق الجميع، وخصوصاً السعودية والإمارات، لأنهم المؤثرون على الطرفين، والناس في عدن يريدون دولة وخدمات وأمانا، وعودة للحكومة، وتوقفا الحرب في المدينة، حتى تعود الناس لأعمالها. كفى معاناة من كل شيء، من حرب وأمراض وغيره".
من جهته، يرى أشرف نبيل، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه لا يهمه غير الأمان وعودة الخدمات والحصول على وظيفة لتأمين متطلبات الحياة، و"إذا كان هذا سيتحقق بهذا الاتفاق، فسنكون سعداء، وطالما كل هذا الذي جرى سببه البحث عن مناصب كان يجب أن ينتهي من سنوات، بدل تعذيب الناس وهذا القتل كل يوم".
في المقابل، لم يتفاءل مواطنون آخرون في عدن فيما يخص الأسماء التي أعلن عنها لتولي زمام الأمور، سيما المحافظ المعلن عنه أحمد حامل لملس، في ظل حديث البعض عن "سجله السيئ" في عدن عندما كان مسؤولاً محلياً في المدينة، وكان أحد أبرز الأشخاص الذين يعملون ضد الحراك الجنوبي في فترة الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
ويعتبر لملس أحد رجالات الرئيس السابق حتى انضمامه إلى المجلس الانتقالي.
لذلك تقول أم جمال عودة، في حديثها مع "العربي الجديد"، إنّ اختيار هذا الشخص لقيادة السلطة المحلية في عدن "لا يبشر بخير، والناس في عدن لا تحبه نظراً لسجله السيئ في الفساد، ودوره في عهد الرئيس السابق، وصمته على كل الجرائم والانتهاكات".
وتعتبر عودة أن لملس "ليس شخصاً قادراً على تحمل المسؤولية، وخصوصاً في مدينة كعدن"، لذلك ترى أن سماعها باسم هذا الشخص أصابها بالإحباط، فـ"الناس في عدن ستعاني بشكل مستمر".
وعلّق الناشط السياسي عبدالكريم قاسم، أحد أنصار الشرعية والمعارضين لسياسة الانتقالي، على ما خرج به حوار الرياض، قائلاً في منشور على صفحته في "فيسبوك"، إنّ "الفريق المفاوض من الانتقالي تعامل بمسؤولية واحتكم للعقل والموضوعية، وما تم التوافق عليه حتى الآن يصب في صالح الجميع، فلا تحملوا الانتقالي ما لا طاقة له به، ولا تستبخسوا ما قام به، فأي واحد غيره لن يقدم أكثر من ما قدم. باركوا هذا التوافق وشمروا السواعد لاستكمال ما تبقى من بنود اتفاق الرياض، ولتتضافر جهود الجميع لتطبيع الأوضاع ونشر الأمن والأمان وإعادة الإعمار، وترميم ما تمزق من نسيج اليمنيين، ولننظر إلى الأمام، ولا عودة إلى الخلف، ولنجدد روح التصالح والتسامح بين الجميع، والدنيا فانية ولا يبقى إلا وجه ربك الكريم، وكل عام واليمن واليمنيون في أحسن حال وأوفر بال".
أما الصحافي في عدن ماجد الداعري، المقرب من الانتقالي، فاعتبر، في منشوراته في "فيسبوك"، أنّ الانتقالي حقق مكاسب سياسية في هذا الاتفاق، لكنه أيضاً أكد أن "الكثير لم يستوعب أن الانتقالي أعلن تخليه عن الإدارة الذاتية. فكيف سيستوعبون الخطوات القادمة".
في الوقت نفسه، انتقد المحاصصة باعتبارها "تقصي باقي الشعب"، وقال إنّه تم تشكيل حكومة جديدة، تشمل وزراء وسفراء ومحافظين ووكلاء ومدراء، بذات نسب المحاصصة، فـ"مبروك الفرص لأتباع طرفي الاتفاق وهاردلك بقية الشعب".