يسود الترقب في تونس بشأن موعد الإعلان عن تركيبة الحكومة الجديدة، مع قرب نهاية أجل المشاورات وتحديد موعد عرضها على البرلمان التونسي للحصول على الثقة، وسط إجراءات استثنائية بسبب تزامنها مع العطلة البرلمانية للنواب.
ولا يفصل التونسيين سوى أيام عن الآجال الدستورية المتعلّقة بالإعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة، وينتظر أن يقدم وزير الداخليّة في حكومة تصريف الأعمال ورئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي، لرئيس الجمهورية قيس سعيد، قبل الثلاثاء المقبل، تركيبة حكومته المقترحة التي وصفها بـ "حكومة الكفاءات الوطنية المستقلّة تماماً".
وقالت أستاذة القانون الدستوري، وخبيرة الشؤون البرلمانية، منى كريم الدريدي، لـ"العربي الجديد"، اليوم الجمعة، إنّ "منح الثقة للحكومة سيتم في ظرف استثنائي خلال العطلة البرلمانية لمجلس نواب الشعب، مما يتطلب الدعوة لدورة برلمانية استثنائية لقطع العطلة"، موضحة أنّ الدستور يمكّن من دعوة المجلس التشريعي للانعقاد في ظروف استثنائية.
وأشارت إلى أنّ رئيس الجمهورية يحق له أن يطلب ذلك بحسب الفصلين 57 و89 من الدستور التونسي.
وحول الآجال والإجراءات، بينت الدريدي أنّ رئيس الجمهورية كلّف المشيشي بتشكيل حكومة جديدة، في 25 يوليو/ تموز الماضي، عقب قبوله استقالة رئيس الحكومة، إلياس الفخفاخ، في 15 يوليو/ تموز، فيما المشاورات انطلقت منذ 26 يوليو/ تموز، بما يفيد نهاية آجال تكوين الحكومة يوم الثلاثاء 25 أغسطس/ آب، بانقضاء الشهر الذي نص عليه الدستور.
ولفتت الخبيرة التونسية إلى أن النظام الداخلي للبرلمان ينصّ في فصله 45 على أن مكتب المجلس يجتمع في غضون يومين وبدعوة من رئيس البرلمان، بعد تلقيه الملف المتضمن لطلب عقد جلسة عامة للتصويت على منح الثقة للحكومة، وقائمة أعضاء الحكومة وسيرهم الذاتية التي ستوزع على النواب، إلى جانب طلب عقد دورة استثنائية، ويستوجب القانون الداخلي على مكتب البرلمان أن يحدد موعد الجلسة العامة في أجل أسبوع من اجتماعه.
وشددت الدريدي على أنّ موعد الجلسة العامة لمنح الثقة للحكومة لن يتجاوز في أقصى الحالات الأسبوع الأول من شهر سبتمبر/ أيلول المقبل، مشيرة إلى أن التصويت على الحكومة المقترحة خلال الجلسة العامة سيكون وفق مقتضيات الفصلين 142 و143 من النظام الداخلي للبرلمان في شكل تصويت وحيد على كامل أعضاء الحكومة المقترحة والحقائب المسندة لكل عضو.
موعد الجلسة العامة لمنح الثقة للحكومة لن يتجاوز في أقصى الحالات الأسبوع الأول من شهر سبتمبر/ أيلول
وأكدت كذلك أنه يشترط لنيل الحكومة ثقة المجلس الحصول على موافقة الأغلبية المطلقة من النواب، أي ما لا يقل عن 109 أصوات من مجموع 217 نائباً.
وذكرت وسائل إعلام محلية أنّ المشيشي مدّ الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بالقائمة الكاملة لأسماء الشخصيات المرشحة لمناصب وزارية في حكومته المرتقبة، مشيرة إلى أن الهيئة تعمل على التثبت من خلوها من شبهات فساد على أن تمده، اليوم الجمعة، بتقرير مفصل حولهم.
وتناقل التونسيون تسريبات عن تركيبة حكومة المشيشي المنتظرة وتضم 25 حقيبة وزارية يقودها مستقلون غالبيتهم من الكوادر الإدارية غير المعروفين في الوسط السياسي وللرأي العام.
وعلاوة على ما نقلته التسريبات عن شكل الحكومة المصغرة، فإنّ ملامحها تكشف عن تجميع وزارات في أقطاب وزارية وفصل وإلغاء حقائب كانت موجودة خلال الحكومات المتعاقبة، إلا أنّ المكتب الإعلامي للمشيشي نفى التسريبات المتعلقة بالحكومة المقبلة، والتي تضمنت معطيات حول هيكليتها وتركيبتها.
وأكد، في بيان رسمي، أنّ ما تم تداوله لا يعتد به ولم تصدر عنه أو عن أي طرف مؤهل للإدلاء بأي معطيات في هذا الخصوص.
كما أوضح أنّ "الإعلان عن هيكلية وتركيبة الحكومة المقبلة سيتم من طرف المشيشي في إطار الالتزام المطلق بالصيغ والآجال الدستورية".
ويرى مراقبون أنه بعيداً عن صحة التسريبات من عدمها، فإنّ المشيشي قد أنهى مشاوراته وأعد تركيبة حكومته المقترحة التي سيعرضها على الرئيس، وستكون "حكومة كفاءات وطنية مستقلّة تماماً"، كما قال في تصريح إعلامي سابق، والتي يعتبرها "الصيغة الأمثل لتكوين حكومة، تتوفّر في أعضائها شروط النجاعة والنزاهة والجاهزيّة وتكون قادرة على العمل في تناغم، لتحقيق أهداف برنامجها"، وفق قوله.
من جانب آخر، انتقد وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية والتجهيز بالنيابة، والقيادي في حزب "التيار الديمقراطي" غازي الشواشي، تمسك المشيشي بتكوين حكومة كفاءات مستقلة.
وقال الشواشي في تدوينة على حسابه بموقع "فيسبوك" إنّ "حكومة تكنوقراط قد تتسبب في انفجار اجتماعي وإفلاس اقتصادي وانفلات أمني يأتي على الأخضر واليابس وينسف مسار الانتقال الديمقراطي برمته".
من جانبه، سخر رئيس كتلة "ائتلاف الكرامة" سيف الدين مخلوف، من التركيبة الحكومية المسربة، قائلاً، في تدوينة على صفحته الرسمية في "فيسبوك": "كل التسريبات تقول بأن حكومة السيد المشيشي ستكون مكونة أساسا من كفاءات تجمعية (نسبة لحزب التجمع المنحل) مستقلة وسيتم تطعيمها بغواصات من حزبي تحيا تونس والبديل".
من جهتها، قالت النائب بالبرلمان والقيادية في "حركة النهضة" يمينة الزغلامي، في تصريح لإذاعة "ديوان أف أم"، إنّ الحركة ضد مسألة دمج أو فصل بعض الوزارات في صورة ما اعتمد المشيشي ذلك في حكومته المرتقبة، مشيرة إلى أن فصل ودمج بعض الوزارات ساهم في إنهاك الإدارة التونسية وتسبب في العديد من الأعباء المالية التي كنا في غنى عنها.
وشددت الزغلامي على أن "النهضة لن يكون لها فيتو على الكفاءات التي تثبت استقلاليتها، لكنها سترفعه إذا ما ثبت عدم استقلالية هذه الكفاءات وارتباطها ببعض الأحزاب".
وبخصوص مسألة دعم حكومة المشيشي من عدمها، أفادت الزغلامي بأنّ "النهضة ستعود إلى مؤسساتها وستدرس الخيار الذي تراه صالحاً لتونس".
وفي السياق، دعا المكتب التنفيذي لحركة "النهضة"، مجلس الشورى، للانعقاد لتقديم تقرير حول مشاورات التشكيل الحكومي، ولاتخاذ قرار إزاء مشروع الحكومة المقترحة.