تخيّم أجواء الترقب والخوف على محافظة كركوك العراقية، بعد التحركات العسكرية التي شهدتها من قبل القوات العراقية ومليشيات "الحشد الشعبي" من جهة، والبشمركة من جهة أخرى، وسط مخاوف من صدام عسكري وشيك، بينما تعقد القيادات الكردية اجتماعاً للخروج بموقف إزاء الأزمة.
وقال مسؤول سياسي مطلع لـ"العربي الجديد" إنّ "رئيس الحكومة حيدر العبادي اتخذ قراراً بإعادة السيطرة على المناطق المتنازع عليها في كركوك وغيرها من المناطق، بناءً على التخويل الذي منحه البرلمان له"، مبيّناً أنّ "التعزيزات العراقية من الشرطة الاتحادية التي وصلت إلى جنوب محافظة كركوك كبيرة جداً".
وأضاف أنّ "قرار السيطرة على تلك المناطق وانتزاعها من البشمركة قرار لا عودة فيه، لكنّ العبادي ينتظر ما ستؤول إليه الحوارات الجارية مع قادة الإقليم، وطروحاتهم الجديدة"، مبيناً أنّه "في حال لم يتخذ قادة الإقليم أي خطوات لحل الأزمة فإن القوات ستتحرك نحو كركوك والمناطق الأخرى".
إلى ذلك، نقلت "فرانس برس" عن مسؤول كردي رفيع، أن القوات العراقية أمهلت المقاتلين الأكراد حتى مساء السبت للانسحاب إلى مواقعهم قبل عام 2014 في محافظة كركوك الغنية بالنفط.
وقال المسؤول الكردي الذي رفض الكشف عن اسمه "إن المهلة ستنتهي منتصف ليل السبت الأحد، وتقضي بانسحاب قوات البشمركة إلى مواقعها قبل 6 يونيو/ حزيران 2014 وتسليم القواعد العسكرية والأمنية والمؤسسات النفطية إلى الحكومة الاتحادية".
من جانبه، قال قائممقام سنجار، محما خليل لـ"العربي الجديد"، إنّ "تحرّك الحشد الشعبي والجيش في كركوك جاء تنفيذاً لأوامر من إيران، وبتوجيهات منها لخلق الفوضى في العراق"، مبيناً أنّ "إيران تطمح لأن تكون اللاعب الأساسي في المنطقة، وأن تسيطر عليها من خلال نشر الفوضى في كردستان".
وأضاف "هناك توجيه إيراني بتدمير مناطق كردستان كما دمرت المناطق السنية"، موضحاً أنّ "الحكومة تنفي في الإعلام وجود نية للحرب، لكن الخطوات المتخذة هي خطوات حرب، على الرغم من خطوات الإقليم الديمقراطية والدستورية والرغبة بالحوار".
وأشار إلى أنّ "الإقليم أراد نقل رسائل إيجابية، لكن بغداد غير قادرة على إيجاد حل لأنها تنفذ أجندات من خارج الحدود"، محملاً الولايات المتحدة الأميركية جزءاً من المسؤولية كونها "قصرت بشكل واضح ولم تقم بواجبها في هذه الأزمة، كما أنّ الأمم المتحدة مقصرة بواجباتها".
وأشار إلى أنّ "الجيش العراقي للأسف أصبح لطائفة واحدة والحشد معه يتلقى أوامره من الخارج، والتي لا تصب في مصلحة العراق"، مؤكداً أنّ "الشعب الكردي على مر التاريخ يدافع عن ترابه ولا نقبل بذلك وسنتصدى لأي تهديد".
وكان رئيس الجمهورية فؤاد معصوم قد وصل أمس إلى السليمانية، وعقد اجتماعاً مع قيادات حزب الطالباني، بشأن الأزمة، لكن التسريبات أكّدت أن الاجتماع لم يفض إلى أي نتائج حتى الآن.
من جهته، أكد القيادي في حزب البارزاني، هوشيار قادر، أنّ "قيادات الأحزاب الكردية بصدد عقد اجتماع اليوم لبحث أزمة التحرك العسكري العراقي". وقال قادر خلال حديثه مع "العربي الجديد"، إنّ "التحركات العسكرية التي قامت بها القوات العراقية وقوات الحشد هي بمثابة إعلان حرب، لكنّ تعقل الجانب الكردي هدّأ الوضع قليلاً".
وأضاف أنّ "الوضع في كركوك يشهد ترقباً حذراً، وسط مخاوف من خروج الوضع عن السيطرة"، مبيناً أنّ "قيادات الأحزاب الكردية ستعقد اليوم اجتماعاً مهماً لبحث هذه الأزمة وتداعياتها، واتخاذ القرار المناسب لذلك، وفقاً لرؤيا مشتركة من قبلها".
في غضون ذلك، دعا قائد مليشيات "الحشد الشعبي" هادي العامري، قوات البشمركة إلى "الانسحاب من المناطق التي كانت تحت سيطرة القوات العراقية قبل دخول داعش".
وقال العامري، في كلمة له في وقت متأخر من ليل أمس، خلال تفقده قوات "الحشد" القريبة من كركوك، إنّ "تلك المناطق لم تقع تحت سيطرة داعش، وإنّ قوات البشمركة سيطرت عليها نتيجة للظروف الاستثنائية التي كان يعيشها الجيش العراقي آنذاك".
وشدّد على أنّ "إعادة تلك المناطق هي من واجب القوات العراقية".
وشهدت أزمة بغداد – أربيل تطوراً متسارعاً يوم أمس، بعدما تحرّكت قوات عراقية ومن مليشيات "الحشد الشعبي" نحو مناطق خاضعة لسيطرة البشمركة في محيط كركوك، وسيطرت على قريتين، بعد أن انسحبت منهما البشمركة من دون قتال، بينما عززت قوات البشمركة من وجودها في كركوك، خوفاً من هجوم تلك القوات عليها.
وكان وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، قد أكّد أمس أنّ واشنطن تراقب الوضع في كركوك باهتمام، وتعمل على منع وقوع أي نزاع بعيداً عن الطاولة.