تنحدر من وسط برجوازي وطني تقليدي، وكانت بين قلة قليلة من المغربيات اللائي ولجن المدرسة في فترة الاحتلال الفرنسي، وتدرّجت في أسلاك التعليم الحر، الذي كانت الحركة الوطنية قد أنشأته ليكون مشتلاً لتعليم أبناء المغاربة، ممن كانت لأوليائهم نظرة مناوئة للتعليم الفرنسي.
من مدينة فاس، ستنتقل إلى الرباط ومنها إلى جامعة السوربون الباريسية، قبل أن تشد الرحال إلى الولايات المتحدة الأميركية، لاستكمال تحصيلها العلمي الأكاديمي.
في ثمانينيات القرن الماضي، عادت المرنيسي من الولايات المتحدة إلى المغرب، لتلتحق بسلك التدريس في "جامعة محمد الخامس"، حيث ستشكّل، إلى جانب محمد جسوس وعبد الكبير الخطيبي، علامات فارقة في مدوّنة تجديد الدرس السوسيولوجي داخل الجامعة المغربية، إن بتنويع مقارباته وجعلها منفتحة على كل ما كان يعتبر مناطق ظل وحساسية، أو من خلال منح هذا الخطاب جرأة تحليلية زائدة في معالجة عدد من القضايا غير المطروقة داخل بنيات المجتمع المغربي والعربي التقليدية على حد سواء.
وقد اعتُبر انفتاح هذه المجموعة، العلمي الهادئ والرّصين والمبكّر، على عدد من الإشكالات التي تناقش قضايا الدين والمرأة والتعليم والسياسة والاقتصاد الاجتماعي، وغيرها من المواضيع الشائكة، خطوة متقدّمة وجريئة، تنحاز إلى إثارة قضايا معرفية كانت وما تزال بحاجة إلى نظرة متجدّدة ومجتهدة، تسعى إلى مواكبة مشاكل العصر وتجيب عن عدد من أسئلته المحرجة.
وعلى الرغم مما عرف عنها من جرأة واضحة وانحياز مطلق لقضايا المرأة، بدرجة أولى، في علاقتها بمنظومة الفكر الإسلامي، وارتباط ذلك الوثيق بالتأسيس لخطاب سوسيولوجي نقدي يستحضر قضايا المجتمع المدني وحقوق الإنسان في بعدهما الإنساني، إلا أن المرنيسي ظلت متشبعة بتلك الروح المنفتحة والمتواضعة، التي تفتح جسور الحوار والتواصل العلمي مع مختلف الفرقاء المنشغلين بما كانت تسعى إلى تكريسه من رؤى وقناعات، وهو المشروع الذي كان ينطلق من خصوصية البيئة العربية الإسلامية، في أفق مواءمتها مع ما ينتجه الآخر المتقدّم من أفكار، تساعد على التأسيس لمواطنة عربية كاملة وغير منقوصة.
وفي سبيل تحقيق هذا الطموح، لم تكن الراحلة، على عكس كثير من الباحثين المغاربة والعرب، تكتفي بالإقامة في ما يمكن اعتباره منطقة مجتمعية محايدة، وإنما كانت تسهم فعلياً في مختلف التظاهرات الاحتجاجية التي كان يشهدها المغرب، من حين إلى آخر، سواء كانت حقوقية أو اجتماعية أو سياسية، مما كرّسها واحدة من الوجوه المثقفة التي تحظى باحترام وتقدير الجميع.