ترامواي الجزائر... نقل مريح وتخفيف ازدحام

13 نوفمبر 2018
ركاب كثر يستخدمونه (العربي الجديد)
+ الخط -

طويلاً انتظرت الجزائر شبكة الترامواي، وها هي تنشط أخيراً في نشر خطوطه من العاصمة إلى مختلف جهات البلاد. يقبل المواطنون على وسيلة النقل هذه لرخصها وعدم تأخرها في الوصول، ولعلها تخلص البلاد من الازدحام
أكثر من أي وقت، برزت أخيراً أهمية ترامواي العاصمة الجزائرية خلال الصالون الدولي للكتاب (25 أكتوبر/ تشرين الأول - 10 نوفمبر/ تشرين الثاني) في المنطقة المخصصة لإقامة المعارض الكبرى، والتي لا تتوافر فيها خطوط نقل مباشرة، في ما عدا الترامواي الذي يمر بالقرب منها، فاستحدثت محطة خاصة للزائرين المتوجهين إلى منطقة المعارض، انطلاقاً من منطقة المعدومين، وسط العاصمة، أو من مناطق أخرى، كباب الزوار ودرقانة في الضاحية الشرقية للعاصمة.

في محطة المعدومين (الشهداء) بحي رويسو، وسط العاصمة الجزائرية، لوحظت الأعداد الكبيرة للمسافرين المتوجهين في الغالب إلى محطة قصر المعارض خلال هذه الفترة. بلال عيساني، جاء من منطقة البليدة، قرب العاصمة الجزائرية، برفقة مجموعة من زملائه الطلاب الجامعيين. لم يجد بلال ورفاقه من وسيلة نقل إلى المعرض أفضل من الترامواي. قال لـ"العربي الجديد"، إنّ "الترامواي أفضل وسيلة نقل إلى معرض الكتاب، وسعره مناسب، نحن طلاب ولا يمكننا أن نستقل سيارة تاكسي، كما أنّ الترامواي الذي يشق شارع حسين داي والمحمدية وغيرهما، أسهل، ولا ازدحام يعيقه، ولذلك نفضل استعماله كلّ سنة في مثل هذه المناسبة".



قبل استقلال الجزائر، كان قلب العاصمة يضم خطوطاً للترامواي القديم. تظهر كثير من الصور والفيديوهات عربات الترامواي وهي تمر عبر الطريق البري المركزي وساحة بورسعيد وساحة الشهداء، لكنّ الحكومة الجزائرية فضلت في أعقاب الاستقلال مباشرة إزالة الخطوط. لم تكن الجزائر تملك المقدرات لتشغيله، ولم تكن هناك حاجة كبيرة للإبقاء عليه، لكنّ كثيراً من المهتمين يعتبرون أنّ قرار إزالة الترامواي القديم كان خطأ لا يغتفر، كونه حرم العاصمة الجزائرية من وسيلة نقل يمكن أن تخفف الازدحام، خصوصاً مع الكثافة السكانية التي شهدتها العاصمة منذ بدأ الزحف السكاني إليها في سنوات السبعينيات والثمانينيات.

عام 2007، قررت الحكومة إنشاء خطوط نقل بالترامواي في العاصمة. لم يكن وسط العاصمة والشوارع الرئيسية فيها تسمح بذلك، ما دفع الحكومة إلى التفكير في خطوط نقل بالترامواي تربط الضواحي الشرقية بوسط العاصمة، حتى منطقة رويسو، قبل سبعة كيلومترات من قلب العاصمة، ما يسمح بفك الخناق عن الضاحية الشرقية وربطها بوسط العاصمة أيضاً عبر محطة أخرى للمترو الذي يمرّ تحت المحطة الرئيسية للترامواي. وفي مايو/ أيار 2011، بدأ العمل الفعلي في أول خط نقل للترامواي بين العاصمة ومنطقة برج الكيفان في الضاحية الشرقية، كخطوة أولى قبل توسعتها حتى منطقة درقانة في الضاحية الشرقية على مسافة 23 كيلومتراً وبـ38 محطة.

قبل سنوات، كان التنقل من منطقة درقانة نحو وسط العاصمة صعباً وشاقاً، إذ تبعد المنطقة عن وسط العاصمة 23 كيلومتراً، لكنّ المفارقة أنّ هذه المسافة القصيرة تحتاج إلى ساعتين للوصول بسبب الازدحام المروري، وقلة وسائل النقل السريعة، ومشاكل النقل العام. كان الأمر عبارة عن سفر يومي، بل كان سكان المنطقة التي تحمل اسم امرأة صالحة معروفة بكرمها، يعيشون عزلة تامة، فالحافلات المهترئة تتوقف عن خدمة النقل بعد السادسة مساء. تنفس السكان الصعداء في السنوات الأخيرة بفضل الترامواي الذي بات يتيح لهم الوصول في وقت قصير إلى العاصمة وبسعر تذكرة لا يتجاوز 40 ديناراً (0.33 دولار)، فضلاً عن توفير بطاقات الركوب الشهرية المخصصة للموظفين وتلاميذ الثانوي وطلاب الجامعات. كذلك ربط الترامواي عدة أحياء كانت تعيش على هامش المدينة لعقود من الزمن ببعضها البعض. ولم يساهم ترامواي العاصمة في تخفيف عزلة منطقة درقانة وغيرها من المناطق عن العاصمة فقط، لكنّه شجع أيضاً السكان على الاستقرار، إذ تحولت المنطقة إلى ورشات بناء وشهدت إنجاز عدد كبير من الأحياء السكنية.



تشير إحصائيات شركة النقل بالمترو والترامواي الحكومية، إلى أنّ 21 مليون شخص في العاصمة الجزائرية استخدموا الترامواي للتنقل عام 2017. وساهم الترامواي في استغناء كثير من السكان عن استخدام سياراتهم الخاصة، ما يقلل من الاكتظاظ المروري في الطرقات.

تسعى الحكومة الجزائرية إلى ربط خط الترامواي ببعض المنشآت الحيوية لتحسين خدمة النقل، اذ يجري في الوقت الحالي إنشاء خط إلى مطار الجزائر الدولي، لتمكين المسافرين من الوصول والتنقل من المطار وإليه في ظروف أفضل. كذلك، نقلت الحكومة مشروع الترامواي إلى 17 مدينة في شرق وغرب وجنوب الجزائر، بعضها دخل فعلياً إلى الخدمة كترامواي وهران (غرب)، الذي ساعد في نقل 12 مليون راكب عام 2017، وترامواي قسنطينة (شرق)، الذي نقل 8 ملايين راكب في السنة نفسها، بالإضافة إلى ترامواي ورقلة (جنوب).

ويجري إنجاز خطوط في مدن مستغانم وتلمسان (غرب)، وباتنة وعنابة وبجاية وسكيكدة وتبسة (شرق)، والبليدة والجلفة (وسط)، وبشار (جنوب).