16 نوفمبر 2024
ترامب... "الانتقالي"
لم يعد "جدار المكسيك" تفصيلاً بالنسبة إلى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بل يُفترض أن يكون خطوةً أولى تُدشّن عهداً متعباً لدول الجوار والعالم. لا يريد ترامب، كما يوحي حتى الآن، الخروج من تعهّداته وشعاراته الانتخابية، بل "وعد" الكونغرس بأنه "سيكون الكونغرس الأكثر عملاً في تاريخ البلاد". يتضح الدور الذي ينوي الرئيس الـ 45 للولايات المتحدة تأديته في المرحلة المقبلة: المرحلة الانتقالية، لا بين الرئيس السابق باراك أوباما ورئيس آتٍ، بل بين حقبتين مختلفتين تماماً، يُراد بها تغيير دفّة السفينة الأميركية بقوة، وبنسبة 180 درجة.
في هذه المرحلة الانتقالية بين أمس والغد، يبدو ترامب كـ"الجندي القذر"، أو القبطان ذي العصبة التي تغطي إحدى عينيه، المُفترض أن يقوم بكل شيء من أجل إعادة السطوة للحزب الجمهوري أولاً، وللتيار المحافظ ثانياً، تحت شعار "جعل أميركا عظيمة مجدّداً"، ولو اقتضى الأمر استخدام أساليب، لم يجرؤ غلاة الجمهوريين والديمقراطيين على التفكير بها حتى. جدياً، لم يكن ترامب ليتوقع بأن يكون رئيساً للولايات المتحدة، ولو أنه حلم بذلك، لكنه الآن وفي منصبه هذا، يريد الاستفادة إلى أقصى حدّ ممكن، ففرصة السكن في البيت الأبيض تأتي مرة في العمر، اسألوا آل غور وميت رومني وجون ماكين وغيرهم.
كل العناوين المتطرّفة التي يريد ترامب ترجمتها هي فعلياً عناوين أساسية للحزب الجمهوري، أو بنود سرية، لم يرغب قادة الحزب في التعبير علناً عن تمسكهم بها. ولو لم يكن الأمر هكذا لكانوا قد حرموا ترامب من الترشح باسم الحزب الجمهوري العام الماضي، ولتركوه يعاني، كمرشح مستقل رئاسياً كما هدّد.
وقد يكون تقاطع المصالح بين الحزب الجمهوري وروسيا ضرورياً في هذه الفترة. الأمر أشبه بهدنة مؤقتة، ريثما تكتمل العملية الانتقالية الأميركية. روسيا "تتفهّم" ذلك، فأمامها مرحلة انتقالية مقبلة أيضاً، في عام 2018، بين إعادة انتخاب الرئيس فلاديمير بوتين واستضافة كأس العالم لكرة القدم. تلاقي المصالح الحتمي هنا، يعزّز فرضية التدخّل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية. لكنها صفحةٌ وستُطوى قريباً.
عليه، يبدو الجدار مع المكسيك في غاية الأهمية لترامب وللجمهوريين، فنجاحه سيُشكّل زخماً للقرارات العتيدة، وفشله سيُعرقل مسارها. وترامب لا يبدو، أقلّه حتى الآن، شخصاً يخشى المخاطرة، بل على العكس، ففي شخصية الرجل ما يجعل من الصعب التنبؤ ببعض تصرفاته. يريد ترامب، وخلفه الحزب الجمهوري، ترجمة أكبر عدد ممكن من وعوده الانتخابية، انطلاقاً من الجدار، لكن الجدار مجرد محطة أمام ما يريد ترامب فعله.
ما يريده الرئيس الأميركي في الواقع هو إعادة رسم الخريطة الاقتصادية العالمية. أظهر الرجل اهتمامه ببحر الصين الجنوبي، حيث يمرّ خمس التجارة العالمية سنوياً. كما أشعل الجدال في الداخل البريطاني في قضية خروج لندن من الاتحاد الأوروبي، مع تكريسه دور الشريك البريطاني التقليدي لأميركا. دائماً ما حافظت بريطانيا على موقعها المقرّب من الأميركيين، على الرغم من تغيّر الاستراتيجيات والقادة. الأبعاد الجيوسياسية والاقتصادية الأميركية ـ البريطانية أقوى من البيت الأبيض و10 داوننغ ستريت.
تلك الخريطة الاقتصادية يفسّرها ترامب على أنها تمنح الأولوية للأميركيين أولاً، بعد أن كان الجميع مشاركاً فيها. سيكون "الحلم الأميركي" صعباً بعض الشيء، وفقاً لقواعد ترامب الجديدة، لكنه سيكون محصّناً، إذا كان الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (المصرف المركزي) مؤيداً له. تأييد الأخير ضروري لأي رئيس في أي عملية اقتصادية نوعية، تماماً كما حصل في الأزمة المالية لعام 2008، ومسألة "الرهن العقاري"، وصولاً إلى "أوباما كير" (نظام الرعاية الصحية الذي وضعه أوباما).
بالتالي، من يتشبّث ببناء جدار بطول 3201 كيلومتراً مع المكسيك لن يألو جهداً في مواصلة "إعادة التموضع" الأميركي، حتى يحكم الرئيس الـ46 بحسب القواعد المنبثقة من مرحلة ترامب الانتقالية.
كل العناوين المتطرّفة التي يريد ترامب ترجمتها هي فعلياً عناوين أساسية للحزب الجمهوري، أو بنود سرية، لم يرغب قادة الحزب في التعبير علناً عن تمسكهم بها. ولو لم يكن الأمر هكذا لكانوا قد حرموا ترامب من الترشح باسم الحزب الجمهوري العام الماضي، ولتركوه يعاني، كمرشح مستقل رئاسياً كما هدّد.
وقد يكون تقاطع المصالح بين الحزب الجمهوري وروسيا ضرورياً في هذه الفترة. الأمر أشبه بهدنة مؤقتة، ريثما تكتمل العملية الانتقالية الأميركية. روسيا "تتفهّم" ذلك، فأمامها مرحلة انتقالية مقبلة أيضاً، في عام 2018، بين إعادة انتخاب الرئيس فلاديمير بوتين واستضافة كأس العالم لكرة القدم. تلاقي المصالح الحتمي هنا، يعزّز فرضية التدخّل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية. لكنها صفحةٌ وستُطوى قريباً.
عليه، يبدو الجدار مع المكسيك في غاية الأهمية لترامب وللجمهوريين، فنجاحه سيُشكّل زخماً للقرارات العتيدة، وفشله سيُعرقل مسارها. وترامب لا يبدو، أقلّه حتى الآن، شخصاً يخشى المخاطرة، بل على العكس، ففي شخصية الرجل ما يجعل من الصعب التنبؤ ببعض تصرفاته. يريد ترامب، وخلفه الحزب الجمهوري، ترجمة أكبر عدد ممكن من وعوده الانتخابية، انطلاقاً من الجدار، لكن الجدار مجرد محطة أمام ما يريد ترامب فعله.
ما يريده الرئيس الأميركي في الواقع هو إعادة رسم الخريطة الاقتصادية العالمية. أظهر الرجل اهتمامه ببحر الصين الجنوبي، حيث يمرّ خمس التجارة العالمية سنوياً. كما أشعل الجدال في الداخل البريطاني في قضية خروج لندن من الاتحاد الأوروبي، مع تكريسه دور الشريك البريطاني التقليدي لأميركا. دائماً ما حافظت بريطانيا على موقعها المقرّب من الأميركيين، على الرغم من تغيّر الاستراتيجيات والقادة. الأبعاد الجيوسياسية والاقتصادية الأميركية ـ البريطانية أقوى من البيت الأبيض و10 داوننغ ستريت.
تلك الخريطة الاقتصادية يفسّرها ترامب على أنها تمنح الأولوية للأميركيين أولاً، بعد أن كان الجميع مشاركاً فيها. سيكون "الحلم الأميركي" صعباً بعض الشيء، وفقاً لقواعد ترامب الجديدة، لكنه سيكون محصّناً، إذا كان الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (المصرف المركزي) مؤيداً له. تأييد الأخير ضروري لأي رئيس في أي عملية اقتصادية نوعية، تماماً كما حصل في الأزمة المالية لعام 2008، ومسألة "الرهن العقاري"، وصولاً إلى "أوباما كير" (نظام الرعاية الصحية الذي وضعه أوباما).
بالتالي، من يتشبّث ببناء جدار بطول 3201 كيلومتراً مع المكسيك لن يألو جهداً في مواصلة "إعادة التموضع" الأميركي، حتى يحكم الرئيس الـ46 بحسب القواعد المنبثقة من مرحلة ترامب الانتقالية.