تراجع مدريد عن استرداد بيغديمونت ورفاقه... لتسهيل انتخابات كتالونيا

06 ديسمبر 2017
مؤتمر صحافي للمرشحين الانفصاليين للانتخابات (باو بارينا/فرانس برس)
+ الخط -


تراجعت مدريد خطوة إلى الوراء في معركتها القضائية ضد مسؤولي إقليم كتالونيا المقالين الذين أعلنوا انفصال الإقليم عن إسبانيا بعد إجراء استفتاء وبته في البرلمان المحلي أوائل شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مع إعلان المحكمة العليا الإسبانية أمس الثلاثاء سحب مذكرة التوقيف الأوروبية بحق رئيس إقليم كتالونيا المقال كارليس بيغديمونت وأربعة من وزرائه السابقين الذين فروا إلى بلجيكا بعد إعلان الانفصال، وهي خطوة أظهرت أن المعركة الأكبر ستكون في انتخابات الإقليم المقررة في 21 ديسمبر/كانون الأول الحالي، والتي أعلن الزعماء الانفصاليون مشاركتهم فيها، فيما تنتظر مدريد عودتهم لإلقاء القبض عليهم.

قرار المحكمة العليا الصادر أمس، كان مفاجئاً، خصوصاً أن بلجيكا لا تزال تنظر في تسليم بيغديمونت وأربعة من وزرائه السابقين المتواجدين على أراضيها، إلا أنه أظهر أن مدريد تتخوّف من رفض بروكسل بعض أسباب مذكرة التوقيف الأوروبية، ما سيمنح هؤلاء نصراً قضائياً، على الأقل إعلامياً، وبالتالي سيرفع من حظوظهم في الفوز بالانتخابات المحلية في كتالونيا في مواجهة أحزاب السلطة، ما يجعل الأخيرة في موقف حرج، على الرغم من إبقائها على قرار توقيف هؤلاء فور عودتهم إلى الأراضي الإسبانية.

وقالت المحكمة الإسبانية في بيان أمس، إن القاضي المكلف القضية بابلو يارينا، قرر سحب مذكرة التوقيف الأوروبية بعد أن أعلن الخمسة رغبتهم في العودة إلى إسبانيا للمشاركة في انتخابات الإقليم في 21 ديسمبر/كانون الأول الحالي. لكن القاضي أبقى في المقابل على مذكرة التوقيف الإسبانية، وبالتالي سيتعرض الخمسة للتوقيف في حال عودتهم إلى إسبانيا. وقال يارينا مبرراً قراره إن من شأن المذكرة الأوروبية أن تعقّد التحقيق بحق القادة الكتالونيين الذين لا يزال عدد منهم في إسبانيا، سواء كانوا في السجن أو أطلق سراحهم بكفالة، فيما تقوم السلطات بالتحقيق معهم بتهمة العصيان والتحريض وإساءة استخدام الأموال العامة. وأشار إلى أن بلجيكا قد ترفض بعض أسباب المذكرة، ما سيؤدي إلى تباين "جوهري" في معالجة المتهمين، إذ سيواجه الذين بقوا في إسبانيا عقوبات أشد من عقوبات الذين غادروا البلاد، مع الأخذ بكل التهم الموجهة إليهم.

وجاء قرار المحكمة العليا غداة مثول بيغديمونت ووزرائه الأربعة السابقين، أمس الأول الإثنين أمام القضاء البلجيكي الذي كان ينظر في مذكرات التوقيف بحقهم، وقرر تأجيل النظر بالقضية إلى 14 من الشهر الحالي. وكان باول بيكيرت، محامي بيغديمونت، قال للصحافيين بعد جلسة الإثنين في بلجيكا، إن موكله والوزراء السابقين لا يخضعون للعقوبات في بلجيكا، ولذلك فإن طلب إعادتهم لا يستند إلى أساس قانوني، مؤكداً أنه لفت أمام المحكمة إلى مخاطر حرمانهم من حقوق الإنسان في إسبانيا. كذلك فإن حجة "انتهاك حقوقهم" في حال تسليمهم، رددها المحامي عن المتهمين كريستوف مارشان الإثنين، وهو ما بدا أساساً يقوم عليه الدفاع عن هؤلاء لمنع تسليمهم إلى مدريد.


كذلك جاء قرار المحكمة الإسبانية أمس فيما تنطلق رسمياً حملة الانتخابات الكتالونية، وقد خاطب بيغديمونت أنصاره في الإقليم مساء الاثنين عبر اتصال بالفيديو. ودعت مدريد إلى الانتخابات المبكرة بعد إعلان قادة الإقليم استقلاله في 27 نوفمبر/تشرين الثاني، وأقالت الحكومة وعلّقت الحكم الذاتي للإقليم. وتأمل مدريد أن تساهم الانتخابات في إعادة الوضع إلى طبيعته في المنطقة. لكن 12 من أعضاء الحكومة السابقة المقالة الـ14 مرشحون للانتخابات وبينهم بيغديمونت الذي أعلن أنه في حال فوزه سوف يستعيد مهامه بصفته "الرئيس الشرعي" للسلطة التنفيذية الكتالونية. وإضافة إلى بيغديمونت، يبرز نائبه المقال أوريول جونكيراس، الذي قرر القضاء الإسباني الإثنين أن يبقيه مع ثلاثة متهمين آخرين في السجن الاحترازي.

ومن المتوقع أن يهيمن سحب المذكرة الأوروبية بحق بيغديمونت ووزرائه، إضافة إلى الحكم الصادر بإبقاء جونكيراس الذي تتوقع استطلاعات الرأي فوز حزبه "اليسار الجمهوري في كتالونيا" في الانتخابات المحلية، والمتهمين الثلاثة الآخرين في السجن، على حملة الانتخابات. فكل من "اليسار الجمهوري في كتالونيا" وقائمة بيغديمونت "معاً من أجل الـنعم" وحزب "ترشيح الوحدة الشعبية" الصغير من اليسار المتطرف يخوض حملة انتخابية منفصلة ولو أنهم يتّحدون للمطالبة بإطلاق سراح "السجناء السياسيين" والتنديد بـ"القمع" الذي تمارسه الدولة.

وتأمل حكومة ماريانو راخوي المحافظة أن تفرز الانتخابات غالبية معارضة لانفصال الإقليم، لكن استطلاعات الرأي تشير إلى تقارب يجعل من المستحيل إطلاق تكهنات حيال نتائج الانتخابات. وتوقّع مركز الدراسات الاجتماعية التابعة للحكومة الإسبانية أن تفوز القوائم الانفصالية الثلاث معاً بـ44,4 في المائة من الأصوات و66 إلى 67 مقعداً من أصل 135 في البرلمان، ما يُعتبر دون الغالبية المطلقة البالغة 68 مقعداً. أما الأحزاب الثلاثة المعارضة للانفصال، وهي "مواطنون" الليبرالي والحزب الاشتراكي الكتالوني والحزب الشعبي الحاكم في مدريد، فستجمع معاً 44,3 في المائة من الأصوات ولن تفوز سوى بـ59 أو 60 مقعداً وفق الاستطلاعات.
(فرانس برس، الأناضول)