تستمر التداعيات السلبية لجائحة كورونا على الاقتصاد الكويتي، إذ تراجعت مبيعات السيارات إلى مستوى تاريخي بنسبة 80 في المائة خلال الستة أشهر الأولى من العام الجاري، مقارنة مع مبيعات الفترة ذاتها من العام الماضي، وذلك بحسب ما ورد في تقرير حديث للمركز الدولي للاستشارات الاقتصادية في الكويت (معتمد حكومياً).
وذكر التقرير الذي اطلعت عليه "العربي الجديد" أن مبيعات شهر يوليو/ تموز الفائت من السيارات كانت شبه متوقفة، إذ لم تبع 14 وكالة موزعة على مختلف ماركات السيارات سوى 870 سيارة فقط، فيما كان متوسط المبيعات الشهرية بالكويت نحو 4500 سيارة ما بين توزيع محلي أو خليجي أو للدول العربية، مشيرا إلى أن شركات بيع السيارات تكبدت خسائر كبيرة وتواجه خطر الانهيار، إذ اضطرت إلى تسريح المئات من العاملين بسب تراجع الإيرادات منذ بداية أزمة تفشي فيروس كورونا.
وقال الخبير الاقتصادي الكويتي حجاج بوخضور لـ "العربي الجديد" إن هناك فئة كبيرة استفادت من تأجيل أقساط القروض وعدم توفر وسائل للإنفاق بسبب إغلاق العديد من الوجهات الترفيهية والعزوف عن السفر نتيجة استمرار تفشي فيروس كورونا والإجراءات المشددة التي اتخذتها العديد من دول العالم، إذ استطاعت تلك الفئة إدخال مبالغ مالية واستثمارها من خلال استبدال سياراتهم القديمة بموديلات أحدث. وأضاف بوخضور أن الفئة التي استطاعت ادخار مبالغ كبيرة خلال الأشهر الماضية أنقذت شركات ومعارض بيع السيارات من الانهيار، وقللت من حجم الخسائر المتوقعة هذا العام، لافتا إلى أن هذا القطاع سيواجه تحديات غير مسبوقة إذا لم تتدخل الحكومة لوضع خريطة طريق اقتصادية لإنقاذ القطاع الخاص وشركات السيارات.
وشرح تقرير المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية أن نسبة المبيعات تراجعت إلى أدنى مستوياتها التي وصفت بالخطيرة، وذلك منذ شهر فبراير/ شباط الماضي، وتوقفت المبيعات بصورة كاملة خلال شهري إبريل/ نيسان ومايو/ أيار، بسبب فرض حظر التجول الشامل بقرار من السلطات الكويتية، لافتا إلى أن شركات السيارات تواجه أزمة أخرى تتعلق بتأخر الأقساط المستحقة من عشرات الآلاف من الزبائن خلال الأشهر الماضية وغالبيتهم من الوافدين.
وكانت السلطات الكويتية قد فرضت حظر التجول الجزئي بتاريخ 12 مارس/ آذار الماضي، وأمرت بغلق الأنشطة التجارية المختلفة، بما فيها شركات ومعارض السيارات، كما قررت فرض الحظر الشامل بتاريخ 10 مايو/ أيار الماضي وحتى 30 من الشهر نفسه. وسمحت الحكومة الكويتية باستئناف بعض الأنشطة التجارية من خلال خطة العودة إلى الحياة الطبيعية تدريجيا التي تضمنت 5 مراحل، فيما استأنفت شركات ومعارض السيارات العمل بنسبة 30 في المائة من موظفيها في المرحلة الأولى، ثم بنسبة 50 في المائة من موظفيها في المرحلة الثانية.
من جانبه، قال الباحث الاقتصادي الكويتي عادل الفهيد لـ "العربي الجديد" إن الاوضاع الصعبة التي تعيشها العمالة الوافدة في الكويت ساهمت في التراجع الحاد لمبيعات السيارات، لافتا إلى أن هناك مئات الآلاف فقدوا وظائفهم أو انخفضت رواتبهم بنسب مختلفة وصلت إلى 60 في المائة لبعض الفئات.
وكانت الحكومة الكويتية قد أعلنت خطة التحفيز الاقتصادية لانتشال القطاع الخاص من حالة الركود على خلفية التداعيات الخطيرة جراء جائحة كورونا، حيث لاقت ترحيبا لدى الأوساط الاقتصادية، فيما نشبت خلافات في وقت لاحق أدت إلى استقالة محافظ البنك المركزي الكويتي محمد الهاشل من رئاسة لجنة التحفيز الاقتصادي، الأمر الذي أثار الشكوك بشأن جدية الحكومة لمعالجة الأوضاع الاقتصادية.
وقال مدير المبيعات في إحدى شركات السيارات الكبرى في الكويت لـ "العربي الجديد" الذي رفض الكشف عن اسمه، إن هناك انخفاضاً غير مسبوق في حجم المبيعات خلال الأشهر الماضية لدى الشركة التي يعمل بها وبقية الشركات والمعارض في الكويت، بسبب عزوف المواطنين والمقيمين عن شراء السيارات نتيجة حالة الغموض بشأن المرحلة المقبلة. وأضاف أنه على الرغم من وجود مدخرات لدى نسبة كبيرة من المواطنين إلا أن نسبة الراغبين في الشراء أو استبدال سياراتهم القديمة بموديلات أحدث تظل ضعيفة جداً، مؤكداً في الوقت نفسه أن الإقبال على السيارات متوسطة السعر أكبر بكثير من السيارات الفارهة. ودعا أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت محمد الهاجري مجلس الوزراء إلى التدخل العاجل من أجل إنقاذ شركات القطاع الخاص من الوصول إلى مرحلة الانهيار التام، وتهيئة المناخ لاستئناف الأعمال وعودة الروح إلى الاقتصاد والقطاعات التجارية المختلفة، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن خسائر شركات السيارات قد تتسبب في أزمة بطالة غير مسبوقة.
وقال الهاجري خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" إن التخبط الحكومي وحالة عدم اليقين وبث الخوف والإحباط من خلال تصريحات المسؤولين في الحكومة سيضر بالاقتصاد الكويتي، مشددا على ضرورة إقرار خطة التحفيز الاقتصادية التي أعلنها محافظ البنك المركزي لإنقاذ شركات القطاع الخاص، وخصوصا شركات ومعارض السيارات.