تعمل روسيا على رسم معالم المرحلة المقبلة في سورية، بعنوان بارز هو التفرّد الكامل بالقرار السوري، وتحويل البلاد إلى منطقة نفوذ لها من دون منازع، وهو ما تؤكده تصريحات المسؤولين الروس الذين يرون أن وجودهم "شرعي"، فيما يعتبرون وجود سواهم ضد إرادة النظام السوري، الذي يبدو أنه بات مجرد واجهة للنفوذ الروسي المتعاظم. ويقابل التقدّم الروسي للتحكّم المباشر بالقرار السوري، تراجع الولايات المتحدة الأميركية خطوة جديدة على هذا الصعيد، لتبدو أنها تريد الاكتفاء بنفوذها في شرقي البلاد الغني بالثروات، مع توجّهها لتركيز المساعدات في المناطق التي تسيطر عليها قوات محلية تدعمها.
وفي هذا السياق، كشف مسؤولون أميركيون أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعتزم سحب مساعداتها من شمالي غرب سورية (إدلب) الخاضع لسيطرة فصائل إسلامية، وتريد التركيز على جهود إعادة إعمار المناطق التي استعادتها القوات التي تقودها الولايات المتحدة من تنظيم "داعش". وتفرض واشنطن نفوذها في الشرق السوري الغني بالثروات، وفي مقدمتها البترول، حيث تدعم "قوات سورية الديمقراطية" المعروفة بـ"قسد"، وتُشكّل الوحدات الكردية ثقلها الرئيسي، وهي باتت الذراع البري لواشنطن في سورية.
وأوردت النبأ للمرة الأولى شبكة "سي. بي. إس" الإخبارية وقالت إن الإدارة الأميركية ستخفض عشرات ملايين الدولارات من الجهود السابقة المدعومة من واشنطن "للتصدي للتطرف العنيف ودعم المنظمات المستقلة ووسائل الإعلام المستقلة ودعم التعليم". وقال مسؤولون أميركيون لـ"رويترز" إن الإدارة تعتقد أنها تريد نقل المساعدة إلى مناطق تخضع لسيطرة أكبر للولايات المتحدة. وفي مارس/آذار الماضي، جمّد ترامب ما يربو على 200 مليون دولار من أموال جهود الإعمار في سورية بينما تعيد إدارته تقييم دور واشنطن في الصراع السوري. وقال أحد المسؤولين الأميركيين إن المراجعة لا تزال جارية.
وتفرض الولايات المتحدة نفوذها على منطقة شرقي نهر الفرات، وهي ما تعادل أكثر من ثلث مساحة سورية، فيما تفرض روسيا نفوذها على الساحل السوري ووسط سورية والعاصمة دمشق، بينما تحوّل الشمال السوري إلى منطقة نفوذ تركي، والجنوب منطقة نفوذ أردني إسرائيلي أميركي مشترك. وتنشر إيران مليشيات لها في ريف دمشق وريف حلب وريفي حمص وحماة، حيث بدأت تخسر تأثيرها على المشهد السوري لصالح التأثير الروسي، وبات للروس اليد الطولى في البلاد، حيث يتخذون القرار عن النظام الذي بات رهينة الحسابات الروسية مع الغرب.
اقــرأ أيضاً
مقابل التراجع الأميركي، تتقدّم موسكو خطوات متلاحقة للإمساك بشكل كامل بالملف السوري. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال عقب استقباله رئيس النظام السوري بشار الأسد في سوتشي الخميس، إن المسلحين الأجانب يجب أن ينسحبوا من سورية بعد انطلاق المرحلة النشيطة للعملية السياسية في هذا البلد. وحاول المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، التخفيف من وقع تصريحات بوتين وخصوصاً على الحليف الإيراني الذي يحتفظ بوجود عسكري كبير في سورية، وقال بيسكوف للصحافيين الجمعة، إنه يوجد في الأراضي السورية اليوم عسكريون من عدة دول من بلدان العالم، وجودهم في سورية غير شرعي حسب القانون الدولي. وأضاف: "تعرفون أنه توجد هناك، دول بينها وبين سورية علاقات تعاون عسكري فني. أما الاتحاد الروسي فذهب هناك بطلب من القيادة السورية ولديه كل الأسس الشرعية للتواجد هناك. بعكس بعض الدول الأخرى فوجودها هناك مخالف للقوانين الدولية".
وفي السياق ذاته، زعم وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن مهمة بلاده في سورية لم تنته بعد ووجودها العسكري في أراضي هذه الدولة سيستمر طالما تحتاج إليه "القيادة السورية الشرعية". وقال لافروف، في مقابلة صحافية يوم الجمعة، إن العسكريين الروس منتشرون في هذه البلاد منذ العام 2015 "بدعوة من الحكومة الشرعية، التي توجّهت إلى روسيا بطلب مساعدة لمحاربة الإرهاب، وإحلال الاستقرار للوضع في البلاد وخلق ظروف ملائمة للتسوية السياسية للأزمة الحادة المستمرة"، وفق قوله. ولمّح إلى أن وجود بلاده في سورية طويل الأمد، بقوله: "وجودنا في سورية سيستمر طالما تحتاج إليه القيادة السورية الشرعية والشعب السوري الصديق".
وهدف الروس من خلال استدعاء الأسد مرة ثانية إلى سوتشي لإرسال رسائل واضحة بأن سورية باتت ميدان نفوذ رئيسي لها في شرقي المتوسط، وأنها أصبحت ورقة مساومة كبرى بيد الروس في العديد من الملفات الأخرى مع الغرب. كما كانت رسالة واضحة لطهران أنه لا مستقبل لها في سورية، على الأقل في الشكل الذي يخطط له الإيرانيون، الذين باتوا هدفاً مباشراً للإسرائيليين بعد أن رفع الروس الغطاء عنهم.
ولطالما اعتبرت المعارضة السورية أن الوجود الروسي في سورية يرقى إلى مستوى الاحتلال المباشر وهدفه "تثبيت منظومة الاستبداد وتحويل سورية إلى حديقة خلفية للكرملين"، وفرض حل سياسي على هذا الأساس، محمّلة نظام الأسد مسؤولية تحويل البلاد إلى مناطق نفوذ للمتنافسين الإقليميين والدوليين، وتشريع أبوابها للمحتلين.
اقــرأ أيضاً
وأوردت النبأ للمرة الأولى شبكة "سي. بي. إس" الإخبارية وقالت إن الإدارة الأميركية ستخفض عشرات ملايين الدولارات من الجهود السابقة المدعومة من واشنطن "للتصدي للتطرف العنيف ودعم المنظمات المستقلة ووسائل الإعلام المستقلة ودعم التعليم". وقال مسؤولون أميركيون لـ"رويترز" إن الإدارة تعتقد أنها تريد نقل المساعدة إلى مناطق تخضع لسيطرة أكبر للولايات المتحدة. وفي مارس/آذار الماضي، جمّد ترامب ما يربو على 200 مليون دولار من أموال جهود الإعمار في سورية بينما تعيد إدارته تقييم دور واشنطن في الصراع السوري. وقال أحد المسؤولين الأميركيين إن المراجعة لا تزال جارية.
وتفرض الولايات المتحدة نفوذها على منطقة شرقي نهر الفرات، وهي ما تعادل أكثر من ثلث مساحة سورية، فيما تفرض روسيا نفوذها على الساحل السوري ووسط سورية والعاصمة دمشق، بينما تحوّل الشمال السوري إلى منطقة نفوذ تركي، والجنوب منطقة نفوذ أردني إسرائيلي أميركي مشترك. وتنشر إيران مليشيات لها في ريف دمشق وريف حلب وريفي حمص وحماة، حيث بدأت تخسر تأثيرها على المشهد السوري لصالح التأثير الروسي، وبات للروس اليد الطولى في البلاد، حيث يتخذون القرار عن النظام الذي بات رهينة الحسابات الروسية مع الغرب.
مقابل التراجع الأميركي، تتقدّم موسكو خطوات متلاحقة للإمساك بشكل كامل بالملف السوري. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال عقب استقباله رئيس النظام السوري بشار الأسد في سوتشي الخميس، إن المسلحين الأجانب يجب أن ينسحبوا من سورية بعد انطلاق المرحلة النشيطة للعملية السياسية في هذا البلد. وحاول المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، التخفيف من وقع تصريحات بوتين وخصوصاً على الحليف الإيراني الذي يحتفظ بوجود عسكري كبير في سورية، وقال بيسكوف للصحافيين الجمعة، إنه يوجد في الأراضي السورية اليوم عسكريون من عدة دول من بلدان العالم، وجودهم في سورية غير شرعي حسب القانون الدولي. وأضاف: "تعرفون أنه توجد هناك، دول بينها وبين سورية علاقات تعاون عسكري فني. أما الاتحاد الروسي فذهب هناك بطلب من القيادة السورية ولديه كل الأسس الشرعية للتواجد هناك. بعكس بعض الدول الأخرى فوجودها هناك مخالف للقوانين الدولية".
وهدف الروس من خلال استدعاء الأسد مرة ثانية إلى سوتشي لإرسال رسائل واضحة بأن سورية باتت ميدان نفوذ رئيسي لها في شرقي المتوسط، وأنها أصبحت ورقة مساومة كبرى بيد الروس في العديد من الملفات الأخرى مع الغرب. كما كانت رسالة واضحة لطهران أنه لا مستقبل لها في سورية، على الأقل في الشكل الذي يخطط له الإيرانيون، الذين باتوا هدفاً مباشراً للإسرائيليين بعد أن رفع الروس الغطاء عنهم.
ولطالما اعتبرت المعارضة السورية أن الوجود الروسي في سورية يرقى إلى مستوى الاحتلال المباشر وهدفه "تثبيت منظومة الاستبداد وتحويل سورية إلى حديقة خلفية للكرملين"، وفرض حل سياسي على هذا الأساس، محمّلة نظام الأسد مسؤولية تحويل البلاد إلى مناطق نفوذ للمتنافسين الإقليميين والدوليين، وتشريع أبوابها للمحتلين.