في ظروف سياسية واقتصادية عصيبة، وعلى امتداد أربع سنوات، واصلت قيمة العملة السورية انخفاضها بصورة تدريجية. مرت مراحل، كادت فيها السلطات النقدية على وشك فقدان السيطرة، وصولاً إلى انهيار قيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية. حدث ذلك، على سبيل المثال، في صيف العام الماضي 2013، في أعقاب تهديد الولايات المتحدة بتوجيه ضربة عسكرية للنظام السوري. حينها، وصل سعر الصرف إلى 300 ليرة سورية للدولار الأميركي الواحد في مقابل 90 ليرة قبل ذلك ببضعة أشهر. أما قبل اندلاع الثورة السورية، فقد سجل سعر الصرف أقل من 50 ليرة مقابل الدولار الأميركي.
استنزاف الاحتياطي
يعزو الباحث الاقتصادي، آدم محمد، في حديث لـ"العربي الجديد"، ذلك التدهور إلى "استنزاف احتياطيات القطع الأجنبي من العملات والمعادن الثمنية الموجودة في البنك المركزي للدولة، حيث جرى تبديده على العمليات العسكرية. فضلاً عن تحويل الاقتصاد السوري من اقتصاد منتج وخدمي إلى اقتصاد حرب مغلق".
لكن سعر الصرف كان يستعيد توازنه بصورة دائمة، حيث نجحت السياسة النقدية الحكومية في تجنب انهيار قيمة الليرة. ساهمت التدخلات المباشرة للمصرف المركزي في السوق بخفض المضاربات وبمحاصرة نشاط السوق السوداء. كما صدرت تشريعات عديدة حاولت كبح هبوط سعر الصرف، كان أبرزها المرسوم الصادر في صيف 2013 حين هبطت الليرة إلى مستوى سحيق، حيث نص على أن الليرة السورية هي الوسيلة الوحيدة للمدفوعات أو للتداول ضمن الأراضي السورية، وجرّم عمليات تسعير السلع بالدولار الأميركي.
يضيف محمد أسباباً أخرى ساعدت على عدم انهيار سعر الصرف، حيث "قامت الحكومة بتحرير وتعويم أسعار الصرف لكي تتحدد قيمتها التوازنية بحسب قوى العرض والطلب"، في حين كانت تتم زيادة العرض النقدي عبر ضخ كميات نقدية من كلا الطرفين "النظام السوري، الذي يمتلك القطع الأجنبي، والمعارضة السورية، التي تصلها مساعدات بالقطع الأجنبي". ويضيف محمد أن الطلب على القطع الأجنبي في سورية "انخفض من جهة قطاع الأعمال بعد تضرر نحو 80% من هذا القطاع بفعل الحرب، وانحسار الاستيراد، ونزوح السكان".
شهد العام 2014 استقراراً نسبياً في سعر صرف الليرة السورية، إذ تراوح بحدود 150-160 ليرة مقابل الدولار. غير أن الليرة السورية شرعت بالهبوط بمجرد إعلان التحالف الدولي توجيه ضربات عسكرية لتنظيم الدولة الإسلامية في سورية، إذ هبطت في غضون الشهرين الماضيين لتسجل اليوم نحو 205 ليرات سورية مقابل الدولار.
استمرار التدهور بفعل الحرب
يتوقع الباحث الاقتصادي السوري، رامي العطار، استمرار تدهور سعر الصرف، ويقول في حديث لـ"العربي الجديد": "مع استمرار الحرب، ومع توقف عجلة الإنتاج، لا يمكننا إلا أن نتوقع مزيداً من الانخفاض في قيمة الليرة السورية. وذلك على الرغم من سياسات البنك المركزي التي تعمل على تأخير عملية الارتفاع والسيطرة على المضاربين الذين يقومون برفع سعر الدولار عبر زيادة الطلب عليه بعقود وهمية ليقوموا لاحقاً ببيعه عندما يحقق سعراً أعلى من مستواه الواقعي".
وحول الآليات الممكنة لكبح هبوط قيمة الليرة في ظل استمرار الحرب، يقول العطار: "بالإضافة إلى أدوات البنك المركزي التي تساعد في استقرار نسبي لسعر الصرف، يجب توجيه عمليات المضاربين إلى سوق أخرى تحقق مصالحهم، كسوق دمشق للأوراق المالية. إذ إن مؤشر السوق يمر حالياً بمرحلة هبوط، حيث ينخفض السعر السوقي لغالبية الأسهم عن سعرها الدفتري".
تعاني البلدان التي انهارت فيها قيمة العملية المحلية أو انخفضت لمستويات كبيرة، من آثار سلبية طويلة تعيق الأداء الاقتصادي وتتسبب بتوترات اجتماعية خطيرة. ولا يبدو أن سورية ستكون بمنأى عن تلك التداعيات التي يلخصها محمد بـ"انخفاض القيمة الشرائية للعملة المحلية الذي يؤدي عادة لارتفاع في أسعار الفائدة، ما يعني زيادة كلفة الائتمان والذي يؤدي بدوره إلى انخفاض الإنتاج. ويترافق كل ذلك مع انتشار للبطالة وانخفاض للأجور وزيادة في معدلات الفقر".
فيما يعتقد العطار أنه، وبعد "التوصل إلى أية تسوية سياسية وعودة عجلة الاقتصاد إلى الدوران من جديد، لن يكترث السوريون كثيراً بقيمة الدولار الأميركي مقابل الليرة السورية سواء كانت مرتفعة أم منخفضة، إذ إن توقف الحرب سوف يعود على المواطن السوري بمزيد من الإنتاج، ومزيد من السيولة، ولا سيما بعد دخول الشركات الأجنبية، وانطلاق عمليات إعادة الاعمار".
استنزاف الاحتياطي
يعزو الباحث الاقتصادي، آدم محمد، في حديث لـ"العربي الجديد"، ذلك التدهور إلى "استنزاف احتياطيات القطع الأجنبي من العملات والمعادن الثمنية الموجودة في البنك المركزي للدولة، حيث جرى تبديده على العمليات العسكرية. فضلاً عن تحويل الاقتصاد السوري من اقتصاد منتج وخدمي إلى اقتصاد حرب مغلق".
لكن سعر الصرف كان يستعيد توازنه بصورة دائمة، حيث نجحت السياسة النقدية الحكومية في تجنب انهيار قيمة الليرة. ساهمت التدخلات المباشرة للمصرف المركزي في السوق بخفض المضاربات وبمحاصرة نشاط السوق السوداء. كما صدرت تشريعات عديدة حاولت كبح هبوط سعر الصرف، كان أبرزها المرسوم الصادر في صيف 2013 حين هبطت الليرة إلى مستوى سحيق، حيث نص على أن الليرة السورية هي الوسيلة الوحيدة للمدفوعات أو للتداول ضمن الأراضي السورية، وجرّم عمليات تسعير السلع بالدولار الأميركي.
يضيف محمد أسباباً أخرى ساعدت على عدم انهيار سعر الصرف، حيث "قامت الحكومة بتحرير وتعويم أسعار الصرف لكي تتحدد قيمتها التوازنية بحسب قوى العرض والطلب"، في حين كانت تتم زيادة العرض النقدي عبر ضخ كميات نقدية من كلا الطرفين "النظام السوري، الذي يمتلك القطع الأجنبي، والمعارضة السورية، التي تصلها مساعدات بالقطع الأجنبي". ويضيف محمد أن الطلب على القطع الأجنبي في سورية "انخفض من جهة قطاع الأعمال بعد تضرر نحو 80% من هذا القطاع بفعل الحرب، وانحسار الاستيراد، ونزوح السكان".
شهد العام 2014 استقراراً نسبياً في سعر صرف الليرة السورية، إذ تراوح بحدود 150-160 ليرة مقابل الدولار. غير أن الليرة السورية شرعت بالهبوط بمجرد إعلان التحالف الدولي توجيه ضربات عسكرية لتنظيم الدولة الإسلامية في سورية، إذ هبطت في غضون الشهرين الماضيين لتسجل اليوم نحو 205 ليرات سورية مقابل الدولار.
استمرار التدهور بفعل الحرب
يتوقع الباحث الاقتصادي السوري، رامي العطار، استمرار تدهور سعر الصرف، ويقول في حديث لـ"العربي الجديد": "مع استمرار الحرب، ومع توقف عجلة الإنتاج، لا يمكننا إلا أن نتوقع مزيداً من الانخفاض في قيمة الليرة السورية. وذلك على الرغم من سياسات البنك المركزي التي تعمل على تأخير عملية الارتفاع والسيطرة على المضاربين الذين يقومون برفع سعر الدولار عبر زيادة الطلب عليه بعقود وهمية ليقوموا لاحقاً ببيعه عندما يحقق سعراً أعلى من مستواه الواقعي".
وحول الآليات الممكنة لكبح هبوط قيمة الليرة في ظل استمرار الحرب، يقول العطار: "بالإضافة إلى أدوات البنك المركزي التي تساعد في استقرار نسبي لسعر الصرف، يجب توجيه عمليات المضاربين إلى سوق أخرى تحقق مصالحهم، كسوق دمشق للأوراق المالية. إذ إن مؤشر السوق يمر حالياً بمرحلة هبوط، حيث ينخفض السعر السوقي لغالبية الأسهم عن سعرها الدفتري".
تعاني البلدان التي انهارت فيها قيمة العملية المحلية أو انخفضت لمستويات كبيرة، من آثار سلبية طويلة تعيق الأداء الاقتصادي وتتسبب بتوترات اجتماعية خطيرة. ولا يبدو أن سورية ستكون بمنأى عن تلك التداعيات التي يلخصها محمد بـ"انخفاض القيمة الشرائية للعملة المحلية الذي يؤدي عادة لارتفاع في أسعار الفائدة، ما يعني زيادة كلفة الائتمان والذي يؤدي بدوره إلى انخفاض الإنتاج. ويترافق كل ذلك مع انتشار للبطالة وانخفاض للأجور وزيادة في معدلات الفقر".
فيما يعتقد العطار أنه، وبعد "التوصل إلى أية تسوية سياسية وعودة عجلة الاقتصاد إلى الدوران من جديد، لن يكترث السوريون كثيراً بقيمة الدولار الأميركي مقابل الليرة السورية سواء كانت مرتفعة أم منخفضة، إذ إن توقف الحرب سوف يعود على المواطن السوري بمزيد من الإنتاج، ومزيد من السيولة، ولا سيما بعد دخول الشركات الأجنبية، وانطلاق عمليات إعادة الاعمار".