تدهور الاقتصاد يعرقل مساعي عراقية للاقتراض الخارجي

30 اغسطس 2015
يواجه العراق أزمة اقتصادية كبيرة (أرشيف/Getty)
+ الخط -

في الوقت الذي تسعى الحكومة العراقية إلى مواجهة العجز المالي الكبير في موازنتها المالية، عبر الاقتراض الخارجي ومنها إصدار سندات دولية بقيمة تتجاوز 6 مليارات دولار، يشكك خبراء عراقيون بإمكانية حصول بغداد على معظم القروض المستهدفة بسبب تخوف البنوك وأصحاب رؤوس الأموال الأجنبية، من تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية في البلاد.

وحسب خبراء اقتصاد عراقيين، يعود ذلك إلى تهديد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، والمظاهرات الحالية داخل العاصمة وتذبذب سعر صرف الدينار العراقي وتفاقم الفساد وتدهور المؤشرات الاقتصادية.

وأكد الخبير الاقتصادي، وائل عبد الحسين المرشد، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن "إخفاق البرلمان في سن قانون خاص بالبنك المركزي كباقي المؤسسات المستقلة وبقاء منصب رئيس البنك يدار بالوكالة منذ ثلاث سنوات بسبب خلافات سياسية، أحد الأسباب التي تجعل سندات العراق غير مغرية أو بضاعة كاسدة حتى لأكثر الدول قرباً من العراق وهي إيران وتركيا والأردن".

وحسب نشرة (سيتي أيه أم) المالية البريطانية أكدت مصادر في الحي المالي أن مؤسسات التصنيف تتعامل مع تصنيف السندات العراقية على أنها "سندات خردة"، وسط المخاطر السياسية التي يعيشها العراق.

صعوبة الاقتراض

وفي هذا الإطار يحذر مسؤولون عراقيون وخبراء من وقوع مزيد من الضرر على الاقتصاد العراقي نتيجة انخفاض أسعار النفط عالمياً ما يجعل اقتصاد البلاد في خطر شديد في ظل انعدام الدعم للقطاع الخاص ومشاريع الاستثمار، ما يزيد من صعوب الحصول على قروض خارجية في ظل انعدام الثقة في الاقتصاد العراقي.

وكان العراق بحث في وقت سابق مع وفد البنك الحصول على مبلغ يتراوح بين 5 و9 مليارات دولار، لسد العجز المالي الحاصل في الموازنة العراقية، وإقامة مشاريع تنموية.

ويواجه العراق أزمة اقتصادية اضطرته إلى تقليل حجم الموازنة المالية نتيجة انخفاض أسعار النفط إلى دون 45 دولاراً للبرميل والبدء بسياسة التقشف، فيما أعلنت وزارة المالية أنها ستزيد الضرائب على بعض الخدمات المقدمة. وفقدت أسعار النفط أكثر من 60% من قيمتها منذ يونيو/حزيران 2014 وحتى نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي.

ويعتمد الاقتصاد العراقي في موازنته السنوية على واردات النفط البالغة 90% من عائدات البلاد المالية.

عجز الموازنة

وأقر العراق موازنة عام 2015 بعد تخفيض النفقات بها بنحو 4 تريليونات دينار عراقي (3.43 مليارات دولار) لتصل إلى 119 تريليون دينار عراقي (102 مليار دولار) وعجز قدره 25 تريليون دينار (21.4 مليار دولار).

اقرأ أيضاً: البرلمان العراقي يحذّر من تأثير تهاوي النفط في الاقتصاد

ونتج عن الأزمة المالية العراقية تأخر دفع مرتبات الموظفين الشهر الماضي وإلغاء مئات المشاريع التنموية، حسب تقارير حكومية.

وأقر برلمانيون أنَّ العراق يمر بأزمة اقتصادية خانقة يزداد خطرها على اقتصاد البلاد وفقاً للانخفاض المستمر في أسعار النفط عالمياً وأنَّ هذه الأزمة لا يمكن معالجتها إلّا عن طريق الاقتراض.

وأوضح عضو اللجنة المالية النيابية سرحان أحمد في تصريحات سابقة أنَّ "الاقتصاد العراقي يعتمد على واردات النفط دون الواردات الأخرى وهذا يجعله في خطر كبير أمام انخفاض أسعار النفط عالمياً".

وبين أحمد أنَّ الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي تمر بها البلاد لا يمكن معالجتها في الوقت الحالي إلّا عن طريق الاقتراض.

موضحاً أنَّ انخفاض أسعار النفط سيؤثر على الوضع الاقتصادي والمعاشي في البلاد وعلى نفقات الحرب التي تخوضها الحكومة ضد تنظيم داعش.

خطة تقشف

قال الخبير الاقتصادي ماجد الناصري لـ "العربي الجديد" إنَّ" العراق بدأ يمر بضائقة اقتصادية خطيرة بدأت بإعلان الحكومة العراقية عن خطة للتقشف وزيادة الضرائب على شبكات الاتصال والإنترنت تلاها تأخر صرف رواتب الموظفين والمتقاعدين منذ شهرين وحتى الآن وهذا يعني أنَّ ناقوس الخطر بدأ يدق أجراسه".

وتابع الناصري "الحقيقة المرة أنَّ الاقتصاد منهار تماماً وقد لا تستطيع الحكومة دفع رواتب موظفيها خلال أقل من عام في ظل استمرار انخفاض أسعار النفط عالمياً والتي بلغت 45 دولار للبرميل إذا علمنا أنَّ العراق ليست لديه أي مصادر للواردات غير النفط، فليست لدينا لا صناعة ولا مشاريع استثمارية تدر أرباحاً، فكل شيء مدمر ومتوقف في البلاد عشرات المصانع والمعامل متوقفة ومدمرة منذ 2003 وحتى اليوم لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من إعادة تأهيلها، والقطاعان الاستثماري والخاص يعانيان من الإهمال".

ويرى الناصري أنَّه "من الصعب تدارك التدهور الذي يشهده اقتصاد البلاد إلّا عن طريقين أولهما إعادة مليارات الدولارات التي اختلسها كبار السياسيين في الحكومة العراقية والتي من الممكن أن تنعش الاقتصاد وتعيد توازنه، والحل الآخر هو الاقتراض من البنك الدولي لحل هذه المعضلة الخطيرة التي ستنعكس بكارثة إنسانية على المواطنين في عموم العراق والنازحين منهم بشكل خاص".

وكانت وزارة المالية العراقية أعلنت في يوليو/ تموز الماضي أنَّ العراق ينوي اقتراض 2.3 مليار دولار لسد عجز الموازنة العامة وكشفت الوزارة أنَّ البنك الدولي من جانبه أبدى استعداده لإقراض العراق 350 مليون دولار لعمليات إعادة الإعمار في المناطق التي استعادت الحكومة السيطرة عليها من تنظيم داعش.

واتهم مراقبون قادة الأحزاب والكتل السياسية بإهدار المال العام وتدمير الاقتصاد العراقي عبر مشاريع وهمية صرفت عليها مليارات الدولارات خاصةً خلال ثماني سنوات من حكم رئيس الوزراء السابق ونائب رئيس الجمهورية الحالي نوري المالكي مطالبين الشرطة الدولية بتعقب تحويل الأموال العراقية عبر مختلف الحسابات حول العالم وإعادتها إلى العراق.

وقال عضو هيئة رئاسة البرلمان العراقي همام حمودي، في تصريحات سابقة إنّ "َالاقتصاد في خطر ما لم يتم دعم القطاع الخاص وقطاع الاستثمار في البلاد في ظل انخفاض أسعار النفط عالمياً".

واعتبر أنَّ اعتماد اقتصاد البلاد على الموارد النفطية وإهمال الموارد الاقتصادية الأخرى خطأ فادح موضحاً أنَّه "لا بد من دعم القطاعين الخاص والاستثماري لتقليل نسبة البطالة من جانب وتنمية اقتصاد البلاد من جانب آخر".

ودعا حمودي إلى اتباع سياسة نقدية متوازنة ضمن نظام اقتصادي شامل ومدروس يتوافق مع حجم الموارد الطبيعية والبشرية في العراق.

 
اقرأ أيضاً: بغداد تدفع نصف المخصصات المالية لإقليم كردستان