وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف "بلا شك هناك تفاهم على أن الوضع الحالي في سوق النفط لا يصب في صالح بلدينا". وامتنع عن التعقيب عما إذا كان بوتين وترامب تناقشا بشأن السعودية خلال المحادثة الهاتفية.
والاتفاق يمثل تحولاً جديداً في دبلوماسية النفط العالمية، منذ أن تسبب فشل منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وروسيا، في وقت سابق هذا الشهر، في الاتفاق على خفض الإنتاج في إشعال حرب أسعار بين روسيا والسعودية، زعيمة "أوبك" الفعلية.
وأسهمت آثار تفشي جائحة كورونا أيضاً في تهاوي أسعار الخام إلى مستوى تاريخي، وهو ما يهدد شركات النفط ذات التكاليف الأعلى في الولايات المتحدة وحول العالم، بالإفلاس. وقال الكرملين، في إيجاز بشأن الاتصال "جرى تبادل وجهات النظر بشأن الوضع الحالي لأسواق النفط العالمية. وتم الاتفاق على إجراء مشاورات روسية أميركية بشأن هذا من خلال وزيري الطاقة".
من جهته، أكد جاد دير المتحدث باسم البيت الأبيض، أنّ الرئيسين اتفقا على أهمية استقرار أسواق الطاقة العالمية، مضيفاً أنهما اتفقا أيضاً على أنهما سيعملان من خلال دول مجموعة العشرين لمحاربة فيروس كورونا وإعادة الحياة إلى الاقتصاد العالمي.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الطاقة الأميركية شايلين هاينس، إنّ وزير الطاقة دان برويليت، سيتحدث مع نظيره الروسي ألكسندر نوفاك، بشأن "السبل التي يمكن من خلالها لأكبر المنتجين في العالم التعامل مع التقلب في أسواق النفط العالمية".
ولم يذكر الكرملين بالتحديد ما سيناقشه الوزيران. لكن موسكو أشارت في السابق إلى أنها تود انضمام مزيد من الدول إلى جهود تحقيق التوازن بأسواق النفط العالم. وقبل قليل من الاتصال الهاتفي، قال ترامب إنّ السعودية وروسيا "أصابهما الجنون" في حرب أسعار النفط.
وقال ترامب، في مقابلة مع "فوكس نيوز" "لا نريد صناعة ميتة تعرضت للتدمير". وأضاف "هذا سيئ لهم، وسيئ للجميع. هذا الصراع بين روسيا والسعودية يتعلق بكم البراميل التي ستضخانها. وكلتاهما أصيبتا بالجنون".
وقال ستيفن إنيس من منظمة "أكسي كورب" الرائدة في ما يتعلق باستراتيجيات الأسواق، إنّ اتصال ترامب لربما كان "محاولة لدفع روسيا للجلوس على طاولة المفاوضات مع السعودية أو حتى (للتفكير في مسألة) تخفيف العقوبات على موسكو، إذ تستدعي الأوقات العصيبة حلولاً جذرية".
ولفت إلى أنّ أي مؤشر على تنحية موسكو والرياض لخلافاتهما "سيكون إيجابياً"، لكنه أضاف أنّ الأسواق "لا تعتمد بشكل كامل على الأمر".
أسعار النفط
وشهدت أسعار النفط ارتفاعاً في تعاملات آسيا، الثلاثاء، بعد يوم على تراجعها إلى أدنى مستوياتها منذ 18 عاماً، مع تعزيز خطوات صنّاع القرارات لدعم الاقتصاد العالمي المتضرر بفعل كورونا الجديد لثقة المستثمرين.
وارتفع خام تكساس الوسيط بنسبة 7,3% ليسجل 21,5 دولاراً للبرميل بينما سجّل خام برنت المرجعي الدولي ارتفاعاً نسبته 3,3% ليبلغ 23,5 دولاراً للبرميل. وفي نيويورك الاثنين، انخفضت الأسعار إلى أدنى مستوياتها منذ العام 2002 مع تراجع برميل غرب تكساس الوسيط إلى أقل من 20 دولاراً.
وتراجعت أسواق النفط في وقت فرضت حكومات العالم إجراءات عزل تام لمنع تفشي الفيروس، ما تسبب بانخفاض الطلب على الخام. وبات نحو خمسي سكان العالم حالياً معزولين في منازلهم بينما ارتفعت حصيلة الوفيات جراء "كوفيد-19" الناجم عن فيروس كورونا الجديد إلى أكثر من 37 ألفاً، في وقت يزداد تفشي الوباء بشكل خطير في الولايات المتحدة.
وفي آخر خطواتها الرامية لكسب حصة في السوق، أعلنت الرياض، الاثنين، أنها ستزيد صادراتها بنحو 600 ألف برميل في اليوم، لتصل إلى عدد قياسي يبلغ 10,6 ملايين برميل في اليوم، في مايو/ أيار.
لكن الأسعار سجلت انتعاشاً قوياً، الثلاثاء، مع استغلال المستثمرين هبوط الأسعار للشراء بأسعار منخفضة، وسط تركيز على الإجراءات التي كشفت عنها حكومات العالم لتحفيز الاقتصاد العالمي، بما في ذلك حزمة بتريليوني دولار في الولايات المتحدة.
وصدرت تحذيرات كذلك من أنّ أسعار النفط قد تهبط بنحو أكبر مع اقتراب الخزانات في العالم من كامل قدرتها الاستيعابية.
توقعات الطلب
وتوقعت وكالة ستاندرد تشارترد أن إجراءات العزل العام العالمية غير المسبوقة ستخفض الطلب على النفط في أبريل/ نيسان بمقدار قياسي يبلغ 18.5 مليون برميل يوميا. ولفتت إلى ترجيح انخفاض الطلب السنوي على النفط في 2020 بمقدار 5.43 ملايين برميل يوميا في المتوسط.
ولفتت إلى أن التقديرات الحالية للإمدادات تشير إلى فائض قدره 21.8 مليون برميل يوميا في أبريل. أما احتياطي قدرات التخزين العالمية قد يمتلئ بحلول منتصف مايو/ أيار. متوقعة أيضاً فائضا نفطيا آخر بواقع 19.5 مليون برميل يوميا في مايو و13.7 مليون برميل يوميا في يونيو/ حزيران.
أما بنك "يو.بي.إس" فتوقع انخفاض الطلب على النفط عشرة ملايين برميل يوميا أو أكثر في الربع الثاني من 2020. وقال إن حالات توقف الإنتاج وتراجع الطلب على النفط من المصافي قد يساهمان في إعادة موازنة السوق في الأشهر المقبلة.
وأضاف أن شح الطلب من المصافي يجب أن يؤثر سلبا على إنتاج أوبك+ وصادراتها في مايو، فيما أسعار برنت وخام غرب تكساس الوسيط تحتاج لأن تبلغ ما يقل عن 20 دولارا للبرميل في الربع الثاني من 2020 لكي توقف تجاوز المخزونات لقدرة التخزين على الأرض.
من جهتها، أعلنت رويال داتش شل النفطية أنها قد تشطب قيمة أصول بما يصل إلى 800 مليون دولار في الربع الأول من 2020 عقب انخفاض أسعار النفط مما تسبب في تباطؤ عمليات شركة الطاقة العملاقة.
وفي تحديث قبل إعلان نتائج الربع الأول، قالت شل إنه نتيجة فيروس كورنا فإنها شهدت وتوقع "ضبابية كبيرة " بشأن أسعار النفط والغاز والطلب عليهما. وخفضت شل توقعاتها لأسعار النفط والغاز لعام 2020 ما أدى لمخصص خفض قيمة بعد حساب الضرائب في نطاق بين 400 و800 مليون دولار.
ويتوقع أن ينزل إنتاج شل النفطي بنسبة 4.5% مقارنة بالربع الأخير من عام 2019 بينما من المقرر أن تنخفض أحجام الغاز الطبيعي المسال بنسبة 2.3%.
(رويترز، فرانس برس)