يتواصل اليوم الخميس، نقاش مشروع قانون الانتخابات والاستفتاء التونسي، خلال جلسة للبرلمان، وسط تحفظات واسعة تعقد عملية تمرير المشروع.
وشرع نواب البرلمان التونسي، أمس الأربعاء، في مناقشة مشروع تنقيح قانون الانتخابات والاستفتاء لإدراج مقتضيات الانتخابات البلدية، وإذ يعد الإجماع على أهمية هذا التنقيح في تركيز الحوكمة المحلية، نقطة إيجابية تجمع كامل الأطياف الممثلة في البرلمان، فإن حجم التحفظات على مضمون الفصول، جعل التصويت على أساس التوافق بين الائتلاف الحاكم والمعارضة مهمة صعبة.
وقالت رئيسة لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية كلثوم بدر الدين، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن كل النقاط الخلافية التي أثيرت داخل اللجنة لم يتم التوصل إلى توافقات حولها، حتى في اجتماع لجنة التوافقات، وبقيت النقاط المتعلقة بنظام الاقتراع ونظام التمويل والتناصف الأفقي واختيار رئيس المجلس البلدي أو رئيس المجلس الجهوي وحق الانتخاب للعسكريين وتمثيلية الشباب، نقط محل خلاف إلى غاية الآن، وبلغ عدد المقترحات 73 مقترحاً لم تنجح التوافقات في تقليصها.
وأكدت بدر الدين، أن جلسة التوافقات شهدت تعنتاً من ممثلي الكتل البرلمانية، إذ تمسك كل طرف بمقترحاته. وحمّلت رئيسة اللجنة جميع الكتل والأطياف الممثلة في البرلمان مسؤوليتها في حال سقط المشروع.
وكانت كتلتا حركة "النهضة" و"نداء تونس"، قد أثنتا على المشروع، إذ اعتبرت النائبة عن الحركة لطيفة الحباشي، أنه "يبين اجتهاد الحكومة في التغطية البلدية (إحداث بلديات جديدة وتوضيح الحدود الترابية لأخرى)"، فيما اعتبر النائب عن نداء تونس حاتم الفرجاني، أنه "تأسيس لجمهورية ثالثة، مبنية على ديمقراطية تشاركية". وشددت الكتلتان على ضرورة توفير الإمكانات اللازمة للبلديات من أجل القيام بمهامها وتمكين المترشحين من الوفاء بوعودهم الانتخابية.
وقدمت كتلة آفاق بدورها، انتقادات للمشروع، واعتبرت أن دائرة المحاسبات (المحكمة المالية)، غير قادرة على التثبت من تمويل القائمات المترشحة للانتخابات المحلية والتي قد يتجاوز عددها السبعة آلاف قائمة، ما يعني أن السنة القضائية ستكرس بمجملها في مراقبة التمويل والتثبت من الحسابات.
في المقابل، أبدت الجبهة الشعبية معارضتها لعدد مهم من الاقتراحات على المشروع، وأكد النائب عنها طارق البراق في مداخلته، أن "المشروع صيغ على مقاس الأحزاب الكبيرة وشدد الخناق على الأحزاب الصغيرة والقائمات المستقلة التي لا تستطيع عددياً ولا مادياً التقدم للانتخابات، وفق هذا المشروع، الذي يشترط أن تحتوي القائمة المترشحة على عدد كبير من المترشحين".
وأبرزت الكتلة الحرة تحفظها على حرمان الأمنيين والعسكريين من الترشح، وبينت بشرى بلحاج حميدة في هذا الصدد، أنه "لا تبرير لحرمانهم من الانتخاب"، كما عرجت أيضاً على مسألة التناصف قائلة، إن "التونسيين اليوم لا يعارضون وجود امرأة في مواقع القرار وفق ما أثبتته الدراسات".
ويشاطر المجتمع المدني الرأي مع الكتل المتحفظة على المشروع، إذ اعتبر المنسق العام لمنظمة "مراقبون" رفيق الحلواني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن مشروع القانون المتعلق بالانتخابات والاستفتاء "يقصي الأحزاب السياسية الصغيرة، وهو أمر غير مقبول بالنسبة لانتخابات بلدية، من المفروض أن يمثل فرصة للمواطنين للمشاركة في الحكم، وفك المركزية، في حين أن المشروع الحالي يؤسس لإقصائهم وحرمانهم من حقهم الدستوري في الترشح في الانتخابات بتشديد الشروط".