تحركات السيسي الخارجية: بحث عن دعم أوروبي صعب

25 نوفمبر 2016
السيسي زار البرتغال بحثاً عن استثمارات(هوراسيو فيلالوبوس - كوربيس/Getty)
+ الخط -
يسعى النظام المصري الحالي برئاسة عبدالفتاح السيسي، إلى التودد لدول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، في محاولة لتحسين علاقات مصر مع هذه الدول خلال الفترة المقبلة. ويحاول السيسي وأركان حكمه تضييق الفجوة بين مصر وعدد من الدول الأوروبية، بعد سلسلة انتقادات لأوضاع حقوق الإنسان والحريات ولممارسات وانتهاكات الأجهزة الأمنية المصرية بهذا الشأن. وفي مارس/آذار الماضي، صدرت توصيات عدة من البرلمان الأوروبي، بضرورة مراجعة العلاقات بصفة شاملة مع مصر، في ضوء انتهاكات حقوق الإنسان والتضييق على الحريات، وهو موقف اتخذ بعد قتل الباحث الإيطالي، جوليو ريجيني، في مصر، خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي.

ويبحث السيسي في سبل تقوية وتحسين علاقات مصر مع بعض الدول من أجل عودة حركة السياحة لسابق عهدها، نظراً للتأثر الاقتصادي الواضح إثر توقفها بعد سقوط الطائرة الروسية، في أكتوبر/تشرين الأول 2015.

وليست تحركات السيسي منفردة، بل تأتي في إطار جهود جماعية، تشارك فيها وزارة الخارجية وكذلك مجلس النواب. وتتعلق التحركات بتشكيل لوبي داخل الاتحاد الأوروبي، لدعم مصر، خوفاً من اتخاذ قرارات تؤثر على هذا البلد، في وقت يواجه فيه النظام الحالي أزمات كبيرة متلاحقة وسط انخفاض كبير في شعبيته، بحسب مراقبين. ويحرص السيسي على لقاء الوفود الدولية التي تزور مصر، بموجب دعوات من جهات رسمية، لمراقبة الوضع فيها على أرض الواقع، وتحديداً عقب سقوط طائرة الركاب الروسية، وتعليق بعض الدول رحلات الطيران إلى مصر، وحظر سفر السياح، إلا بعد الاطمئنان على إجراءات السلامة في المطارات المصرية. وأنهى السيسي زيارة إلى البرتغال، بحثاً عن استثمارات أجنبية تضخ في السوق المصري. وتتزامن خطوته هذه مع استعدادات وفد برلماني مصري للسفر إلى برلين، فضلاً عن سفر رئيس مجلس النواب، علي عبد العال، إلى المجر.


ويبدو أن النظام المصري يختار التوجه إلى دول في أوروبا، لا تكترث لكيفية تعامل السيسي وأجهزة الدولة مع قضايا حقوق الإنسان، أو لتردي أوضاع الحريات وإمعان النظام في التضييق على المجتمع المدني. ويقول مصدر برلماني قريب من دوائر صنع القرار، إن التحركات الخارجية للنظام الحالي، تم وضعها في أعقاب توصيات البرلمان الأوروبي لإعادة تقييم العلاقات مع مصر. ويضيف لـ"العربي الجديد" أن التحركات لا تأتي بناءً على طلب البرلمان، خاصة في ظل عدم توفر ميزانية لهذه الرحلات. ويشير إلى أن أغلب الزيارات تشكل محاولة لإعادة تغيير صورة وسمعة مصر في الخارج، والتي ترسخت خلال الفترة الماضية، لا سيما في ظل ضغط منظمات دولية على الاتحاد الأوروبي لمنع التعاملات الاقتصادية مع مصر، بعد الانتهاكات في مجال حقوق الإنسان.

ويشدد المصدر البرلماني على أن أوروبا تحتاج إلى مصر باعتبارها أكثر قوة إقليمية متماسكة، خصوصاً أن للقاهرة دوراً فاعلاً في مجال مكافحة الإرهاب، والهجرة غير الشرعية. ويوضح أن مصر تعتمد في الحديث مع دول أوروبا على هذين الملفين، باعتبارهما محورين مهمين لأوروبا، التي تريد الحؤول دون وصول المهاجرين إلى أراضيها. ويؤكد على أن مساعدة مصر لأوروبا في ملف الهجرة غير الشرعية لن تكون بلا مقابل، مضيفاً أن مصر بحاجة لأموال وهو ما يتمثل في عودة السياحة وضخ مساعدات واستثمارات خارجية في البلاد.

ويقلل الدبلوماسي المصري، السفير إبراهيم يسري، من نتائج زيارة السيسي إلى البرتغال، لا سيما أن هذه الدولة تعاني من مشكلات اقتصادية. ويقول لـ"العربي الجديد" إن التحركات المصرية في أوروبا لن يكون لها مردود اقتصادي أو سياسي، لأن محاولات التقارب تتم مع دول تعاني من أوضاع اقتصادية أسوأ من أوضاع مصر، ولا تمتلك ثقلاً فعلياً داخل الاتحاد الأوروبي. ويضيف أن السيسي يتحرك في حدود ما يمكن فعله، لكن هذه الدول التي يقصدها، لا يمكنها، في نهاية المطاف، أن تكون ظهيراً له داخل الاتحاد الأوروبي، وهذا الكلام ينطبق على اليونان مثلاً، بحسب قوله. ويلفت إلى أن التحالف الثلاثي بين مصر واليونان وقبرص، هو بلا جدوى، لا سيما أن قبرص تساعد إسرائيل في سرقة حقول الغاز في البحر المتوسط، وفق تعبيره.

ويشدد يسري على أن فكرة سفر السيسي لجذب استثمارات خارجية هي أكذوبة، لأن مناخ الاستثمار في مصر ليس جيداً تماماً، بسبب انعدام الاستقرار السياسي. ويذهب إلى أن الاستثمارات تحتاج إلى هدوء واستقرار، لأن هناك قاعدة تقول إن رأس المال جبان، والوضع الحالي في مصر لا يجذب مستثمرين حقيقيين، بل يجذب فقط من يريدون تحقيق مكاسب بالسرقة، وفق تعبيره. ويخلص إلى أن المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ، لم تظهر له أي آثار، لأن الوضع في مصر غير مستقر تماماً، ولا بديل إلا بعودة الهدوء والاستقرار، قبل انهيار البلاد اقتصادياً.