خبير أميركي يحذر من احتمال فشل سياسات النفط السعودية الجديدة

10 اغسطس 2017
منشأة نفط سعودي (Getty)
+ الخط -

حذّر خبير الطاقة الأميركي، دانيال فاين، من عواقب فشل السياسة النفطية الجديدة التي يتبناها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وتداعيات هذا الفشل على سوق الطاقة العالمي.

وقال الخبير الأميركي في مركز أبحاث نيومكسيكو لسياسات الطاقة، في مقال بصحيفة "ديلي تايمز" في ولاية يوتا الأميركية والتابعة لشبكة "يو إس توداي"، إن هناك خلافاً بين التيار التقليدي في السياسة النفطية السعودية والتيار الجديد الذي يقوده ولي العهد محمد بن سلمان، بشأن مجموعة من السياسات النفطية، سواء تلك الخاصة بسياسة الإنتاج أو حتى تلك الخاصة ببيع جزء من شركة أرامكو.

ويذكر أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بنى سياسة النفط الجديدة على "رؤية 2030"، التي تعمل على تأسيس "اقتصاد غير معتمد على النفط" في مداخيله، وتخصيص حصة 5.0% من شركة أرامكو التي تدير الصناعة النفطية السعودية وتعتمد عليها الخزينة السعودية في مواردها. 

ولكن وحسب الخبير الأميركي، فإن سياسة ولي العهد السعودي النفطية الجديدة، تجد معارضة من التيار التقليدي في المملكة ومن العديد من خبراء ومستشاري الطاقة في وزارة النفط السعودية. وحتى الآن، لا تدعم أسعار النفط المتدنية نجاح اكتتاب حصة من شركة أرامكو، حيث تراوح حول 50 دولاراً للبرميل.

وأضاف دانيال فاين، في مقاله، أن أمن إمدادات النفط العالمية باتت مهددة بسبب هذا الخلاف الذي قد يتفجر في حال فشل تخصيص شركة أرامكو الذي يعتمد بدرجة كبيرة على تحسّن أسعار النفط في السوق العالمية.

ويرى الخبير فاين أن نجاح بيع حصة 5.0% من شركة أرامكو يعتمد بدرجة كبيرة على ارتفاع أسعار النفط إلى 65 دولاراً للبرميل. وأشار إلى أنه في حال فشل بيع حصة من أرامكو، فإن ذلك سيقوي حجة التيار التقليدي في السياسة النفطية السعودية ويعيد سياسة "معاداة النفط الصخري الأميركي". وهو ما سيضر، حسب وجهة نظره، بصادرات النفط الأميركي.

ويلاحظ أن السعودية تسخّر كل إمكانياتها حالياً لرفع أسعار النفط، من أجل إنجاح بيع جزء من شركة أرامكو، لأنه، وحسب تقرير في نشرة "أويل برايس"، فإن تقييم الشركة سيكون بخساً في حال استمرار انخفاض أسعار النفط، وسيكون الإقبال عليها ضعيفاً، رغم الضجة الكبرى التي أثيرت حول اكتتاب حصة من الشركة العملاقة في صناعة النفط العالمية.

وفي شأن رفع أسعار النفط وإنجاح بيع حصة من أرامكو، تعمل السعودية كل ما في وسعها لرفع سعر النفط، فقد ضحت بحوالي مليون برميل يومياً من صادراتها في اجتماع بطرسبيرغ الأخير. ولكن رغم ذلك، انخفضت أسعار النفط بعد ارتفاع لمدة أسبوع واحد. وتشير تقديرات عدد من مصارف الاستثمار العالمية التي نشرتها "العربي الجديد"، الأسبوع الماضي، إلى أن أسعار النفط ربما ستصل في أفضل الأحوال إلى حوالى 53 دولاراً للبرميل في المتوسط خلال العام الجاري، كما قال مصرف باركليز البريطاني، إن أسعار النفط ستنخفض عن مستوياتها الحالية خلال الربع الثالث من العام. وهذا المستوى من الأسعار لايزال بعيداً عن مستوى 65 دولاراً الذي حدده الخبير الأميركي دانيال فاين لنجاح طرح أرامكو.

وفي ذات الصدد، لاحظت وكالة بلومبيرغ الأميركية، اهتمام وزير النفط السعودي، خالد الفالح، بكبار المستثمرين والمضاربين على أسعار النفط المستقبلية. وكانت السعودية، حتى وقت قريب، تلقي باللوم على المضاربات النفطية في عدم استقرار السوق النفطية.

وحسب الوكالة الأميركية، فإن الفالح التقى مدراء صناديق التحوط التي تملك ثروات هائلة وتضارب على أسعار النفط في لندن، قبيل توجهه إلى اجتماع بطرسبيرغ الأخير الذي أقر خفض الصادرات النفطية. وعلى الرغم من أن الوزير السعودي لم يكشف عما دار في هذا الاجتماع، إلا أنه يقف شاهداً على أن السعودية باتت في أمسّ الحاجة لرفع أسعار النفط، وحتى "التنسيق مع صناديق التحوط التي كانت تحسبهم أعداء" من أجل رفع أسعار النفط وإنجاح اكتتاب أرامكو المقرر له في العام المقبل 2018. وكان الفالح قد التقى، في هيوستن تكساس وعلى هامش مؤتمر "سيرا النفطي"، مع مصرفيين وشركات تتاجر في النفط في سوق "وول ستريت".

ولا تقتصر الخلافات النفطية السعودية على سياسة الإنتاج، ولكنها تطاول كذلك قضية بيع جزء من شركة أرامكو التي تعتمد عليها السعودية في ثقلها ونفوذها العالمي ومركز تأثيرها السياسي. في هذا الصدد، يشير الخبير السعودي محمد الصبان، الذي كان يعمل مستشاراً كبيراً في السابق بشركة أرامكو، في لقاء تلفزيوني سعودي، إلى تداعيات بيع جزء من شركة أرامكو على مستقبل منظمة "أوبك".

كما أثيرت كذلك تساؤلات حول كيفية تسيير الحكومة السعودية سياستها النفطية من دون موافقة المساهمين الجدد في شركة أرامكو في حال تخصيصها. وكيف سيكون مستقبل منظمة "أوبك" بدون سياسة نفطية سعودية مستقلة؟

وحتى الآن، هناك ضبابية بشأن ما إذا كان التخصيص سيشمل احتياطات النفط السعودية أم أنه سيقتصر على عمليات أرامكو الأخرى مثل البتروكيماويات والنقل والشركات الفرعية الأخرى التابعة لها.

ويذكر أن صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية ذكرت، في يونيو/حزيران الماضي، أن اختلافاً في وجهات النظر بين أفراد من الأسرة الحاكمة في السعودية وكبار المديرين التنفيذيين في شركة أرامكو قد يبطئ الطرح العام الأولي المزمع للشركة في العام 2018.

ونقلت الصحيفة الأميركية عن مصادر على دراية بالموضوع قولها، إن مسؤولين كباراً في شركة أرامكو يحثّون الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، على تسجيل شركة النفط العملاقة المملوكة للدولة في بورصة لندن، لكن أفراداً من الأسرة الحاكمة يقترحون تسجيل الشركة في بورصة نيويورك، وهو ما يتحفظ عليه مدراء الشركة.

من جانبه، يقول الخبير فاين، في مقاله، إن هذه الخلافات النفطية ستؤثر قريباً على سوق النفط العالمية، وإن آثارها ستصل إلى كل أرجاء العالم، مهما فعل الكونغرس أو البيت الأبيض.
وقال إن هناك صراعا بين بن سلمان ومعسكره من تيار الأمراء الشباب وشركة "أرامكو" التي باتت تحت سيطرته، وبين مسؤولي وزارة النفط الذين يفضّلون التحوط. وقال إن تيار ولي العهد السعودي، هو الذي غيّر استراتيجية السياسة السعودية من سياسة معادية للنفط الصخري الأميركي، إلى سياسة متعايشة مع النفط الصخري.

وأشار إلى أن هذه السياسة الجديدة التي تبناها بن سلمان تتخلى فيها المملكة السعودية عن الصراع على الحصص السوقية وتركز على رفع أسعار النفط. ويذكر أن السياسة التي نفذها وزير النفط السعودي السابق، علي بن إبراهيم النعيمي، ركزت، منذ العام 2014، على إغراق أسواق النفط بالخامات، على أمل القضاء على صناعة النفط الصخري الوليدة التي ترتفع فيها كلفة استخراج البرميل، ووصلت وقتها في المتوسط إلى 60 دولاراً للبرميل.

وأشار فاين إلى أن السياسة النفطية السعودية الجديدة تصب في صالح صناعة النفط الأميركية، لأنها تعمل على التحكم في إنتاج منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك"، من أجل دعم الأسعار. ويذكر أنه كلما انخفضت أسعار النفط وجدت الشركات الأميركية صعوبة في تحقيق أرباح من عمليات الكشوفات والحفر الجديدة. كما أنه كلما ارتفعت أسعار النفط ارتفعت إنتاجية وربحية شركات النفط الصخري في أميركا.

يذكر أن أسعار العقود الآجلة للنفط تراجعت، أمس الأربعاء، ولليوم الثالث على التوالي، رغم بيانات معهد البترول الأميركي التي أظهرت انخفاضاً أكبر من المتوقع في مخزونات الخام في الولايات المتحدة، حيث لا تزال الشكوك تكتنف قدرة أوبك على تقييد الإمدادات كما تعهدت. وحسب رويترز، في التعاملات الصباحية بلندن، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 27 سنتاً أو 0.5% إلى 51.87 دولارا للبرميل. وتراجع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 21 سنتاً إلى 48.96 دولارا للبرميل.

المساهمون