وحذر كوبلر من تفاقم الأوضاع في ليبيا وعدم الالتزام باتفاق الصخيرات، الذي وقع في كانون الأول/ ديسمبر عام 2015، ولفت الانتباه إلى أنه لا يرى بديلاً عنه وأنه إذا لم تلتزم الأطراف به فإنها لن تلتزم بأي اتفاق غيره.
وأكد أن المجتمع الدولي وأغلب الليبيين يؤيدونه. وجاءت أقوال كوبلر خلال إحاطته الشهرية التي يقدمها أمام مجلس الأمن في نيويورك للوقوف عند آخر التطورات هناك.
وحاول كوبلر في بداية إحاطته لفت الانتباه إلى بعض المؤشرات الإيجابية على الأرض، وقال "إن القتال ضد الإرهاب يأتي بثماره وسجل نجاحات في بنغازي وسيرت. ولم يعد داعش يسيطر على أي مناطق في ليبيا. أما في ما يتعلق بالوضع الأمني في طرابلس فهو مستقر". وفي ما يخص النفط الليبي أكد "أن إنتاج النفط مستمر وشهد ارتفاعاً وهناك إمكانية لزيادته".
لكنه قدم صورة قاتمة للوضع عندما تحدث عن التفاصيل، بدت مناقضة للتفاؤل الذي حاول رسمه بداية إحاطته. وقال إن تفاؤله وثقة الليبيين باتفاق الصخيرات بدآ في تلاش ليحل مكانهما الغضب والإحباط وخيبة الأمل. ونوه في هذا الصدد إلى "أن عدم اليقين أدى إلى تشتت وارتكاب مخالفات تصب جميعها وبشكل خطير في فراغ القوة السياسي". وطالب الأطراف السياسية الليبية بتأدية مهامها والالتزام بالاتفاق، وقال إن استمرار الخلافات يشكك في قدرتها ومصداقيتها.
وأضاف المبعوث الأممي، أن الانقسامات تضع ليبيا على مسار خطير. وتحدث عن انعدام الخدمات الاجتماعية، بما فيها تلك الخدمات الأساسية كالكهرباء والماء والصحة والتعليم في الكثير من المنطاق في البلاد. وتحدث عن خسارة الدينار الليبي من قيمته وانخفاض في معدل الدخل بمستويات غير مسبوقة. ولفت الانتباه إلى تنامي اقتصاد الظل وتفشي الفساد. وتحدث عن تهديد الانقسام السياسي وتأثيره سلباً على كافة نواحي الحياة في ليبيا وعن إعاقة الجهود الرامية لتحقيق قوى أمنية موحدة.
وأوضح كوبلر، أن المجموعات المسلحة تكسب قوة بشكل متزايد وليبيا تشهد عنفاً جديداً ومتصاعداً. وحذر من ضياع المكتسبات التي حققت ضد الجماعات المسلحة إذا أصرت بعض الأطراف على التناحر من أجل السلطة والموارد الوطنية.
وطرح كوبلر سبع نقاط رأى أنه من الضروري أن يعمل المجتمع الدولي كما الأطراف الليبية المسؤولة على تحقيقها من أجل النهوض في البلد.
ورأى كوبلر بداية، أنه من الضروري أن يبقى الاتفاق السياسي هو الإطار للتفاوض بشأن التسوية. وقال إن "رئيس الوزراء ومجلس النواب وقائد الجيش الوطني الليبي أكدوا على التزامهم بالاتفاق. ليس الاتفاق مثالياً وهناك ضرورة لإدخال التعديلات ولكنها يجب أن تدخل فقط من قبل الليبيين". كما ناشد الأطراف الفاعلة بالامتناع عن أي إجراءات تؤدي إلى تصعيد. وعبر عن قلقه بشأن التطورات التي تحدث في جنوب ليبيا، العسكرية والإنسانية، مؤكداً أن العنف لن يؤدي إلى تحقيق الوحدة.
وفي حديثة عن المسار الأمني، أشار إلى أنه ضروري لإحلال الاستقرار في ليبيا وتهيئة الظروف الملائمة لإقامة جهاز أمني فاعل وموحد". وأشاد في هذا السياق بتشكل اللجنة للإشراف على وقف إطلاق النار، وقال، إنها أساس جيد وخطوة في الاتجاه الصحيح.
أما عن الاقتصاد فبين أنه يحتاج إلى استقرار. ولفت إلى أن الاتفاق على إطار ميزانية لعام 2017 كان خطوة مهمة للأمام، ورأى أن تلك الخطوة لا تكفي وأنه يجب أن تتحسن الميزانية العامة بما يضمن التمويل الموحد للخدمات والاقتصاد مع توزيع الأموال بإنصاف وشفافية على جميع المناطق.
وعزز كوبلر موقفه من ضرورة المصالحة الوطنية التي يجب أن تكون متكاملة على أصعدة كافة. وأشار إلى تحسن، على المستويات المحلية، في الخدمات العامة والأمن والحوكمة. وقال إن السلطات المحلية تبقى من أكثر الأطراف التي تحظى بالاحترام والفعالية. وإن هناك ضرورة لإعطاء السلطة للعمد المنتخبين في السلطات المحلية وإعطائهم الأموال والمسؤولية.
وأخيراً تمنى على المجتمع الدولي أن يتجاوز مجرد الاحتواء، باعتبار أن "التركيز على مكافحة الهجرة والإرهاب بمفردها ليس كافياً. الهجرة والإرهاب هي أعراض وليست المرض". وطالب في نهاية إحاطته أن تتخذ الأمم المتحدة القيادة مجدداً في ليبيا.
وفي السياق، قال مندوب روسيا في مجلس الأمن، فلاديمير سافرونكوف، إنه من الخطأ أن تدعم دول غربية طرابلس ضد طبرق. وهي بذلك تفرض منطقها على الأطراف الليبية. وأضاف أنه من الخطأ "تهميش الجيش الوطني الليبي".
من جانبها، قالت مندوبة الولايات المتحدة، نيكى هيلى، إن أطرافاً ليبية تسعى للحسم العسكري وترفض الحل السياسي. وإنه من الضروري إدخال بعض التعديلات على اتفاق الصخيرات.