حذّرت منظمات حقوقيّة مغربيّة، معنيّة بالتربية والتعليم، من "سلبيات" تنامي ظاهرة التعليم الخاص على حساب التعليم الحكومي المجاني، نظراً للارتفاع غير المسبوق في عدد المدارس الخاصة في البلاد.
وقدّمت جمعيات مغربيّة عديدة تقارير إلى اللجنة الأمميّة للطفل بخصوص وضعيّة التعليم في المملكة، محذّرة من ظاهرة "تضخّم" المدارس التابعة للقطاع الخاص ومشيرة إلى أن هذا الوضع قد يؤثر بشكل سلبي على جودة التعليم الحكومي ومكانته.
طبقيّة التعليم
وأوردت دراسات لجمعيات حقوقيّة، منها "الائتلاف المغربي للتعليم للجميع" و"الفيدراليّة المغربيّة لجمعيات آباء وأولياء التلاميذ"، أن الفرق بين مستوى القراءة لدى الأطفال الفقراء والأغنياء اتّسع بنحو 26 في المئة، بسبب التعليم الخصوصي ما بين 2006 و2011".
وأكد الائتلاف المغربي للتعليم للجميع، في تقرير حديث له، على أن "تزايد خصخصة المدارس في المغرب يعمل لصالح طبقة النخبة، وبالتالي يعمل على الحفاظ على مستوى متوسط للتعليم في القطاع العام لبقيّة السكان".
ورأى الائتلاف أن "ازدياد خصخصة التعليم في المغرب من دون وجود التزامات قانونيّة، يُعتبر تمييزاً يزيد من احتمالات تفاقم مشكلة عدم المساواة"، مضيفاً أنه "في حال لم يتم التعامل معه بطريقة صحيحة، فقد يؤدي إلى انتهاكات لحقوق الإنسان".
وقال الخبير الدولي في التعليم، سيلفان أوبري، في تصريحات صحافيّة، إنه منذ عام 2000، ارتفع عدد المدارس الخاصة في المغرب من 4 في المئة ليصل إلى 14 في المئة، مضيفاً أنه يتوقّع أن تصل نسبتها، في عام 2030، إلى 52 في المئة وإلى 97 في المئة في عام 2038.
وأفاد الخبير الدولي بأن "النمو المطّرد لعدد المدارس الخاصة يهدّد وجود المؤسسات التعليميّة في القطاع الحكومي المجاني"، كذلك فإنه يكرّس عدم تساوي الفرص بين أطفال المغرب، وبخاصة بالنسبة إلى الأسر ذات المداخيل المتواضعة.
وبحسب إحصائيات شبه رسميّة، فإنه بين عامَي 1995 و2010 تضاعفت نسب الالتحاق بمختلف مستويات التعليم الخاص في المغرب. وعلى مستوى التعليم الابتدائي، ارتفع عدد الملتحقين بالمدارس الخاصة ثلاثة أضعاف، من 4 في المئة في عام 1999 إلى 13 في المئة في عام 2012.
بين الخاص والعام
وقال الناشط في مجال التربية والتعليم، محمد فلوكي، لـ"العربي الجديد"، إن التحذيرات من طغيان التعليم الخاص على التعليم الحكومي له ما يبرّره، موضحاً أنه في العاصمة الرباط وحدها فتحت أكثر من عشرين مدرسة خاصة أبوابها مع انطلاق السنة الدراسيّة الجديدة.
ولفت فلوكي إلى أن عدداً من الأسر المغربيّة، حتى من الطبقات الفقيرة، باتت تفضّل تسجيل أبنائها في المدارس الخاصة على أن يتابعوا تعليمهم في المدارس الحكوميّة، بدعوى جودة التعليم في القطاع الخاص وتدنّي مستواه في القطاع الحكومي المجاني.
وبيّن الدكتور محمد بولوز، وهو "مفتش ممتاز" في التعليم الثانوي، أن الأسر تذهب إلى المدارس الخاصة بحثاً عن صفات وشروط معينة، منها الانضباط في الوقت وتطوير مهارات التلاميذ وإمكانيّة متابعة أحوال الأبناء، بخلاف المدارس الحكوميّة.
وأضاف أن "هذه الشكليات قد تجذب الكثيرين إلى تسجيل أبنائهم في التعليم الخاص، لكن واقع الأمر يبيّن أنه ما من فروقات كبيرة مع التعليم العام، بسبب توحيد المقررات والامتحانات بين القطاعَين".
ورأى بولوز أن "المدرسة العامة ما زالت صالحة وقد تحسّن وضعها، خصوصاً مع العناية بالكفاءات، وتحَسّن التوقيت المدرسي وقلّة الإضرابات"، مشدداً على أهميّة "تسجيل الأبناء في المدرسة العامة، وانخراط الأسرة في العناية بالإعداد في المنزل".