تحذيرات من بيان زعيم السلفية العلمية بالجزائر: من يقف وراء الفتنة البغيضة؟

24 مارس 2018
الموقف يثير استغراباً في الجزائر (Getty)
+ الخط -
رفضت نخب سياسية ودينية في الجزائر، بشدّة، البيان الذي أصدره زعيم تيار السلفية العلمية في الجزائر، علي فركوس، الذي اعتبر فيه أن الجماعات الدينية الأخرى كالأشعرية والإخوان والإباضية ليست من أهل السنة، ورأت أنه يثير "فتنة بغيضة"، متسائلة عن الجهة التي تقف وراءه.

وقال فركوس، في بيان نشره على موقع "التربية والتصفية" التابع لتياره الديني المدعوم من السعودية، ومن قبل زعيم التيار المدخلي، ربيع المدخلي، إن "الأشعرية والإباضية والإخوان ليسوا من أهل السنة والجماعة".

وجاء في بيانه الذي نشره الثلاثاء الماضي "الإسلام الذي يُمثِّله أهلُ السُّنَّة والجماعة أتباعُ السلف الصالح إنَّما هو الإسلام المصفَّى منْ رواسب العقائد الجاهلية القديمة، والمبرّأُ مِن الآراء الخاطئة المُخالِفةِ للكتاب والسُّنَّة، والمجرَّدُ مِنْ مَوروثاتِ مَناهجِ الفِرَق الضَّالَّة كالشيعة الروافض والمُرجِئة والخوارج والصُّوفية والجهمية والمعتزلة والأشاعرة، والخالي مِن المناهج الدَّعْوية المُنحرِفة كالتبليغ والإخوان وغيرِهما مِن الحركات التنظيمية الدَّعْوية أو الحركات الثورية الجهادية".

وعدّ هذا البيان إثارة للفتنة والتفرقة الدينية في الجزائر، خاصة أنه يتعرّض إلى مجموعة سكانية تعتقد بالمذهب الإباضي تتجمع في منطقة غرداية جنوبي الجزائر، وكذلك إلى عموم الجزائريين بمختلف انتماءاتهم إلى المذاهب والجماعات الدينية.

وطالبت نخب دينية وسياسية بوضع حد لتصرفات كهذه من مرجعيات دينية باتت بحسبها تشكل خطراً على الأمن المجتمعي والديني للجزائريين، بسبب النعرات التي تثيرها مواقفها، ودعت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الحكومة إلى الحد من مواقف وتصرفات قادة التيار السلفي، ومنع أي تلاعب بالمرجعية الدينية للجزائريين.

وحذّر المتحدث السابق باسم وزارة الشؤون الدينية، عدة فلاحي، في حديث لـ"العربي الجديد"، من الخطر الفكري الذي تمثله هذه المرجعيات السلفية على أمن الأمة، لافتاً إلى أن هذا التيار الديني الآتي من السعودية يعيش خارج سياقات التاريخ والتحولات التي يعرفها العالم، مستغرباً عدم تعليق التيار السلفي على ما يحدث في عمق وقلب المجتمع السعودي، في مقابل إثارة النعرات في الجزائر.

وفي السياق، تساءل القيادي السابق في "حركة مجتمع السلم" (حزب إخوان الجزائر)، أحمد الدان، في منشور له، عن خلفيات إطلاق الشيخ فركوس لتصريحاته وعن الجهات التي تقف خلفه. وقال "من أوحى له بإطلاق النار ضد الجميع".

وأضاف أن "جرّ الجزائر إلى هذه الفتن وإحياء مواتها هو صرف للشعب الجزائري إلى التمزق والأحقاد الحالقة".


وقال الباحث في الإسلاميات، يحيى جعفري، إن "من عرف المدخلية على حقيقتها لم ينتظر بيان فركوس ليحكم عليها، فمنذ سنوات ونحن نحذر ونعيد ونكرر بأن التيار المدخلي خطر كبير على الأمن الديني للبلاد وجب عزله".

وطالب الشيخ شمس الدين، وهو إحدى الشخصيات الإسلامية المسموعة في الجزائر، فركوس بإعلان توبته أمام عموم الجزائريين، واعتبر أن ما صدر منه "فتنة مقيتة".

وفي وقت سابق تبرّأ ثمانية من كبار التيار السلفي في الجزائر من فتاوى الشيخ فركوس وقيادته للتيار السلفي في البلاد رفقة شخصين آخرين هما علي بوجمعة ولزهر سنيقرة.

ولفترة طويلة ظلت السلطات تتساهل مع تيار السلفية العلمية، واستغلّت توسعه في المساجد لكبح جماح تيار السلفية الحركية التي بدأت تخوض في الشؤون السياسية منذ بداية التسعينيات، بالإضافة إلى أن مواقف هذا التيار السلفي العلمي تخدم بوضوح سياسات السلطة، إذ إنه يحرم الخروج على الحاكم والمظاهرات والإضرابات والاحتجاجات، ولا يجيز محاججة ومغالبة الحكومة.