وأدى ارتفاع أسعار مواد استهلاكية، وبدء الحكومة في تطبيق سياسات تقشفية بسبب تراجع مداخيل البلاد على خلفية انهيار أسعار النفط، ودعوة رئيس اتحاد أرباب العمل، علي حداد، الجزائريين لتقبل الزيادات في أسعار الكهرباء والغاز، إلى بروز مخاوف جدية في البلاد من حدوث انتفاضات اجتماعية.
وسارعت أحزاب سياسية فاعلة إلى التحذير من ذلك، وقالت الأمينة العامة لحزب العمال اليساري، لويزة حنون، إن حزبها متخوف من تداعيات ما وصفته بـ"هشاشة الوضع الاجتماعي والاقتصادي للبلاد".
وانتقدت حنون، تدابير التقشف التي تضمنها قانون المالية التكميلي لسنة 2015، ومشروع قانون المالية لسنة 2016، الذي جاء "لخدمة الأوليغارشيا، من خلال تقديم هدايا جديدة لهذه الفئة تجسدت في جملة التسهيلات الضريبية التي تضمنها".
حركة "مجتمع السلم"، كبرى الأحزاب الإسلامية في الجزائر، حذرت هي الأخرى من تداعيات الوضع الاجتماعي، خاصة بعد تضييع البلاد فرصة إقلاع اقتصادي ناجح خلال العقد الماضي.
وأعلنت الكتلة البرلمانية لتكتل "الجزائر الخضراء"، التي تضم حركة "مجتمع السلم" و"حركة الإصلاح" و"حركة النهضة"، أنها قررت مقاطعة الجلسة المخصصة للتصويت على قانون المالية التكميلي لسنة 2015، وانتقدت جملة من التدابير التي تضمنها قانون المالية 2016، والذي رأت فيه محاولة من السلطة لتحميل المواطن فشل سياساتها الاقتصادية.
وفي السياق، اعتبرت "حركة النهضة"، أن الجزائر تشهد تردياً اقتصادياً واجتماعياً كبيراً.
وقال الأمين العام للحركة، محمد ذويبي، إن "ما أقدمت عليه السلطة من تخفيض قيمة الدينار، تبعته انعكاسات على تدهور القدرة الشرائية وضغط اجتماعي واقتصادي على المواطن".
وانتقد رئيس "حركة النهضة"، التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء، عبدالمالك سلال، بشأن ضرورة تفهم الجزائريين لسياسات التقشف، وقال إنها محاولة من الحكومة لتهيئة الرأي العام لتقبل العقاب الجماعي.
وليست أحزاب المعارضة فقط من يحذر من انفجار اجتماعي في الجزائر، لكنّ أحزاباً أخرى شريكة في الحكومة تعترف بخطورة الوضع.
وقال عمار غول، رئيس حزب "أمل الجزائر"، ووزير السياحة، إن الجزائر تعيش وضعاً مقلقاً، غير أن ذلك لا يعني أنها وصلت إلى وضع كارثي، والحلول التي تبنتها الحكومة مجرد تدابير احتياطية للخروج بالجزائر إلى بر الأمان.
وأطلق غول مبادرة هدفها "مجابهة مخططات محاولة ضرب استقرار الجزائر"، تحمل تسمية "الجدار الوطني لرفع التحديات".
ويرسم الكثير من المراقبين المشهد نفسه الذي شهدته الجزائر في غضون أزمة النفط عام 1986، وهي أزمة انتهت بانتفاضة (أكتوبر 1988)، ومع كل الفوارق السياسية والاجتماعية بين الأزمة الحالية وتلك، فإن الثابت أن الجزائر لم تبرأ من سياسات أهدرت فرص إقلاع اقتصادي وحل مشكلات مزمنة مازالت تشكل أساس كل أزماتها الاجتماعية منذ عقود.
اقرأ أيضاً الجزائر: انتقال الخطر إلى الجنوب يخلق خطة أمنية جديدة