تحذيرات دولية لترامب من إعلان القدس عاصمة لإسرائيل: إعلان حرب

06 ديسمبر 2017
اعتراف ترامب سيُشعل المنطقة (Getty)
+ الخط -

انهالت ردود الفعل الإقليمية والدولية المحذّرة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، من مغبة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، لا سيما بعد تأكيدات من مصادر في الإدارة الأميركية أن الرئيس سيقدم في خطابه، اليوم الأربعاء، على هذه الخطوة.

بريطانيا

حذّر كبير المبعوثين الفلسطينيين لدى بريطانيا، مانويل حساسيان، من اعتراف الرئيس الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل، قائلاً إنه "سيكون إعلان حرب".

وأضاف حساسيان، في مقابلة مع راديو هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) "إذا قال ما ينوي قوله، إن القدس عاصمة لإسرائيل، فهذا يعني قبلة الموت لحل الدولتين. إنه يعلن الحرب في الشرق الأوسط، ويعلن الحرب على 1.5 مليار مسلم ومئات الملايين من المسيحيين الذين لن يقبلوا أن تكون الأماكن المقدسة تحت هيمنة إسرائيل بالكامل".

ومن المتوقع أن يُعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، اليوم الأربعاء، اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إلى هناك، مخالفاً بذلك ما جرت عليه السياسة الأميركية، منذ عشرات السنين، في خطوة قد تُشعل الشرق الأوسط.


وتنظر بريطانيا بعين القلق نحو خطوة ترامب هذه، كما أنها تقف على ما يبدو في الخندق المواجه له، إذ ذكرت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أنها تعتزم الحديث مع ترامب بشأن وضع القدس، الذي قالت إنه يتعيّن أن يتحدد في إطار تسوية بين إسرائيل والفلسطينيين.

وقالت ماي إن المدينة القديمة يتعيّن في نهاية الأمر أن تتقاسمها إسرائيل مع دولة فلسطينية مستقبلية. وتابعت "القدس في نهاية الأمر يجب أن تشكّل عاصمة مشتركة للدولتين الإسرائيلية والفلسطينية".

بدوره، قال وزير الخارجية البريطانية، بوريس جونسون "دعونا ننتظر ونرى ما سيقوله الرئيس بالضبط. لكنكم تعلمون أننا ننظر إلى التقارير التي سمعناها بقلق".

وأضاف جونسون للصحافيين في مقر حلف "الشمال الأطلسي" في بروكسل "نعتقد أن القدس يجب أن تكون جزءاً من التسوية النهائية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وهي تسوية تفاوضية نريد أن نراها". وأردف "ليست لدينا خطط لنقل سفارتنا إلى القدس".

روسيا

كذلك أعرب المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، عن قلق بلاده من خطر تعقيد الوضع في المنطقة، في حال اعترف ترامب بالقدس عاصمةً لإسرائيل.

ورداً على سؤال صحافي حول تعليق الكرملين بهذا الخصوص وتداعياته المحتملة، قال بيسكوف إن "قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس قد يزيد من تأزم العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية".

وأضاف أن "رئيس البلاد فلاديمير بوتين أجرى عدة مكالمات هاتفية بهذا الخصوص، أمس (الثلاثاء). وفي مكالمته مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، تم التعبير عن القلق من هذا الوضع واحتمال تعقيده".

هنية يواصل اتصالاته

أعلنت حركة حماس مساء الأربعاء أن رئيس مكتبها السياسي، إسماعيل هنية، هاتف نائب وزير الخارجية الروسي والمبعوث الخاص للرئيس الروسي للشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف لبحث التوجهات الأميركية نحو مدينة القدس المحتلة.

وحذّر هنية خلال الاتصال من التداعيات الخطيرة المترتبة على توجهات الإدارة الأميركية بنقل سفارتها إلى مدينة القدس على مختلف المستويات.

وأكد أن هذه الخطوة مخالفة صريحة لمبادئ القانون الدولي وتحدٍ صارخ لكل القرارات الدولية، وتشكل استفزازاً مباشراً لمشاعر المسلمين في كل العالم وتصعيداً خطيراً يُدخل المنطقة في مرحلة جديدة من الصراع.

ووفق تصريح حماس فإن بوغدانوف عبر لهنية عن قلقه من هذا القرار المنوي الإعلان عنه أميركياً، ويؤكد أن قضية القدس خاضعة لقرارات دولية في التعامل معها وتحدد مكانتها ووضعها.

تركيا

تركيا من جهتها حسمت موقفها، وأكّدت عدم شرعية قرار ترامب في حال إقراره، محذرة في الوقت نفسه من مغبة هذا القرار. في حين دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى قمة طارئة لمنظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول، الأربعاء المقبل، ملوّحاً بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.

وأكّد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، في مؤتمر صحافي عقده في العاصمة الكورية سيول، أن اعتراف الولايات المتحدة المرتقب بالقدس عاصمة لإسرائيل، أو اعتزامها نقل السفارة الأميركية إليها، سيشكلان في جميع الأحوال قراراً غير قانوني من شأنه تعقيد المشاكل في المنطقة.

وأضاف يلدريم أن ثمة أنباء عن اعتزام الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الإدلاء بتصريح يغير وينتهك الوضع القانوني للقدس، وأن الولايات المتحدة تتحدث عن نيتها نقل سفارتها إلى القدس أو الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وسواء أكان هذا أو ذاك، فكلا الأمرين سيشكل في جميع الأحوال قراراً غير قانوني، من شأنه تعقيد المشاكل بصورة أكبر في المنطقة".

وشدّد رئيس الوزراء التركي على أن القدس قضية حساسة جداً بالنسبة للعالم الإسلامي، معرباً عن تطلع وأمل بلاده بألا تُقدم الولايات المتحدة على أي خطوة في هذا الاتجاه.

بدوره، قال المتحدث باسم الحكومة التركية، بكر بوزداغ، في تغريدة على موقع "تويتر"، إنّ "إعلان القدس عاصمة لإسرائيل يعد في الواقع إنكاراً للحقائق التاريخية، وظلماً كبيراً، وقمعاً، وقصر نظر، وحماقة، وجنوناً، ودفعاً للعالم نحو المجهول"، داعيا المسلمين وبلدان العالم الإسلامي إلى حماية عزة القدس وإبعادها عن حسابات السياسات الداخلية.



من جهته، قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، في تصريح صحافي قبيل لقائه نظيره الأميركي ريكس تيلرسون، في بروكسل، إنّ موقف تركيا واضح إزاء خطة الولايات المتحدة الأميركية المتعلقة بالقدس، التي من شأنها أن تحول دون تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة كلها.

وأكّد الوزير التركي أن العالم كله يعارض تلك الخطوة الأميركية، وليس العالم الإسلامي فقط، مبيناً أنه أبلغ تيلرسون بهذا الأمر في لقاءات سابقة، وسيبلغه خلال اجتماعهما الثنائي اليوم.

كذلك حذّر نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض، إردال أكسونغر، من أن الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل سيُشجع العديد من الدول الأخرى على اتخاذ خطوة مماثلة.

المغرب

استدعت وزارة الخارجية المغربية، اليوم الأربعاء، القائمة بأعمال سفارة الولايات المتحدة الأميركية بالرباط، ستيفاني مايلي، وسفراء كل من روسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة المعتمدين في الرباط، باعتبار دولهم أعضاء دائمين بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وبحضور سفير دولة فلسطين بالرباط.

وسلم وزير الشؤون الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، خلال اللقاء، إلى القائمة بأعمال سفارة الولايات المتحدة الأميركية، رسالة خطية موجهة من العاهل المغربي، الملك محمد السادس، إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، جاء فيها انشغال المملكة العميق إزاء قرار اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل.

وشددت الرسالة التي تسلمتها الدبلوماسية الأميركية على "محورية قضية القدس، ورفض المغرب كل مساس بمركزها القانوني والسياسي وضرورة احترام رمزيتها الدينية والحفاظ على هويتها الحضارية العريقة".

وطالب بوريطة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي بأن تضطلع بكامل مسؤولياتها للحفاظ على الوضع القانوني والسياسي للقدس وتفادي كل ما من شأنه تأجيج الصراعات والمس بالاستقرار في المنطقة.

وأبرز الوزير المغربي دعم الرباط الثابت وتضامنها المطلق مع الشعب الفلسطيني ووقوفها إلى جانبه لنيل حقوقه المشروعة، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
ولفت بوريطة إلى أن العاهل المغربي ينسق مع رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، والأطراف العربية والإسلامية والدولية للعمل على المتابعة الدقيقة لتطورات الوضع.



إيران

نقل الموقع الشخصي للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية، علي خامنئي، عنه قوله إن نية الولايات المتحدة نقل سفارتها إلى القدس علامة على عجزها وفشلها.

وقال خامنئي "قولهم إنهم يريدون إعلان القدس عاصمة لفلسطين يرجع إلى عجزهم وفشلهم".

الصين

كذلك، أعربت الصين عن قلقها، محذّرة من "تصعيد" في المنطقة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، جينغ شوانغ، في مؤتمر صحافي "نحن قلقون إزاء تصعيد محتمل للتوتر"، مضيفاً "على كل الأطراف المعنيين أن يفكروا في السلام والاستقرار الإقليميين، وأن يتوخوا الحذر في أعمالهم وتصريحاتهم، ويتفادوا تقويض أسس تسوية للقضية الفلسطينية، ويتجنبوا التسبب في مواجهة جديدة في المنطقة".

بينما أكّد المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، أن وضع مدينة القدس يجب أن يكون موضع تفاوض بين إسرائيل والفلسطينيين.

وقال في مؤتمر في القدس "مستقبل القدس أمر يجب التفاوض عليه مع إسرائيل والفلسطينيين، جنباً إلى جنب في مفاوضات مباشرة".

جامعة الدول العربية

يعقد مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية اجتماعاً طارئاً، السبت المقبل، لمناقشة التحركات العربية إزاء إعلان ترامب.

وجاء الاجتماع بناء على طلب من فلسطين والأردن وأيده المغرب، إذ إنه يتطلب للموافقة على عقد اجتماع طارئ للمجلس طلب دولة عضو في الجامعة وموافقة دولتين من بين الدول الـ22 الأعضاء.

وأفادت مذكرة لمندوبية دولة فلسطين بأن "الاجتماع سيناقش بحث التحركات العربية الواجبة إزاء هذا التغير المحتمل في الموقف الأميركي الذي يمس بمكانة القدس ووضعها القانوني والتاريخي".


الكنيسة المصرية

إلى جانب الردود السياسية، برزت مواقف من مؤسسات دينية تحذّر من هذه الخطوة، إذ أكّدت الكنيسة المصرية أنّ اتجاه الإدارة الأميركية إلى الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل سيؤدي إلى "نشوء مخاطر كبيرة تؤثر سلباً على استقرار منطقة الشرق الأوسط، بل والعالم ككل".

وأعربت الكنيسة (القبطية) الأرثوذكسية، برئاسة البابا تواضروس الثاني، في بيان، اليوم، عن قلقها البالغ مما أوردته الدوائر الإعلامية الدولية من أنباء عن وجود اتجاه لدى الإدارة الأميركية للاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

البابا

بدوره، قال البابا فرنسيس إن "الاعتراف بحقوق الجميع" في الأراضي المقدسة شرط أساسي للحوار.

وأدلى البابا، الذي تحدّث مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بشأن الأزمة، أمس الثلاثاء، بهذه التصريحات أمام مجموعة من الزوار الفلسطينيين المشاركين في حوار الأديان مع الفاتيكان.

(العربي الجديد، وكالات)