كشفت الأمم المتحدة عبر موقعها الرسمي أن ستة مقررين بمجلس حقوق الإنسان، وجهوا رسائل رسمية لكل من السعودية، والإمارات، والبحرين، التي فرضت حصاراً على قطر منذ يونيو/حزيران الماضي، تتضمن رصداً لكافة الانتهاكات التي قامت بها كل دولة، محذرة من "مساءلة" الجهات المسؤولة عنها.
وطالب المقررون بمجلس حقوق الإنسان حكومات دول الحصار، في الرسائل الموجهة لكل دولة على حدة، بضرورة اتخاذ كافة التدابير لوقف الانتهاكات، وضمان منع تكرارها، واتخاذ جميع الخطوات اللازمة لضمان احترام حقوق الأشخاص المتضررين من الأزمة.
وحذّروا من أنه "ستتم مساءلة أي شخص مسؤول"، وذلك في حال ثبوت تلك الانتهاكات التي رصدت جراء الحصار المفروض على المواطنين والمقيمين في قطر وفي دول الحصار نفسها، منذ الخامس من يونيو/حزيران 2017، لافتين إلى أن ردود تلك الحكومات المرتقبة في هذا الشأن سترفع في تقرير إلى مجلس حقوق الإنسان للنظر فيه.
ووفق موقع الأمم المتحدة فإن المقررين الستة الذين خاطبوا دول الحصار هم المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، والمقرر الخاص المعني بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية، والمقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان للمهاجرين، والمقرر الخاص المعني بالأشكال المعاصرة للعنصرية والتمييز العنصري وكراهية الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب، والمقرر الخاص المعني بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها أثناء مكافحة الإرهاب، والمقرر الخاص المعني بالحق في التعليم.
وحسب مضمون الرسائل الست التي نشرتها الأمم المتحدة عبر موقعها الإلكتروني، حرص المقررون على تضمين الرسالة الموجهة لكل دولة على حدة سرداً مفصلاً ودقيقاً، مدعوماً بالأرقام والإحصائيات التي تلقتها الأمم المتحدة عن كافة الانتهاكات التي تُتهم الدول المعنية بارتكابها في حق المواطنين والمقيمين في دولة قطر، ومواطني تلك الدول المعنية نفسها.
ونبّه المقررون، استناداً للتقارير، إلى أن دول الحصار تسبّبت جراء الإجراءات التي اتخذتها في المساس بأهم الحقوق الإنسان الأساسية للمواطنين القطريين ومواطني تلك الدول، لا سيما حقهم في التنقل والإقامة، ولمّ شمل الأسرة، والتعليم، والعمل، وحرية التعبير، والصحة، والحق في الملكية.
وخاطبوا الدول المعنية بالقول: "في حين أننا لا نرغب في إصدار حكم مسبق على دقة هذه الادعاءات، وبالنظر إلى الضرر الذي أحدثه هذا الوضع (...) نعتبر الوضع المزعوم ذا خطورة شديدة، كما أن هناك مخاوف جدية بشأن الحقوق العديدة التي يتم انتهاكها، بما في ذلك الحق في التنقل والإقامة، ولم شمل الأسرة، والتعليم، والعمل، وحرية التعبير، والصحة، وحرية ممارسة الشعائر الدينية، والحق في الملكية الخاصة، دون أي تمييز".
وحرصت الرسائل على تذكير دول الحصار بالتزاماتها الدولية، وبضرورة احترامها لمختلف القوانين والمواثيق الدولية التي وقعتها، والتي ينبغي عليها الالتزام بها، من منطلق انتمائها للمجتمع الدولي. ولفتت إلى "أن الدول لها حق سيادي في تحديد شروط الدخول والبقاء في أراضيها، إلا أنها ملزمة أيضًا باحترام وحماية حقوق الإنسان لجميع الأفراد الخاضعين لولايتها، بغض النظر عن الجنسية أو الأصل أو حالة الهجرة".
ولفت المقررون الستة إلى المادة 7 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تنص على أن "جميع الأشخاص متساوون أمام القانون، ويحق لهم الحصول على الحماية القانونية المتساوية لحقوقهم ومصالحهم المشروعة دونما تمييز"، إلى جانب التأكيد على التزامات دول الحصار بموجب الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والالتزام بالتوصية العامة رقم 30 للجنة بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد غير المواطنين، والمادة 9 والمادة 12 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ونبّهوا حكومات دول الحصار إلى التزاماتها الإضافية بموجب الميثاق العربي لحقوق الإنسان، وما تنص عليه من ضرورة احترام الحقوق الأساسية للأشخاص.
وطالبوا دول الحصار بإفادتها بأي معلومات إضافية وأي تعليق بشأن الاتهامات الموجهة لها، والتدابير التي اتخذتها لضمان عدم تشتيت الأسر المختلطة، وكيفية ضمان تلك الدول للحق في الصحة، والإجراءات المتخذة لضمان الوصول إلى التعليم دون تمييز لفائدة مواطني تلك الدول المقيمين في قطر، والمواطنين القطريين المقيمين في تلك الدول على حدّ سواء، ودون تمييز.
ودعوا إلى ضرورة "تزويدهم بمعلومات عن الامتثال (دول الحصار) للصكوك الدولية والإقليمية في ضمان الحق في حرية التنقل والإقامة، ومدى تقديم دول الحصار تعويضات للمتضررين، لا سيما أصحاب الممتلكات والأعمال التجارية منذ بدء الأزمة"، إلى جانب "ضرورة تقديم معلومات عن كيفية تطبيق تجريم حرية التعبير عبر الإنترنت عن "التعاطف مع قطر"، وتوضيح كيفية تطابق ذلك مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، والتدابير التي اتخذت لضمان حقوق الإنسان المذكورة أعلاه، دون تمييز وبما يتفق مع التزامات حكومتكم بموجب القانون الدولي.
وفي رسالتهم الموجهة للملكة العربية السعودية، طالبوا الحكومة السعودية بتزويدهم بمعلومات عن الإجراءات التي اتخذتها المملكة داخل أراضيها لضمان حق المواطنين القطريين في ممارسة شعائرهم الدينية دون تمييز. كما تساءل المقررون عن الإجراءات التي اتخذتها السعودية لضمان حماية حقوق الإنسان للعمال المستخدمين من قبل المواطنين القطريين في أراضي المملكة العربية السعودية.
ويعكس مضمون الرسائل ما ذهب إليه التقرير الرسمي للمفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة سابقاً، الذي أدان انتهاكات دول الحصار، واتهمها باتخاذ إجراءات تمييزية وتعسفية أحادية الجانب بحق المواطنين والمقيمين بدولة قطر، وعدم استثناء حتى المواطنين والمقيمين في دول الحصار نفسها.
كما تعكس رسائل المقررين الستة نجاح تحركات "اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان" في قطر منذ اليوم الأول لبدء الحصار، التي خاطبت مختلف آليات الأمم المتحدة، وزوّدتهم بتقارير توثق انتهاكات دول الحصار، وتسرد حالات متضررين من تلك الإجراءات التعسفية؛ مطالبة بتحرك المجتمع الدولي فوراً لوضع حد لتلك الانتهاكات، ومحاسبة المتسبّبين بحدوثها.