في كتابه "حفلة جنون" يتحدث الشاعر اللبناني صلاح ستيتية عن علاقته بالشاعر جورج شحادة، فيذكر أن الأخير كان المشجع الأول له، وهو من قدمه إلى دار "غاليمار" التي طبع فيها كتابه الثالث "الماء البارد المحروس" لكن ستيتية وفي سياق حديثه عن جورج شحادة، الذي كان من الجيل السابق له، يذكر أنه كان يذهب بنفسه إلى مكتبات حي "سان جيرمان" كي يشتري كتبه، كي تزداد نسبة مبيعاتها!.
أمام المفارقة السابقة، بين الوفاء لشحادة والطعن في مصداقيته، نتذكر ما كتبه باولو كويلو في روايته "الزهير"، 2005، والتي كانت سيرة ذاتية عن إقامته بباريس، يكرر "كويلو" المثل الفرنسي "إعادة إرسال المصعد" المُتداوَل في الأجواء الثقافية، ومفاده: تحدَّث عنِّي كي أتحدث عنه، ثم يتبعه بمثل آخر "بنك الخدمات"، قدمْ لي خدمة لأخدمك بالمقابل، لا يقتصر المثلان السابقان على الثقافة، بل يمتدان إلى سائر شؤون الحياة في فرنسا، وهو أمر شائع ولا حرج فيه، ومع أنه متواجد في الأوساط العربية، إلا أن كثيراً من الكتّاب العرب يخفونه تحت غطاء الدعم الإنساني دون مقابل، فتبادل المساعدة جزء من الحياة البشرية، وهو أمر مشرف شرط أن يكون في سبيل عمل نبيل، يقف كاتب مكرَّس إلى جانب كاتب مبتدئ، ويوماً ما حين يحتاج إلى هذا الكاتب، سيرد له المعروف، هذا ما يتحدث عنه "كويلو".
أمام سيادة رأس المال ومتطلبات السوق، يعاني الكتاب الجدد في فرنسا من نشر كتبهم. ثمة دور نشر ضخمة تعتمد كتَّاباً مخضرمين لا تطبع لسواهم. هل يمكن لكاتب شاب أن يطبع كتاباً في دار "غاليمار" أو "لا ديفرانس" أو "أكت سود" اليوم؟ من جهة ثانية أُغلِقت عشرات دور النشر الصغيرة وألغيت عدة مهرجانات أدبية بسبب أزمات مالية، هذا العام، ألغِي مهرجان (اللوديف) الذي كان يحتضن سنوياً شعراء من مختلف الأجيال في حوض المتوسط وأوروبا، ويُعد المهرجان الأهم بالنسبة إلى حوار الثقافات والتلاقي بين الحضارات، مما شكل صدمة في الأوساط الثقافية الفرنسية.
بيت الشعر في مدينة "سان كونتان أون إيفلان" مهدد بالإغلاق، وهو الذي نظم على مدى سنوات فعاليات تهتم بالشعر الجديد في فرنسا. يزداد اهتمام الكاتب الفرنسي المخضرم بشخصه، باستمرار أنشطته والحفاظ على موقعه، في حياة ثقافية سريعة، لا تستمر معظم الكتب بها أكثر من ستة أشهر ثم تختفي، تزداد الحواجز بين أجيال الكتاب والشعراء خصوصاً، بسبب ازدياد عزلة الشعر عن الحياة اليومية مقارنة بالفنون الأخرى، لكن بالمقابل تنشأ وسائل جديدة لنشر الشعر، وهي الوسائل الإلكترونية التي يتحرر مؤسسوها من صعوبات السياق العام وعثراته.
وعليه، من الصعب أن نجد تلاقياً مثمراً بين جيلين من الشعراء في فرنسا، الكاتب المخضرم مشغول، والمؤسسات الثقافية تتدهور. الأهم هو اللقاء الإنساني بين أجيال الشعراء، بعيداً عن كل ألعاب الانتهاز السائدة، ربما تزداد بذلك غربة الشاعر، لكنه بالمقابل يزداد عمقاً وبقاءً، وإن كان ذلك لا يبدو واضحاً في زمن تجّار الثقافات والسياسات.
أمام المفارقة السابقة، بين الوفاء لشحادة والطعن في مصداقيته، نتذكر ما كتبه باولو كويلو في روايته "الزهير"، 2005، والتي كانت سيرة ذاتية عن إقامته بباريس، يكرر "كويلو" المثل الفرنسي "إعادة إرسال المصعد" المُتداوَل في الأجواء الثقافية، ومفاده: تحدَّث عنِّي كي أتحدث عنه، ثم يتبعه بمثل آخر "بنك الخدمات"، قدمْ لي خدمة لأخدمك بالمقابل، لا يقتصر المثلان السابقان على الثقافة، بل يمتدان إلى سائر شؤون الحياة في فرنسا، وهو أمر شائع ولا حرج فيه، ومع أنه متواجد في الأوساط العربية، إلا أن كثيراً من الكتّاب العرب يخفونه تحت غطاء الدعم الإنساني دون مقابل، فتبادل المساعدة جزء من الحياة البشرية، وهو أمر مشرف شرط أن يكون في سبيل عمل نبيل، يقف كاتب مكرَّس إلى جانب كاتب مبتدئ، ويوماً ما حين يحتاج إلى هذا الكاتب، سيرد له المعروف، هذا ما يتحدث عنه "كويلو".
أمام سيادة رأس المال ومتطلبات السوق، يعاني الكتاب الجدد في فرنسا من نشر كتبهم. ثمة دور نشر ضخمة تعتمد كتَّاباً مخضرمين لا تطبع لسواهم. هل يمكن لكاتب شاب أن يطبع كتاباً في دار "غاليمار" أو "لا ديفرانس" أو "أكت سود" اليوم؟ من جهة ثانية أُغلِقت عشرات دور النشر الصغيرة وألغيت عدة مهرجانات أدبية بسبب أزمات مالية، هذا العام، ألغِي مهرجان (اللوديف) الذي كان يحتضن سنوياً شعراء من مختلف الأجيال في حوض المتوسط وأوروبا، ويُعد المهرجان الأهم بالنسبة إلى حوار الثقافات والتلاقي بين الحضارات، مما شكل صدمة في الأوساط الثقافية الفرنسية.
بيت الشعر في مدينة "سان كونتان أون إيفلان" مهدد بالإغلاق، وهو الذي نظم على مدى سنوات فعاليات تهتم بالشعر الجديد في فرنسا. يزداد اهتمام الكاتب الفرنسي المخضرم بشخصه، باستمرار أنشطته والحفاظ على موقعه، في حياة ثقافية سريعة، لا تستمر معظم الكتب بها أكثر من ستة أشهر ثم تختفي، تزداد الحواجز بين أجيال الكتاب والشعراء خصوصاً، بسبب ازدياد عزلة الشعر عن الحياة اليومية مقارنة بالفنون الأخرى، لكن بالمقابل تنشأ وسائل جديدة لنشر الشعر، وهي الوسائل الإلكترونية التي يتحرر مؤسسوها من صعوبات السياق العام وعثراته.
وعليه، من الصعب أن نجد تلاقياً مثمراً بين جيلين من الشعراء في فرنسا، الكاتب المخضرم مشغول، والمؤسسات الثقافية تتدهور. الأهم هو اللقاء الإنساني بين أجيال الشعراء، بعيداً عن كل ألعاب الانتهاز السائدة، ربما تزداد بذلك غربة الشاعر، لكنه بالمقابل يزداد عمقاً وبقاءً، وإن كان ذلك لا يبدو واضحاً في زمن تجّار الثقافات والسياسات.