تشهد مدينة تعز اليمنية منذ كسر الحصار عنها، منتصف أغسطس/آب المنصرم، عودة جماعية لكثير من النازحين الذين أصبحوا يتدفقون إليها من منفذ الضباب جنوبي غرب المدينة، والذي تسيطر عليه قوات الجيش الوطني و"المقاومة الشعبية".
حركت مسألة عودة النازحين ملف إعادة تفعيل مؤسسات الدولة وقيامها بواجبها في ضبط الأمن داخل المدينة ورعاية مصالح الناس. وهي المؤسسات التي تعطلت منذ بداية الحرب وتعرضت للنهب والتخريب من قبل الحوثيين وجماعات مسلحة في صفوف "المقاومة" أو تعمل باسمها.
وبات من الواضح أن معركة تعز لا تهدف إلى تحرير المحافظة من مليشيات الحوثيين والرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح فقط، بل أيضاً إلى ترتيب الملف الداخلي للمحافظة وإعادة ربط تعز بالدولة. وهو الأمر الذي أصبح يبشّر بمعركة جديدة عنوانها استعادة مؤسسات الدولة وإعادة تفعيلها.
وعكست عودة محافظ تعز، النائب علي المعمري، إلى المدينة أخيراً، قبل أن يغادرها إلى عدن أولاً قبيل التوجه إلى القاهرة لقضاء إجازة عيد الأضحى، عزم التحالف العربي والقيادة الشرعية على ترتيب ملف تعز الداخلي. ويحرص هذا التحالف على عدم التنازل عن الانتصارات التي تحققت طوال الأسابيع الماضية، لا سيما أنها تشكل ضمانة لنجاح مهمة صيانة المؤسسات وتنشيطها من جديد.
ويشمل ملف ترتيب وضع تعز الداخلي، تفعيل مؤسسات الدولة ودمج "المقاومة الشعبية" في الجيش طبقاً لتصريحات عدد من السياسيين. غير أن هذا التوجه يصطدم بمحاولات ترمي إلى وقف عملية دمج "المقاومة" بالجيش وتفعيل عمل القطاع الرسمي. ويقف خلف هذه المحاولات قيادات محسوبة على "المقاومة"، وترى أن هذه العملية ستكون على حساب مصالح مادية ظلت تحصل عليها طوال فترة الحرب. وهذه الجهات كانت بالأساس ضمن منظومة المخلوع صالح.
وتمثلت هذه المحاولات بحصار منزل المحافظ يومي الجمعة والسبت الماضيين (2 و3 سبتمبر/أيلول)، من قبل مجموعات مسلحة، وتحت غطاء المطالبة بمستحقات مالية. هذا الأمر أدى إلى اشتباكها مع الحماية الأمنية للمحافظ وسقوط قتيلين وعدد من الجرحى من الطرفين. في هذا الصدد، أكدت مصادر سياسية في تعز أن هذه التحركات جاءت بعد معرفة أوساط قيادية في "المقاومة" بأن خطة عملية دمج الأخيرة بالجيش وتفعيل مؤسسات الدولة أصبحت جاهزة، وسيبدأ الشروع في تنفيذها خلال الأيام المقبلة.
لكن المصادر قللت من أهمية هذه التحركات، مشيرة إلى أن المجتمع والشارع في تعز، وكذلك القوى السياسية الفاعلة، لا سيما المحسوبة على اليسار والقوميين العرب، يقفون إلى جانب هذه المساعي.
بدورها، أكدت مصادر مقربة من السلطة المحلية أن "قطار الدولة تحرك في تعز، والعمل جار لاختصار الطريق إليها، وتفادي دورة الفوضى المصاحبة لكل عملية تحرير". وأوضحت أنه جرى تجاوز الإشكالات القائمة من خلال اتفاق الجميع على أن الدولة هي الملاذ، واستمرار قيادة محور تعز في تنظيم وترتيب سائر المخصصات المالية لتجاوز عام ونصف العام من العشوائية".
اقــرأ أيضاً
وحظيت تحركات محافظ تعز الرامية لإعادة تفعيل مؤسسات الدولة ودمج "المقاومة" ضمن صفوف الجيش الوطني، بتأييد شعبي واسع، ودعم كل الأحزاب السياسية الفاعلة والمساندة للشرعية. وبحسب مراقبين، أصبح الحراك الذي شهدته تعز خلال الأيام الماضية، وهو حراك سياسي وعسكري وشعبي، يشير بوضوح إلى أنه لا معنى لأية انتصارات دون حضور الدولة ومؤسساتها الفاعلة. وبات هناك رأي سائد مفاده أن الدولة تشكل ضمانة لحماية هذا الانتصار ومنع الانزلاق إلى أتون الفوضى، كما حدث في مدينة عدن، التي على الرغم من مرور عام على تحريرها، لا تزال رهينة للفوضى واعتداءات تهدد استقرارها.
وتظهر الجدية في إعادة ربط محافظة تعز بالدولة من خلال اشتداد وتيرة المعارك في الجبهة الغربية من المدينة، وهي الجبهة التي ظلت مشتعلة منذ تحرير خط الضباب وجبل هان الاستراتيجي (غرباً)، في محاولة من قبل المليشيات لاستعادة مواقع فقدتها وإعادة فرض الحصار على المدينة مجدداً. وصد الجيش الوطني و"المقاومة" في الجبهة الغربية، عدداً كبيراً من الهجمات، في معارك ضارية راح ضحيتها العشرات من الجانبين. غير أن تكتيك الحفاظ على الانتصارات الذي ساد على مدى ثلاثة أسابيع تقريباً، توقف واستبدل بتكتيك استعادة زمام المبادرة والتقدم أكثر، وبما يبعد الخطر عن تلك الانتصارات.
وقد شنّت قوات الجيش الوطني و"المقاومة الشعبية"، خلال الأيام الماضية، هجمات متفرقة على مواقع المليشيات في الجبهة الغربية من المدينة، محققةً تقدماً باستيلائها على مواقع جديدة، وذلك بالتزامن مع هجمات أخرى في جبهة الأحكوم جنوبي تعز.
واعتبر مراقبون أن اليمن بحاجة لأكثر من معركة. وإذا كانت المعركة الرئيسية تتمثل بتحرير البلد من المليشيات الانقلابية، إلا أن معركة استعادة مؤسسات الدولة وتفعيلها تبقى معركة أخرى لا تقل أهمية عن معركة تحريرها، وفق قولهم. وشدد هؤلاء على أهمية خوض معارك موازية، تنتصر للأهداف التي حملتها ثورة 11 فبراير/شباط 2011، ويأتي في مقدمتها محاربة الفساد وإرساء دعائم النظام والقانون والانتصار لتضحيات شباب الثورة، بحسب تعبيرهم. وتابعوا أن "تحقيق النصر في هذه المعارك يتطلب مكاشفة وشفافية مع أنفسنا ومع شعبنا، وإلى شجاعة كبيرة في خوض تلك المعارك، وتغليب المصالح العليا للبلاد على ما دونها، لتجاوز تلك المشكلات وصولاً إلى يمن أفضل".
تجدر الإشارة إلى أن مدينة تعز ظلت على الدوام محتفظة بطابعها السلمي، وهو الطابع الذي اتسمت به ثورة 11 فبراير. غير أن تحالف الحوثيين وصالح فرض على سكانها حمل السلاح ومقاومة ثورتهم المضادة. وعلى الرغم من ذلك، لم ينل هذا الأمر من القيم المدنية المترسخة في هذه المحافظة. مع أن انتشار الجماعات المسلحة تكاثر في المدينة في ظل الغياب الكامل لمؤسسات الدولة، بما في ذلك الأجهزة الأمنية، إلا أن الوضع في تعز حافظ على الحد الأدنى من الاستقرار. ولم تشهد المدينة اختلالات كبرى كتلك التي شهدتها مدينة عدن عقب تحريرها.
وكانت مجموعات مسلحة راحت تطلق على نفسها اسم "المقاومة الشعبية" وبإسناد من كتيبة في اللواء "35 مدرع"، قد بدأت تخوض حرب شوارع مع مليشيات الحوثيين وعدد كبير من القوات الموالية للمخلوع صالح. ومع مرور الأيام كبرت "المقاومة الشعبية" واستطاعت تحرير أجزاء واسعة من المدينة. وفيما بدأت الحرب في تعز، قبل عام ونصف، في مربع صغير تحاصره المليشيات من كل جهة وسط المدينة وفي بعض الأحياء الشمالية، أصبحت المعارك اليوم تدور على الأطراف الغربية للمدينة في منطقة الربيعي ومفرق شرعب. كما أن "المقاومة "والجيش يحرزان كل يوم تقدماً جديداً في الجبهة الشرقية. عملياً، تم تحرير مقرات جميع المؤسسات الحكومية في تعز. غير أن البعض منها لا تزال واقعة في مناطق غير آمنة قريبة من جبهات مشتعلة، بما في ذلك مبنى الديوان العام للمحافظ، والذي يقع في حي حوض الأشراف في الجهة الشرقية من المدينة. وهو الأمر الذي جعل المحافظ يتخذ من مبنى شركة النفط في شارع جمال وسط المدينة مقراً مؤقتاً له.
حركت مسألة عودة النازحين ملف إعادة تفعيل مؤسسات الدولة وقيامها بواجبها في ضبط الأمن داخل المدينة ورعاية مصالح الناس. وهي المؤسسات التي تعطلت منذ بداية الحرب وتعرضت للنهب والتخريب من قبل الحوثيين وجماعات مسلحة في صفوف "المقاومة" أو تعمل باسمها.
وبات من الواضح أن معركة تعز لا تهدف إلى تحرير المحافظة من مليشيات الحوثيين والرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح فقط، بل أيضاً إلى ترتيب الملف الداخلي للمحافظة وإعادة ربط تعز بالدولة. وهو الأمر الذي أصبح يبشّر بمعركة جديدة عنوانها استعادة مؤسسات الدولة وإعادة تفعيلها.
وعكست عودة محافظ تعز، النائب علي المعمري، إلى المدينة أخيراً، قبل أن يغادرها إلى عدن أولاً قبيل التوجه إلى القاهرة لقضاء إجازة عيد الأضحى، عزم التحالف العربي والقيادة الشرعية على ترتيب ملف تعز الداخلي. ويحرص هذا التحالف على عدم التنازل عن الانتصارات التي تحققت طوال الأسابيع الماضية، لا سيما أنها تشكل ضمانة لنجاح مهمة صيانة المؤسسات وتنشيطها من جديد.
وتمثلت هذه المحاولات بحصار منزل المحافظ يومي الجمعة والسبت الماضيين (2 و3 سبتمبر/أيلول)، من قبل مجموعات مسلحة، وتحت غطاء المطالبة بمستحقات مالية. هذا الأمر أدى إلى اشتباكها مع الحماية الأمنية للمحافظ وسقوط قتيلين وعدد من الجرحى من الطرفين. في هذا الصدد، أكدت مصادر سياسية في تعز أن هذه التحركات جاءت بعد معرفة أوساط قيادية في "المقاومة" بأن خطة عملية دمج الأخيرة بالجيش وتفعيل مؤسسات الدولة أصبحت جاهزة، وسيبدأ الشروع في تنفيذها خلال الأيام المقبلة.
لكن المصادر قللت من أهمية هذه التحركات، مشيرة إلى أن المجتمع والشارع في تعز، وكذلك القوى السياسية الفاعلة، لا سيما المحسوبة على اليسار والقوميين العرب، يقفون إلى جانب هذه المساعي.
بدورها، أكدت مصادر مقربة من السلطة المحلية أن "قطار الدولة تحرك في تعز، والعمل جار لاختصار الطريق إليها، وتفادي دورة الفوضى المصاحبة لكل عملية تحرير". وأوضحت أنه جرى تجاوز الإشكالات القائمة من خلال اتفاق الجميع على أن الدولة هي الملاذ، واستمرار قيادة محور تعز في تنظيم وترتيب سائر المخصصات المالية لتجاوز عام ونصف العام من العشوائية".
وحظيت تحركات محافظ تعز الرامية لإعادة تفعيل مؤسسات الدولة ودمج "المقاومة" ضمن صفوف الجيش الوطني، بتأييد شعبي واسع، ودعم كل الأحزاب السياسية الفاعلة والمساندة للشرعية. وبحسب مراقبين، أصبح الحراك الذي شهدته تعز خلال الأيام الماضية، وهو حراك سياسي وعسكري وشعبي، يشير بوضوح إلى أنه لا معنى لأية انتصارات دون حضور الدولة ومؤسساتها الفاعلة. وبات هناك رأي سائد مفاده أن الدولة تشكل ضمانة لحماية هذا الانتصار ومنع الانزلاق إلى أتون الفوضى، كما حدث في مدينة عدن، التي على الرغم من مرور عام على تحريرها، لا تزال رهينة للفوضى واعتداءات تهدد استقرارها.
وتظهر الجدية في إعادة ربط محافظة تعز بالدولة من خلال اشتداد وتيرة المعارك في الجبهة الغربية من المدينة، وهي الجبهة التي ظلت مشتعلة منذ تحرير خط الضباب وجبل هان الاستراتيجي (غرباً)، في محاولة من قبل المليشيات لاستعادة مواقع فقدتها وإعادة فرض الحصار على المدينة مجدداً. وصد الجيش الوطني و"المقاومة" في الجبهة الغربية، عدداً كبيراً من الهجمات، في معارك ضارية راح ضحيتها العشرات من الجانبين. غير أن تكتيك الحفاظ على الانتصارات الذي ساد على مدى ثلاثة أسابيع تقريباً، توقف واستبدل بتكتيك استعادة زمام المبادرة والتقدم أكثر، وبما يبعد الخطر عن تلك الانتصارات.
وقد شنّت قوات الجيش الوطني و"المقاومة الشعبية"، خلال الأيام الماضية، هجمات متفرقة على مواقع المليشيات في الجبهة الغربية من المدينة، محققةً تقدماً باستيلائها على مواقع جديدة، وذلك بالتزامن مع هجمات أخرى في جبهة الأحكوم جنوبي تعز.
واعتبر مراقبون أن اليمن بحاجة لأكثر من معركة. وإذا كانت المعركة الرئيسية تتمثل بتحرير البلد من المليشيات الانقلابية، إلا أن معركة استعادة مؤسسات الدولة وتفعيلها تبقى معركة أخرى لا تقل أهمية عن معركة تحريرها، وفق قولهم. وشدد هؤلاء على أهمية خوض معارك موازية، تنتصر للأهداف التي حملتها ثورة 11 فبراير/شباط 2011، ويأتي في مقدمتها محاربة الفساد وإرساء دعائم النظام والقانون والانتصار لتضحيات شباب الثورة، بحسب تعبيرهم. وتابعوا أن "تحقيق النصر في هذه المعارك يتطلب مكاشفة وشفافية مع أنفسنا ومع شعبنا، وإلى شجاعة كبيرة في خوض تلك المعارك، وتغليب المصالح العليا للبلاد على ما دونها، لتجاوز تلك المشكلات وصولاً إلى يمن أفضل".
وكانت مجموعات مسلحة راحت تطلق على نفسها اسم "المقاومة الشعبية" وبإسناد من كتيبة في اللواء "35 مدرع"، قد بدأت تخوض حرب شوارع مع مليشيات الحوثيين وعدد كبير من القوات الموالية للمخلوع صالح. ومع مرور الأيام كبرت "المقاومة الشعبية" واستطاعت تحرير أجزاء واسعة من المدينة. وفيما بدأت الحرب في تعز، قبل عام ونصف، في مربع صغير تحاصره المليشيات من كل جهة وسط المدينة وفي بعض الأحياء الشمالية، أصبحت المعارك اليوم تدور على الأطراف الغربية للمدينة في منطقة الربيعي ومفرق شرعب. كما أن "المقاومة "والجيش يحرزان كل يوم تقدماً جديداً في الجبهة الشرقية. عملياً، تم تحرير مقرات جميع المؤسسات الحكومية في تعز. غير أن البعض منها لا تزال واقعة في مناطق غير آمنة قريبة من جبهات مشتعلة، بما في ذلك مبنى الديوان العام للمحافظ، والذي يقع في حي حوض الأشراف في الجهة الشرقية من المدينة. وهو الأمر الذي جعل المحافظ يتخذ من مبنى شركة النفط في شارع جمال وسط المدينة مقراً مؤقتاً له.