تحدي التصفيات..ما بين روح كونتي وثورة العجوز واختيارات هيدينك

08 سبتمبر 2014
مدربو المنتخبات العريقة أمام مهمات متباينة في التصفيات (Getty)
+ الخط -

تعيش جماهير كرة القدم على وقع أجواء المباريات الدولية التي تقام خلال الأيام الحالية، وتتعلق بمنافسات التصفيات المؤهلة للبطولات القارية المختلفة، وينتظر المتابعون أولى المشاركات الرسمية للفرق الكبيرة في القارة الأوروبية العجوز، والتي إستحوذت على أكبر اهتمام خلال السنوات الأخيرة، ومن بين تلك المنتخبات الثلاثي العريق: إسبانيا وهولندا، وإيطاليا.

وستكون جميع المباريات التي سيخوضها "مثلث العراقة في أوروبا" مهمة للغاية، ومع قوة الآزوري وهزيمته الودية لهولندا بهدفين نظيفين، والانحدار المستمر للماتادور الإسباني، فإن جولة التصفيات الأوروبية المقبلة ستكون مهمة بالنسبة لجميع المنتخبات؛ فإسبانيا وهولندا ستحاولان العودة إلى الانتصارات، أما بالنسبة لإيطاليا فالأمل بات كبيراً في العودة الحقيقية إلى منصات التتويج.

إسبانيا.. متى ستلبس ثوباً للتغيير؟
خرج المنتخب الإسباني مبكراً من كأس العالم بعد أداء سيء ومستوى متدنٍّ لجميع لاعبيه، من حراسة المرمى وحتى خط الهجوم، وراهن المدرب العجوز ديل بوسكي، على أهل الخبرة واستبعد أصحاب الكفاءة، ليدفع الثمن غالياً ويمحو الذكريات السعيدة في كأس العالم 2010 ويورو 2012 بالابتعاد مبكراً ومنذ الدور الأول في كأس العالم في البرازيل.

وقرر كلٌّ من تشافي هرنانديز، تشابي ألونسو، ودافيد فيا، الاعتزال الدولي والابتعاد تماماً عن تشكيلة الماتدور، وبدأ ديل بوسكي في رحلة التغيير بإشراك دي خيا تدريجياً، عوضاً عن كابتن الفريق إيكر كاسياس، ومن الواضح أن المدير الفني الخبير سيحاول الاستفادة القصوى من الثنائي سيسك فابريجاس ودييجو كوستا، اللذين يعتمد عليهما تشيلسي كثيراً هذا الموسم في الدوري الإنجليزي، عبر تمركز سيسك أمام ثنائية المحور وأمامه كوستا المنطلق إلى الهجوم، إضافة لإنيستا وجناح آخر على الأطراف.

وضعت خسارة المنتخب الأخيرة أمام فرنسا، كثيراً من الشكوك حول مستقبل الإسبان مع ديل بوسكي، الفريق قام بتغيير بعض الأسماء، ولعب بخطة متوازنة على الورق، لكن فكر المدرب لم يتغير بعد، لتعلو الأصوات المطالبة بضرورة وجوب التغيير الكبير واستقدام مدرب شاب يعشق روح المغامرة والتحدي.

في كل الأحوال، يجب على ديل بوسكي الاستفادة من قدرات الثنائي إيتو راسبي، وكوكي، في التشكيلة الأساسية، اللاعب الباسكي قادر على تشكيل ثنائية محورية مع بوسكيتس، بينما يستطيع نجم أتليتكو مدريد تكوين جبهة قوية على الأطراف دفاعياً وهجومياً، مما يسمح بالمزج بين خطتي (4-2-3-1) و (4-3-3)، وبالتالي الأمل الأكبر سيعقد على الشباب، وبالتالي الصبر على المدرب العجوز حتى مسيرة أخرى.

إيطاليا.. وروح وإصرار كونتي
بدأ الأزوري الإيطالي رحلته الجديدة مع أنطونيو كونتي بفوز مثالي على نظيره الهولندي، وسط تألق معظم نجوم المنتخب، وبرزت أسماء ينتظرها كثيرون، مثل المهاجم سيموني زازا، وقد لعب مدرب يوفنتوس السابق بنفس طريقته المفضلة (3-5-2) مع المنتخب الأزرق، وهي الخطة المناسبة إلى حد كبير لمجموعة اللاعبين الحاليين، وكان يستخدمها سلفه تشيزاري برانديلي، عند الحاجة وفي حالة المواقف الصعبة.

ويمتاز المنتخب الإيطالي بالقدرة على التمركز في الخلف وغلق كافة الطرق المؤدية إلى مرماه، ويجيد لاعبوه تكتيك "الأجنحة العائدة"، أي اللاعب القادر على شغل الخط الجانبي بمفرده في الهجوم والدفاع، لذلك تلعب فرق كونتي بكثافة كبيرة في المنتصف بتواجد ثلاثة لاعبين في العمق: دي روسي مع جياكيريني وماركيزيو، بالإضافة إلى ثنائي الطرف، ومع وجود ثلاثي دفاعي صريح بالخلف من أجل حماية المرمى.

وخطف الثنائي إيموبلي وزازا الأضواء بتألقهما الكبير، والانسجام الواضح بينهما خلال لقاء هولندا الأخير، حيث ظهر الأزوري بشكل مميز على الصعيدين الدفاعي والهجومي، لكن على كونتي ضرورة إيجاد حل لقلة اللعب من الأطراف خلال المباريات الكبيرة، وهي نفس المشكلة التي أتعبته كثيراً مع يوفنتوس خلال السنوات الماضية، فريق يعرف كيف يضرب في العمق لكنه يُضرب من الأطراف.

هولندا وعباءة فان جال
تخلى المدرب القدير لويس فان جال، عن ورقة الأسئلة، في سبيل الحصول على كراسة الإجابة بالمونديال العالمي الأخير، فكثرة الإصابات وغياب النجوم، عوامل أجبرته على تغيير طريقة اللعب من (4-3-3) إلى (3-5-2)، ليقدم أداء مميزاً ويخطف المركز الثالث في السباق المونديالي بالأراضي اللاتينية.

قرر جوس هيدينك العودة غلى التكتيك القديم لكن "الخلطة الفنية" فشلت وخسرت الطواحين أمام الطليان، وذلك لأن طريقة لعب (4-3-3) تحتاج إلى لاعب ارتكاز يجيد التغطية وقطع الكرات لكن مع التمركز والتمرير وبناء الهجمة، ودي يونج لا تتوافر لديه كل هذه الصفات، بالإضافة إلى غياب لاعب الوسط المساند الذي يُعرف بـ (Deep Lying) أي القادر على نقل الكرة من الخلف إلى الأمام.

دفاعياً، هناك مشاكل عديدة أيضاً بسبب بطء المدافعين ونقص الخبرات، لذلك لعب فان جال بثلاثي صريح من أجل تفادي الأخطاء، لذلك أمام هيدنك مهمة شاقة حتى تعود هولندا إلى كرتها الهجومية وطريقتها المفضلة، (4-3-3) ولكن هدنيك لن يتعب وسيحاول مرات عديدة قبل أن ينتهي من التجارب والوصول إلى صيغة تكتيكية متوازنة تضمن للفريق رونقه وشخصيته الفريدة من نوعها.

نجح هيدينك في معظم الاختبارات التي خاضها، ومهمته الأولى ستكون الخروج من عباءة فان جال، ثم تشكيل شباب اللون البرتقالي وفق فلسفته الكروية واستراتيجيته التي تمتاز بالتوازن بين الهجوم والدفاع، إلى أن يكون التحدي الحقيقي في بطولة يورو 2016 المنتظرة.

المساهمون