تحديات تواجه اتفاق التجارة الحرة في أفريقيا

26 مارس 2018
القارة السمراء تسعى للتكامل الاقتصادي (أشرف شاذلي/فرانس برس)
+ الخط -
خطت البلدان الأفريقية خطوة مهمة في مسار الاندماج الاقتصادي، عبر التوقيع على اتفاق منطقة التبادل الحر الذي يقود إلى اتحاد جمركي، في سياق متسم بتطلع العديد من القوى الاقتصادية العالمية إلى تلك السوق التي توفر أكثر من مليار مستهلك.

غير أن الاتفاقية لم تفتح الباب أمام تبادل السلع والخدمات، فكي تصبح تلك المنطقة واقعا، يتوجب مصادقة البلدان داخليا عليها والانخراط في مفاوضات طويلة حول التفاصيل، دون إغفال تأهيل الاقتصادات المحلية خاصة على مستوى البنيات التحتية.

ويراد عبر منطقة التبادل الحر القارية، التي وقعت عليها بكيغالي في رواندا 44 دولة خلال الأسبوع الماضي، خلق سوق مشتركة للسلع والخدمات، تضم أكثر من مليار مستهلك، مع ناتج محلي إجمالي في حدود 3 تريليونات دولار، غير أن الطريق إلى تجسيد تلك المنطقة مازال طويلا ومليئاً بالتحديات، حسب خبراء اقتصاد.

واشترط كي يدخل اتفاق منطقة التبادل الحر حيز التنفيذ، مصادقة 22 بلدا عليه، علما أن النقاش كان انصب في البداية على أن يجرى التصويت عليه داخليا من قبل 51% من البلدان، بينما اقترحت بلدان أن يصوت عليه من طرف ثلث الموقّعين على الاتفاق زائد واحد.

وعلى رغم التوقيع من قبل 44 دولة، إلا أن نيجيريا ثاني أكبر قوة اقتصادية في القارة تخلفت عن التوقيع، حيث قرر الرئيس محمادو بوخاري، القيام بمشاورات موسعة داخلية في بلده، حيث يواجه الاتفاق بمعارضة.



ولم توقع بلدان أخرى مثل إريتيريا وبوراندي وناميبيا وسيراليون، حيث أبدت بعض البلدان تحفظاتها، وتنتظر إجراء مشاورات داخلية، إذ يجري التعويل على التحاقها بالمنطقة الحرة خلال القمة الأفريقية التي ستعقد في يوليو/ تموز المقبل.

ويتضمن الاتفاق العديد من المقتضيات حول تسهيل التجارة، بهدف توحيد الإجراءات الجمركية، ويشمل محورا قانونيا، يرمي إلى تنسيق بعض المعايير، في الوقت نفسه الذي ستتخذ تدابير انتقالية وتدريجية.

ويهدف الاتفاق إلى تشجيع المبادلات بين بلدان القارة التي لا تتعدى 16% من مجمل صادرات القارة، كما يلاحظ الخبير في الشؤون الأفريقية، أنتيومان تانديا، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بينما تصل إلى حوالي 70% في أوروبا و55% في أميركا الشمالية و45% في آسيا.

وصرح الرئيس التنفيذي للجنة الاقتصادية من أجل أفريقيا بالأمم المتحدة ومستشار الرئيس الرواندي، كارلوس لوبز، بأن إلغاء الرسوم الجمركية، يمكن أن يتيح الزيادة بنسبة 50% في المبادلات بين الدول الأفريقية في ظرف 10 أعوام.

وتعتبر الأمم المتحدة أن منطقة التبادل الحر ستمكن من زيادة حجم التجارية الأفريقية البينية إلى 52% في أفق 2022، وتمهيد الطريق لإحداث اتحاد جمركي بعد أربعة أعوام ومجموعة اقتصادية موحدة في أفق 2028.

وتتكون صادرات البلدان الأفريقية في مجملها إلى الخارج من المواد الأولية غير المستقرة أسعارها، هذا ما يدفع الخبراء إلى الاعتقاد بأن الاندماج الجهوي، سيتيح تنويع اقتصاد القارة السمراء عبر فتح أسواق تتشكل من مليار مستهلك أمام الشركات المحلية.

غير أن خبراء يتصورون أن الطموح من أجل تشجيع المبادلات في إطار منطقة التبادل الحر يواجه بعض العقبات، التي تتمثل في ضعف البنيات التحتية الكافية لتيسير المبادلات، ملاحظين أن النقص في الطرق والسكك الحديدية، يبطئ الآجال ويزيد في التكاليف.

ويعتقد الخبير أنتيومان تانديا، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن نجاح منطقة التبادل الحر يبقى رهينا بالسياسات الوطنية لكل بلد، مشيرا إلى أن دولا تتخوف من اكتساح منتجات بلدان أخرى لها حضور في تصدير المنتجات المصنعة مثل جنوب أفريقيا ونيجيريا والمغرب.

ويتصور أنه كي تكون ثمة منطقة للتبادل الحر لا بد من تذليل الصعوبات التي تعرفها أفريقيا على مستوى البنيات التحتية، من قبيل الطرق والموانئ والمطارات، كي يكون التبادل ميسرا، ناهيك بحل مشكلات البيروقراطية والرشوة.

ويتساءل خبراء عما إذا كان اتفاق التبادل الحر الذي سيتيح نقل السلع والخدمات، سيفضي إلى إتاحة تنقل الأشخاص، حيث يطالبون بتذليل العقبات أمام تنقل الأشخاص، على اعتبار أن جميع الفضاءات الاقتصادية، مثل الاتحاد الأوروبي، لم تتبن حرية تبادل السلع والخدمات دون حرية تنقل الأشخاص.

وقد وقعت 30 دولة من بين البلدان الموقعة على اتفاق منطقة التبادل الحر، على بروتوكول يتيح لرعايا البلدان الموقعة حذف تأشيرة الدخول إليها، والإقامة، وإنجاز أعمال فيها، وحق إحداث منظمات مهنية.