تحديات التعليم الأزهري

22 أكتوبر 2019
ينتشر التعليم الأزهري في الأرياف أكثر (مروان نعماني/فرانس برس)
+ الخط -
يواجه التعليم الأزهري في مصر تحديات كبيرة وخطرة، وهو ما أدى إلى عزوف التلاميذ وأولياء الأمور عن التقدم بأوراقهم للتعليم في هذا النوع من التعليم الذي تتولى إدارته مؤسسة الأزهر، وتحويل آلاف التلاميذ إلى التعليم العام، وذلك منذ السماح بهذا التحويل عام 2010. هذا الوضع تسبب في تضاؤل أعداد التلاميذ في معاهد الأزهر في جميع المراحل الدراسية، ما دعا المؤسسة إلى عدم بناء أي معاهد أزهرية جديدة في القرى والمدن والمحافظات.

يكشف أحد المعلمين العاملين في الأزهر، أنّ المعهد الذي يدرّس فيه يضم 45 تلميذاً فقط من الصف الأول حتى السادس الابتدائي، مؤكداً أنّ عدداً كبيراً من الفصول مغلق ومليء بالأتربة، كما أنّ زجاج النوافذ مكسور بالإضافة إلى الأبواب المخلوعة والأثاث المتهالك. يتابع أنّ الإدارات التعليمية في المعاهد الأزهرية، لا يعنيها غير التوقيع بالحضور والانصراف يومياً فقط، وصرف الرواتب في نهاية الشهر، مضيفاً أنّ المعلمين العاملين في الأزهر غير مؤهلين، فهناك عشرات من الحاصلين على الثانوية الأزهرية "القديمة" نظام الأربع سنوات جرى تعيينهم معلمين، لافتاً إلى أنّ التعليم الأزهري بصفة عامة تسيطر عليه الفوضى بجميع مراحله، وأنّه قارب على الاندثار. المعلم الذي رمز لاسمه بـ"م. ك." يؤكد أنّ هناك تراجعاً كبيراً في أعداد الملتحقين بالتعليم الأزهري، نتيجة كثرة الكتب المطلوبة من التلاميذ، والتي تصل إلى أكثر من 20 مادة، خصوصاً في المرحلة الثانوية، شاملة العلوم الشرعية شديدة الصعوبة بمختلف أنواعها، وحفظ القرآن الكريم، بالإضافة إلى مواد علمية يدرسها نظراؤهم في التعليم العام، وهو ما أدى إلى عدم قدرة التلميذ الأزهري على الحصول على مجموع عالٍ يؤهله للالتحاق بكليات القمة، فضلاً عن تقلص عدد "الكتاتيب" خصوصاً في القرى، وهي التي تؤهل الصغار للالتحاق بالتعليم الأزهري.




وكشفت تقارير قطاع المعاهد الأزهرية، أنّ السنوات الخمس الأخيرة منذ عام 2014 شهدت ازدياداً لافتاً سنوياً في نقل التلاميذ من الأزهري إلى العام، خصوصاً في المرحلة الثانوية نتيجة تعدد سنوات الرسوب وعدم القدرة على النجاح، وكان نتيجة ذلك التحويل إلى التعليم الفني سواء التجاري أو الصناعي أو الزراعي، بنظام السنوات الثلاث. وأكدت التقارير أنّ عدد المحولين من التعليم الأزهري إلى التعليم العام، مع بداية العام الدراسي الجديد 2019 – 2020 وصل إلى 87 ألفاً، مقابل 36 ألفاً عام 2014، وهو مؤشر خطير على تدهور التعليم الأزهري في مختلف المحافظات، مع رفض تام من قبل أولياء الأمور التحاق أولادهم بالأزهر وتفضيل التعليم العام عليه. وأشارت التقارير إلى أنّ نسبة النجاح في التعليم ما قبل الجامعي متدنية، ودللت التقارير على ذلك بأنّ نسبة النجاح في الثانوية العامة الأزهرية خلال العام الدراسي الأخير لم تصل إلى 42 في المائة.




يعيد الأستاذ في جامعة "الأزهر" الدكتور حاتم القرنشاوي، عزوف التلاميذ المصريين عن التعليم الأزهري إلى صعوبة المواد فيه، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الرسوب، مشيراً إلى أنّ المواد الأزهرية لا تستهوي التلاميذ، وفي ظل ارتفاع نسبة البطالة. وكون التعليم بات مجرد شهادة، قرر التلاميذ التحول عن الأزهر والابتعاد عن مواده الكثيرة والصعبة. ويصف القرنشاوي قلة أعداد تلاميذ وطلاب الأزهر في المعاهد والجامعات، والعزوف عن الالتحاق به في المرحلة الابتدائية بـ"الصادمة"، وهو ما يشير إلى ضرورة إعادة النظر في المنظومة التعليمية الأزهرية ككلّ، إذ إنّ الأعداد في تناقص كبير. وشدد القرنشاوي على ضرورة تطوير علومه الشرعية (الدينية)، لتواكب العصر وتجنب تصادم هذه العلوم مع الواقع.

بدورها، طالبت اللجنة الدينية بمجلس النواب المصري مؤسسة الأزهر بوضع خطة عاجلة لمراجعة منظومة التعليم الأزهري، بتطوير مناهجه، سواء في التعليم الجامعي أو ما قبل الجامعي، ورفع المستوى المهني للعاملين به، فيما أكد رئيس اللجنة أسامة العبد، ضرورة إيجاد حلول لتلك المشاكل حتى تستمر رسالة الأزهر، وبما يضمن تخريجاً أزهرياً قادراً على القيام بالدور المنوط به في المجتمع، من نشر الفكر الصحيح والتحصن من الفكر المتطرف.
المساهمون