تحالف الدم الواحد

18 فبراير 2015
يقتل اشعب السوري يوميا بدعم من إيران وحزب الله(Getty)
+ الخط -

تكاد تحاصرك التحليلات والمقالات والأخبار عن داعش، في كل مكان من جرائد ومواقع وحتى مجالس، ولعل حادث الحرق الأخير للطيار الأردني معاذ الكساسبة، أبرز القضية والمسمى بشكل أكبر.

ولعل جوهر قضية داعش هي الثورة السورية، رغم أن ظهور داعش الأول أو البذرة الأولى له سبق هذه الثورة، فبذرتها كانت في العراق إبان الضربة الأميركية التي أفضت إلى سقوط نظام صدام حسين آنذاك.

ليس سراً عندما نقول إن من أسباب استمرار نظام بشار الأسد هو الدعم الذي يتلقاه من حلفائه كإيران وروسيا والصين وحزب الله، عدا ذلك التخاذل العربي عن دعم الثوار. هذا الدعم الذي يقتل الشعب السوري عدة مرات يومياً، فالقتل والتعذيب والإذلال والحصار والجوع والمستقبل المجهول، يجعل من المواطن السوري كارهاً لكل داعم لما يتعرض له يوميا.

وعلى صعيد آخر، ما هو الدافع لهذه الوحشية في قتل الكساسبة وما هي المنافع والمضار من وراء عمليه مثل هذه، هل هي فعلا (شفاء للصدور) كما سمتها داعش! والسؤال الآخر، هل هي المرة الأولى التي نرى فيها شخصا يحترق تعذيباً؟ ليس هذا تبريرا أو عذرا، ولكنه لفرض وجهة نظر واقعية، لا وجهة نظر تختلقها لنا وسائل الإعلام. التاريخ له صولات وجولات تفضح من يستنكر اليوم حادثة الكساسبة ويصفق لمثلها بالأمس، فبالأمس كانت هناك مجزرة رابعة والنهضة وفيها حُرق المعتصمون بخيامهم، وصفق الكثير ممن استنكروا حادثة الكساسبة لهذا الفعل.

عدا ذلك لا بد من التأكيد على أن المبادئ لا تتجزأ، فالوحشية في التعامل مع الخصم مبدأ غير إسلامي ولا أخلاقي وقس على ذلك، وعلى جانب آخر من وجهات النظر التي يحاول الإعلام فرضها أيضاً هو إضفاء الشرعية على ما يقوم به التحالف الدولي من قصف وتدمير لقرى ومدن سورية وعراقية بحجة القضاء على داعش، وكأنهم لم يتعظوا من حرب السوفييت والأفغان، ومن ثم الأفغان والأميركان، ومن بعدها الأميركيون مع العراق والصومال!

1300 غارة شنها التحالف الدولي منذ بدأ حملته أسفرت عن وقوع عشرات الضحايا من المدنيين فاقوا في عددهم من تم قتلهم من أفراد داعش، ومن ضمن الضحايا مؤخراً عائلة مكونة من 26 فردا، وهم أب متزوج من ثلاث نساء وأبناء متزوجون وزوجاتهم وأطفالهم. وذلك في غرب الموصل (شمال العراق) بصاروخ أطلق من طائرات التحالف الدولي، الذي اعترف بأن ذلك حدث عن طريق الخطأ.

كل هذه الأمور تزيد النار حطبا وتزيد من معاناة الشعب السوري الذي أراد من حراكه الحرية والعدالة، لينقلب الأمر إلى مئات الآلاف من القتلى والجرحى وملايين اللاجئين. يتوجب الاعتراف أن كلما طالت مدة بقاء بشار الأسد ازدادت قوة داعش وزاد من يرون فيها الخلاص، فوحشية الأسد لا تقل وحشية عنهم، واليأس كافر والشعب السوري يعيش أصعب حالات اليأس.

الحل العسكري الممثل في التحالف الدولي ليس هو الحل، خصوصا في قضية معقدة كالقضية السورية، وكذلك الحل الدبلوماسي، وهنا نصل لمفترق طرق وتساؤل، ماذا لو كان التحالف نفسه موجهاَ ضد نظام بشار الواضح المعالم، هل سيكون حلاً؟

ما تقوم به داعش الآن هو نفس ما يقوم به نظام الأسد من تدمير سورية، وللأسف بأن الجهات التي تصنع الفارق كالجيش الحر لا يوجد لها داعم أو مساند، فلذلك نقطة التوقف قد طالت حاليا في سورية.

كانت هناك على الساحة العديد من الفصائل التي أوجعت جيش الأسد ومن يسانده من مرتزقة حزب الله والعراق وإيران، ولكن الخذلان في التسليح والدعم المادي لهم جعل من يتصدر المشهد هم داعش الذين يقاتلون الجيش الحر وغيره.

تنحصر الجهود الآن في الإغاثة لملايين اللاجئين، وكأن هناك أمراً واقعا يتم فرضه وتمييع للقضية كما حدث مع القضية الفلسطينية.

الخطير في الموضوع بأن داعش لم تعد تنظيما قتالياً له بعد جغرافي معين، بل هو فكر بدأ ينتشر ويتوسع ويتوعد، وكأن تنظيم القاعدة قد بُعث من جديد. كانت الوسطية وما زالت الحل، ولكن محاربتها ومحاولة وأدها يشجع المضاد لها بالنمو.


(البحرين)

المساهمون