عاد الجدل مجدداً حول تقرير "الإسلام في فرنسا" بعد كشف راديو "أر تي إل"، أمس الأحد، عن تقرير معهد مونتين الفرنسي الذي كشفت صحيفة "لوموند" سابقاً بعضاً من خلاصاته، قبل أسابيع.
وتم إعداد التقرير بطلب من السلطات الفرنسية، وينتظر أن يُقدَّم قريباً للرئيس إيمانويل ماكرون، الذي تعهَّد في شهر يوليو/ تموز الماضي، أمام أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، بالعمل على "إعادة تنظيم الإسلام في الخريف"، وهو ما عارضه كثيرٌ من ممثلي الإسلام في فرنسا، معتبرين الأمر "تدخلاً سافراً في شؤون مسلمي فرنسا، خلافاً لتعامل السلطات مع ديانات أخرى".
ويصف التقرير وضع الإسلام والمسلمين، ثم يقترح حلولاً لجعل الإسلام ديانة عادية تحت لواء الجمهورية، كشأن باقي الديانات. لكنّ وسائل الإعلام لم تركز سوى على الأهمية التي يوليها التقرير لتأثير الإسلاميين في فرنسا، وهو ما كرره مؤلّف التقرير الفرنسي تونسي الأصل حكيم القروي، في تصريحات صحافية، متحدثا عن "احتكار فكري" من قبل السَلَفيين، وخاصة على من هم دون سن الخامسة والثلاثين.
ويُلقي التقرير باللوم على السعودية وتركيا، ويقول القروي إنهما "يدفعان من أجل نشر إسلام مسيَّس في فرنسا، ويقومان بتشكيل أطر سياسية دينية لإحداث اختراق في أوروبا"، مطالبا مسلمي أوروبا بـ"العمل على خلق هيئات مستقلة"، وكذلك على "ممارسة خطابهم الخاص بهم دون حاجة لاستيراده من الخارج".
ويقترح التقرير فرض رسوم يمكنها أن تدر سنوياً ما بين 5 و6 مليارات يورو، في محاكاة للتجربة اليهودية، كما يقترح أن تشرف على هذه العملية مؤسسة جديدة باسم "الجمعية الإسلامية من أجل الإسلام في فرنسا". ما يعتبره كثيرون محاولة لمراقبة التمويل، وهو ما يصفه التقرير بـ"مراقبة تدفق الهبات والأموال من قبل هيئة تابعة لوزارة الاقتصاد، تكون مكلَّفة بمكافحة التهرب وتبييض الأموال وتمويل الإرهاب". كذلك يقترح التقرير أن تشتغل هذه الهيئة بالتنسيق مع "الجمعية من أجل تمويل ودعم الديانة الإسلامية" التي أنشئت في يوليو/ تموز الماضي.
ويطالب التقرير بتنظيم ملف الحج، مشيراً إلى غموض في ما يخص تعاون وكالات السفر مع القنصلية السعودية في باريس، ووجود متعاقدين خارج مراقبة القنصلية. لكن التقرير يقترح أيضا "تعزيز تعليم اللغة العربية في المدارس الفرنسية العمومية". ويرى في المدارس القرآنية منافساً شرساً؛ "عدد التلاميذ الذين يتعلمون اللغة العربية في المدارس الإعدادية والثانوية انخفض إلى النصف. وزاد عشرة أضعاف في المساجد".
ويحذّر التقرير من استخدام الإنترنت في نشر الأيديولوجيا الإسلامية، كما يحذّر من أن القسم الأكبر من الأجوبة عن الأسئلة الدينية عن طريق الإنترنت يقدّمها "دعاة سلفيون".
ويترافق نشر التقرير مع اجتماعات متواصلة حول الإسلام في فرنسا، ينظمها الأمن في مختلف الأقاليم من أجل العمل على مقترحات في هذا المجال. وهو ما سيرتكز عليه ماكرون في منح "إطار وقواعد انسجاماً مع قوانين الجمهورية".
وبموازاة نشر التقرير، كرّست صحيفة "لوفيغارو" اليمينية ملفاً حول الموضوع بعنوان: "البروباغاندا المقلقة للأيديولوجيا الإسلامية"، وهو تقرير يتناول نشاط الإسلاميين على الإنترنت، الذي وصفته الصحيفة بأنه "المؤذّن الذي ينادي للإسلامية العالمية".
كلك نشرت الصحيفة موضوعاً مطوَّلاً حول "شبكة الدعاية المنظَّمَة حول العالم"، وتطرقت فيه إلى خمس شخصيات في قائمة الخمسة عشر المؤثِّرين على "تويتر". وهم الدعاة محمد العريفي وعائض القرني، ثم الإعلامي أحمد الشقيري، والشيخ سلمان العودة، ثم المنشد مشاري راشد العفاسي. وتخلُصُ الصحيفة الفرنسية إلى أن عدد متابعي هؤلاء الخمسة يصل إلى أكثر من 87 مليون متابع، وأن لهم تأثيراً على جمهور واسع.