تجدد أزمة الخبز في السودان... ومواطنون يتهمون "جهات" بافتعالها

21 اغسطس 2019
السودانيون يعانون من تكرار أزمات الخبز(أشرف الشاذلي/فرانس برس)
+ الخط -

تجددت أزمة الخبز في السودان خلال الأيام الماضية، لتمتد صفوف المواطنين أمام المخابز في العديد من المناطق لا سيما العاصمة الخرطوم، الأمر الذي أرجعه مسؤول إلى نقص الوقود الذي أدى إلى صعوبات في توزيع الدقيق على المخابز، بينما يقول مواطنون إن "جهات بعينها" تقف وراء أزمات الخبز في الفترة الأخيرة لعرقلة أي إصلاحات تشهدها البلاد.

ويقول المواطن عيسي عبد الرحمن من سكان الخرطوم لـ"العربي الجديد" إن "أزمة الخبز تعود من جديد، لكن الجميع يعلم أن الأمر ليس مفاجئا، فهناك معوقات تحد من قدرة المخابز علي الإنتاج وتوفير الخبز للمواطن".

ويشير مراقبون إلى تحكم منتسبين للنظام السابق في كل منافذ إنتاج وتوزيع الدقيق، كما أن بعضهم يمتلك مخابز تنتشر في الخرطوم وبعض الولايات الأخرى، لافتين إلى أن إغلاق العديد من المخابز أبوابها في الأيام الماضية فاقم من الأزمة.

وارتفعت طموحات السودانيين خلال الأيام الأخيرة بالدخول في منحى جديد ربما يتحقق من خلاله واقع اقتصادي أفضل، وسط أزمات معيشية خانقة تفاقمت، خلال الشهور الماضية.

وترى أوساط اقتصادية أن توقيع المجلس العسكري وقوى "إعلان الحرية والتغيير" على وثيقتي الاتفاق السياسي والإعلان الدستوري بشكل نهائي، يوم السبت الماضي، خطوة في الطريق الصحيح لتجاوز العديد من العقبات، أبرزها غلاء السلع والخدمات وأزمات السيولة النقدية والخبز وتفاقم المشاكل الحياتية، حيث يترقب الشارع انعكاس الاستقرار السياسي والأمني على مختلف القطاعات.

وكان المجلس العسكري، الذي تولى الحكم بعد عزل البشير قبل نحو أربعة أشهر، قد تعهد بالعمل على حل أزمة السيولة النقدية وتوفير السلع الأساسية، لا سيما الوقود والخبز، إلا أن العديد من الأزمات ما تزال قائمة.


وساهم التدهور الاقتصادي وتفاقم الأزمات المعيشية، في اندلاع الاحتجاجات الشعبية الساخطة منذ عدة شهور، والتي أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير في إبريل/نيسان الماضي بعد نحو خمسة أشهر من التظاهرات.

وسبق أن شهد السودان أزمة خبز نهاية يوليو/تموز الماضي، ما دعا الغرفة القومية للدقيق إلي تكوين لجنة لضبط ومراقبة توزيع الحصص إلى المخابز، لإنهاء الأزمة.

وبينما توجه الاتهامات لبعض القائمين على توزيع الدقيق وأصحاب المخابز بالتسبب في الأزمة، فإن مسؤولين في قطاع المخابز يرجعون الأزمة إلى وجود مشاكل حقيقية تتمثل في نقص الوقود والانقطاع المتكرر للكهرباء ونقص العمالة، ما يجعل أزمة الخبز تطل بوجهها بشكل متكرر بين الحين والآخر.

يقول الأمين العام لاتحاد المخابز، جبارة الباشا لـ"العربي الجديد" إن "أزمة الخبز ترجع إلى مشكلات في الترحيل (توزيع الدقيق) بسبب الأمطار ونقص الوقود، فضلا عن نقص العمالة بسبب عطلة عيد الأضحى الأسبوع الماضي، وليس لشح الدقيق، لافتا إلى أن الكميات المتوفرة من الدقيق كافية لإنهاء الأزمة في وقت قريب.

من جهته، يقول محمد مفتاح صاحب مخبز في الخرطوم إنه إلى جانب قلة حصص الدقيق، تراجعت الكميات المخبوزة إلى 7 أجولة (أشوال) يومياً بدلا عن 20 جوالا بسبب نقص العمالة، كما أن بعض المخابز تتخوف من انقطاع الغاز، لذا فإنها تعمل وردية واحدة (دواما واحداً) خلال اليوم".


وتشكو قطاعات واسعة في السودان (سكنية وتجارية وصناعية) من استمرار الانقطاعات المتكررة في الإمداد الكهربائي، بسبب أزمة الوقود ونقص النقد الأجنبي، ما تسبب في تراجع الإنتاج مقابل ارتفاع كبير للاستهلاك.

وتعاني البلاد من نقص حاد في العملات الصعبة والمواد التموينية، ولا يعرف على وجه التحديد حجم احتياطي النقد الأجنبي الحالي في الدولة التي تراكمت الديون الخارجية عليها.

وأظهرت بيانات رسمية، أن إجمالي الدين الخارجي للسودان يبلغ نحو 58 مليار دولار، النسبة الكبرى منه فوائد وغرامات تأخير. وأوضحت البيانات الواردة في تقرير مشترك بين البنك الدولي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، صادرة في مايو/أيار الماضي، أن أصل الدين الخارجي يراوح بين 17 و18 مليار دولار، والمتبقي من إجمالي الدين بنسبة 85 في المائة عبارة عن فوائد وجزاءات، بدأت في التراكم منذ عام 1958.

ووفقا للتقرير، فإن قائمة دائني السودان تضم مؤسسات متعددة الأطراف بنسبة 15 في المائة ونادي باريس 37 في المائة، و36 في المائة لأطراف أخرى، بجانب 14 في المائة للقطاع الخاص.

وتراجع إنتاج السودان النفطي بعد انفصال جنوب السودان في 2011 من 450 ألف برميل إلى ما دون 100 ألف، ما جعل الحكومة السودانية تلجأ لاستيراد أكثر من 60% من المواد البترولية لتلبية حاجات البلاد.

وفقد الجنيه السوداني حوالى 70 في المائة من قيمته منذ نهاية 2018 في السوق السوداء. وبلغت معدلات التضخم 52.5 في المائة في يوليو/تموز الماضي، مقارنة بنحو 47.78 في المائة في يونيو/حزيران، حسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء.

المساهمون