01 نوفمبر 2024
تانغو الجولاني - منصور
على الرغم مما يفترض أنه سبق صحافي لقناة "الجزيرة" في اللقاء مع زعيم جبهة "النصرة"، أبو محمد الجولاني، إلا أن ما شاهدناه لم يكن مقابلة صحافية بأي شكل، وحتى إنه لم يأخذ أي معاني السبق الإعلامي، طالما أن كلام الجولاني تقريباً هو نفسه، خصوصاً في ما سبقها من ترويج عن إمكان إعلان الرجل الانفصال عن تنظيم "القاعدة"، وهو ما لم يحصل، إذ أكد أنه لا يزال ملتزماً بأوامر زعيمها، أيمن الظواهري.
يمكن وصف اللقاء بأنه كان دردشة بين "صديقين" لم يلتقيا منذ زمن طويل، وكانت شاشة "الجزيرة" ساحة لهذا التلاقي، ليسرد الأول (الجولاني) تفاصيل تطورات حياته خلال فترة الانقطاع، أي قبل سنتين، حين كان اللقاء مع "الصديق الآخر" تيسير علوني، بينما يكتفي الثاني (منصور) بالإنصات طرباً. ولم يكن ينقصه إلا أن يردد "ما شاء الله" عند حديث الجولاني عن "إنجازات" النصرة في الأراضي السورية، والطريقة المتبعة في إدارة الأراضي المحررة من قبضة النظام.
لم يحاول منصور التدخل في أي لحظة في اللقاء ليساجل ويناقش في مواقف كثيرة خطيرة أطلقها الجولاني في كلامه. لم يقف عند مسألة الوفود المرسلة من "النصرة" إلى الدروز لاستتابتهم، أو دعواتهم للدخول في الإسلام، أو دعوته العلويين إلى التخلي عن بشار الأسد، والعودة إلى الإسلام أيضاً. ألم يكن من المفترض أن يقف "الإعلامي المخضرم" عند هذه النقطة، والسؤال على الأقل: "ألا يكفي أن يتخلى الطرفان عن بشار الأسد ونظامه؟". هذا أضعف إيمان الأسئلة التي من المفترض أن يتم خلالها تذكير الجولاني أن الثورة، والتي من المفترض أن "النصرة" تقاتل تحت لوائها، لم تقم من أجل نشر الإسلام في سورية، وقيام دولة الخلافة التي يؤمن بها الجولاني، وربما منصور أيضاً. إذا كان لا يصدق، فليسأل من خرج في اللحظات الأولى للثورة، ومن استشهد لأهداف لم تكن "الدولة الإسلامية" مدرجة ضمنها. ليسأل حمزة الخطيب وغياث مطر وباسل شحادة، وغيرهم كثر، عن أسباب استشهادهم، وهل كان في بالهم أن ما ماتوا من أجله سيأتي يوم ليتم تحويره إلى ما يريد الجولاني والبغدادي وغيرهما. ماذا عن غير المسلمين أو المسلمين من طوائف أخرى الذين شاركوا، ولا يزال كثير منهم مشاركاً، في الثورة، هل كانت غايتهم "العودة إلى الإسلام"؟
مثل هذه الأسئلة لم يخطر على بال منصور أن يوجهها إلى الجولاني، بل كان مشغولاً بتبييض صورته من هذه الناحية، عندما تطوّع ليتحدّث عن مشاهدته الشخصية حماية "النصرة" قرى درزية وعلوية ومسيحية. وحتى عندما تكلم الجولاني عن فرض الجزية على المسيحيين لاحقاً بعد إقامة "الدولة الإسلامية"، مر الأمر طبيعياً على منصور الذي اكتفى بالابتسام موافقة.
وإذا تم استثناء كل ما سبق في ما يخص التعاطي مع الداخل السوري، بكل أطيافه، لم يسع منصور إلى التدخل لمناقشة الجولاني في تعاطيه المرتقب مع الغرب، وعدم معاداته حالياً، وهي القضية التي من المفترض أن تكون لبّ اللقاء والغاية الأساسية لإجرائه، أي تَشذيب صورة النصرة وتقديمها على اعتبارها من مكونات حراك الشعب السوري. لكن الأمر لم يسر على هذا النحو، فالجولاني الآن ملتزم بأوامر الظواهري عدم مهاجمة الغرب، لكن، ماذا لو غيّر الظواهري أوامره؟ لم يتم توجيه مثل هذا السؤال إلى زعيم هذا التنظيم، وتم الاكتفاء بهذا القدر على قاعدة عند تغيير الأوامر "لكل حادث حديث".
هذه التساؤلات وعشرات غيرها، منها مثلاً عمليات الإعدام التي تم تنفيذها بحق كثيرين في أراضي النصرة وفي قضايا مختلفة، وهي عمليات موثقة بالصوت والصورة، لم تكن حاضرة في أوراق منصور قبل المقابلة التي من الواضح أن المساجلة لم تكن أحد أهدافها.
هي بالتأكيد لم تكن مقابلة، كانت رقصة تانغو على نغمة "الدولة الإسلامية". نغمة طرب لها النظام وأعوانه وحلفاؤه، وأدوا رقصتهم المضادة.
لم يحاول منصور التدخل في أي لحظة في اللقاء ليساجل ويناقش في مواقف كثيرة خطيرة أطلقها الجولاني في كلامه. لم يقف عند مسألة الوفود المرسلة من "النصرة" إلى الدروز لاستتابتهم، أو دعواتهم للدخول في الإسلام، أو دعوته العلويين إلى التخلي عن بشار الأسد، والعودة إلى الإسلام أيضاً. ألم يكن من المفترض أن يقف "الإعلامي المخضرم" عند هذه النقطة، والسؤال على الأقل: "ألا يكفي أن يتخلى الطرفان عن بشار الأسد ونظامه؟". هذا أضعف إيمان الأسئلة التي من المفترض أن يتم خلالها تذكير الجولاني أن الثورة، والتي من المفترض أن "النصرة" تقاتل تحت لوائها، لم تقم من أجل نشر الإسلام في سورية، وقيام دولة الخلافة التي يؤمن بها الجولاني، وربما منصور أيضاً. إذا كان لا يصدق، فليسأل من خرج في اللحظات الأولى للثورة، ومن استشهد لأهداف لم تكن "الدولة الإسلامية" مدرجة ضمنها. ليسأل حمزة الخطيب وغياث مطر وباسل شحادة، وغيرهم كثر، عن أسباب استشهادهم، وهل كان في بالهم أن ما ماتوا من أجله سيأتي يوم ليتم تحويره إلى ما يريد الجولاني والبغدادي وغيرهما. ماذا عن غير المسلمين أو المسلمين من طوائف أخرى الذين شاركوا، ولا يزال كثير منهم مشاركاً، في الثورة، هل كانت غايتهم "العودة إلى الإسلام"؟
مثل هذه الأسئلة لم يخطر على بال منصور أن يوجهها إلى الجولاني، بل كان مشغولاً بتبييض صورته من هذه الناحية، عندما تطوّع ليتحدّث عن مشاهدته الشخصية حماية "النصرة" قرى درزية وعلوية ومسيحية. وحتى عندما تكلم الجولاني عن فرض الجزية على المسيحيين لاحقاً بعد إقامة "الدولة الإسلامية"، مر الأمر طبيعياً على منصور الذي اكتفى بالابتسام موافقة.
وإذا تم استثناء كل ما سبق في ما يخص التعاطي مع الداخل السوري، بكل أطيافه، لم يسع منصور إلى التدخل لمناقشة الجولاني في تعاطيه المرتقب مع الغرب، وعدم معاداته حالياً، وهي القضية التي من المفترض أن تكون لبّ اللقاء والغاية الأساسية لإجرائه، أي تَشذيب صورة النصرة وتقديمها على اعتبارها من مكونات حراك الشعب السوري. لكن الأمر لم يسر على هذا النحو، فالجولاني الآن ملتزم بأوامر الظواهري عدم مهاجمة الغرب، لكن، ماذا لو غيّر الظواهري أوامره؟ لم يتم توجيه مثل هذا السؤال إلى زعيم هذا التنظيم، وتم الاكتفاء بهذا القدر على قاعدة عند تغيير الأوامر "لكل حادث حديث".
هذه التساؤلات وعشرات غيرها، منها مثلاً عمليات الإعدام التي تم تنفيذها بحق كثيرين في أراضي النصرة وفي قضايا مختلفة، وهي عمليات موثقة بالصوت والصورة، لم تكن حاضرة في أوراق منصور قبل المقابلة التي من الواضح أن المساجلة لم تكن أحد أهدافها.
هي بالتأكيد لم تكن مقابلة، كانت رقصة تانغو على نغمة "الدولة الإسلامية". نغمة طرب لها النظام وأعوانه وحلفاؤه، وأدوا رقصتهم المضادة.