تاريخ القائمة
في سنة 1972، أقر المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة الذي انعقد في باريس، اتفاقية لحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي. وكان الهدف الأوّل من هذه الاتفاقية، مواجهة حقيقة أن الكثير من مواقع التراث الثقافي والطبيعي الهامة للتاريخ الإنساني تقع في الدول النامية، التي تعاني من إشكاليات متعددة اجتماعية واقتصادية، تجعل من الصعب عليها المحافظة على مواقعها التراثية، صيانة وحماية بشكل منفرد.
وجاء في مسوّدة اتفاقية 1972 "إن اندثار أو زوال أي بند من التراث الثقافي والطبيعي يؤلفان إفقارًا ضارًا لتراث جميع شعوب العالم"، ما يستدعي تكاتف الدول لحفظ التراث باعتباره إرثًا إنسانيًا.
تسعى الاتفاقية إلى تحقيق أربعة أهداف رئيسة: "تسجيل الممتلكات في قائمة التراث العالمي أو في قائمة التراث العالمي المعرّض للخطر"، و"حماية ممتلكات التراث العالمي وصونها"، و"تقديم مساعدة مالية في إطار صندوق التراث العالمي"، وأخيرًا "تعبئة الدعم الوطني والدولي لصالح الاتفاقية".
تحمي الاتفاقية أنماطاً مختلفة من التراث الإنساني؛ النمط الثقافي، ويشمل الآثار من أعمال نحت وتصوير ونقوش على الكهوف.. إلخ. ممّا أبدعه البشر. والمجمّعات التي تشمل مجموعة من المباني التي تحوي قيمة تاريخية أو فنية أو علمية. والمواقع الأخرى التي أبدعها الإنسان وحده أو بمشاركة الطبيعة.
ويشمل النمط الثاني، المواقع الطبيعية ذات القيمة الفيزيائية أو الجيولوجية، أي "لها قيمة استثنائية من وجهة النظر الجمالية أو العلمية"، وتتضمن التشكّلات الطبيعية والمناطق ذات الأهمية للإنسانية. أمّا النمط الثالث، فيمثل التراث المختلط، ويشمل المواقع التي تنطبق عليها بعض سمات المواقع الثقافية والطبيعية، في آن معًا.
ونظرًا إلى حساسية مسألة سيادة الدول على أراضيها، تمّ وضع مهام تحديد مواقع التراث الثقافي والطبيعي، وتسجيلها في منظمة اليونسكو، وقبل هذا، حمايتها وصيانتها على عاتق الدول التي تفرض سيادتها السياسية على الموقع، بالتعاون مع المنظمة. لكن أهمية الاتفاقية تنبع من أنها تتيح للدول التي تسجّل مواقعها، طلب مساعدة المجتمع الدولي لرعاية تلك المواقع، خصوصًا الدعم المالي والفني.
اقرأ أيضاً: بغداد، المتحف الوطني، نيسان 2003
ولأجل ذلك، تمّ إنشاء "صندوق التراث العالمي" الذي تساهم في تمويله دول ومؤسسات أخرى وفق تشريعات منظمة الأمم المتحدة. ويتلقى مساهمات إجبارية من الدول الموقعة على اتفاقية حماية التراث العالمي.
في 1994، حدث تغيّر نوعي في رؤية اليونسكو لقائمة التراث العالمي، إذ أظهرت دراسة للمجلس الدولي للآثار والمواقع، ومن خلال التدقيق في قائمة التراث العالمي في الفترة ما بين 1987 و1993، أن هناك عدم توازن في القائمة من ناحية جغرافية، ومن ناحية محتوى القائمة. حيث تحتل المواقع الأوروبية، سواء أتلك المنتمية إلى التراث المسيحي، أم الأعمال الفنية النخبوية، تمثيلًا مُبالغًا فيه، مقابل التراث الإنساني عمومًا، الذي يقع جزء كبير منه في الدول النامية، حيث أكدت الدراسة على أن الثقافات التقليدية تحظى بتمثيل ضعيف جدًا في القائمة.
لا يشمل عدم التوازن هذا فقط التمثيل المُبالغ فيه للمواقع الأوروبية، ولكنه يطاول عدم التوازن بين المواقع الثقافية والطبيعية أيضاً، فمن بين 410 مواقع مسجلة في القائمة عام 1994، كان عدد المواقع الثقافية 304 مواقع، مقابل وجود 90 موقعًا طبيعيًا، و16 موقعًا مختلطًا.
وبناءً على هذا، أقرت لجنة التراث العالمي استراتيجية عالمية جديدة في 1994، تهدف لإعادة التوازن إلى قائمة التراث العالمي، من خلال محاولة ضمان تمثيل موثوق ومتوازن في القائمة؛ "تعكس التنوّع العالمي الثقافي والطبيعي، الذي يبرز كقيمة عالمية".
اليوم، تتضمن قائمة التراث العالمي 1031 موقعًا، منها: 802 موقع ثقافي، و197 موقعًا طبيعيًا، و32 موقعًا مختلطًا. قرابة نصفها في أوروبا وأميركا الشمالية. وتشكّل المواقع التراثية الموجودة في الدول العربية قرابة 8% من القائمة، أي 79 موقعًا مسجلًا حتى اللحظة. المخيف في هذا السياق، أن من بين 48 موقعًا تضعها اليونسكو على قائمة الخطر اليوم، يوجد 16 موقعًا في الدول العربية، تهددها الحروب والصراعات الأهلية في العراق وسورية واليمن، أو الاعتداءات الإسرائيلية في فلسطين.
واقع المؤهلات؛ الطلاب السعوديون
في حديث لـ"ملحق الثقافة" مع طلاب جامعات متخصصين في دراسة الآثار، تطرّقوا إلى إحباطاتهم التي يمكن إجمالها في نقطتين؛ تتعلّق الأولى بالتأهيل الأكاديمي للمتخصصين في الآثار، الذي يتركز على الجوانب النظرية المتعلّقة بالتاريخ والحضارات، على حساب الجوانب الميدانية التي تُعنى بالتعاطي المباشر مع الحفريات والقطع الأثرية والمواقع التاريخية.
إذ إن التأهيل النظري البحت ساهم، في رأيهم، بجعل قدراتهم على التعاطي الميداني مع الآثار شبه معدومة، ما يجعل تأهيلهم ضعيفًا في قضايا التنقيب وترميم الآثار. فلم يتمكنوا من ممارسة العمل الميداني، ليس فقط بسبب ضعف المشاريع في هذا الاتجاه، ولكن أيضًا بسبب ضعف التدريب كذلك.
النقطة الثانية التي أثاروها مرتبطة بالأولى بصورة ما، وتتعلق بآفاق العمل بعد انتهاء دراستهم في تخصص الآثار والسياحة، إذا استثنينا النسبة القليلة المحظوظة منهم، التي ستعمل في مجال تخصصها الأكاديمي، إذ سيتجه أغلبهم للعمل في وظائف حكومية أو في القطاع الخاص، بعيدًا عن مجال دراستهم. حيث لا يوجد قطاع واسع يمكن أن يستوعب "الآثاريين" من خريجي الجامعات والكليات السعودية. ويصبح الأمر أكثر تعقيدًا، عند الحديث عن المتخصصات في الأثار، من النساء السعوديات.
في سنة 1972، أقر المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة الذي انعقد في باريس، اتفاقية لحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي. وكان الهدف الأوّل من هذه الاتفاقية، مواجهة حقيقة أن الكثير من مواقع التراث الثقافي والطبيعي الهامة للتاريخ الإنساني تقع في الدول النامية، التي تعاني من إشكاليات متعددة اجتماعية واقتصادية، تجعل من الصعب عليها المحافظة على مواقعها التراثية، صيانة وحماية بشكل منفرد.
وجاء في مسوّدة اتفاقية 1972 "إن اندثار أو زوال أي بند من التراث الثقافي والطبيعي يؤلفان إفقارًا ضارًا لتراث جميع شعوب العالم"، ما يستدعي تكاتف الدول لحفظ التراث باعتباره إرثًا إنسانيًا.
تسعى الاتفاقية إلى تحقيق أربعة أهداف رئيسة: "تسجيل الممتلكات في قائمة التراث العالمي أو في قائمة التراث العالمي المعرّض للخطر"، و"حماية ممتلكات التراث العالمي وصونها"، و"تقديم مساعدة مالية في إطار صندوق التراث العالمي"، وأخيرًا "تعبئة الدعم الوطني والدولي لصالح الاتفاقية".
تحمي الاتفاقية أنماطاً مختلفة من التراث الإنساني؛ النمط الثقافي، ويشمل الآثار من أعمال نحت وتصوير ونقوش على الكهوف.. إلخ. ممّا أبدعه البشر. والمجمّعات التي تشمل مجموعة من المباني التي تحوي قيمة تاريخية أو فنية أو علمية. والمواقع الأخرى التي أبدعها الإنسان وحده أو بمشاركة الطبيعة.
ويشمل النمط الثاني، المواقع الطبيعية ذات القيمة الفيزيائية أو الجيولوجية، أي "لها قيمة استثنائية من وجهة النظر الجمالية أو العلمية"، وتتضمن التشكّلات الطبيعية والمناطق ذات الأهمية للإنسانية. أمّا النمط الثالث، فيمثل التراث المختلط، ويشمل المواقع التي تنطبق عليها بعض سمات المواقع الثقافية والطبيعية، في آن معًا.
ونظرًا إلى حساسية مسألة سيادة الدول على أراضيها، تمّ وضع مهام تحديد مواقع التراث الثقافي والطبيعي، وتسجيلها في منظمة اليونسكو، وقبل هذا، حمايتها وصيانتها على عاتق الدول التي تفرض سيادتها السياسية على الموقع، بالتعاون مع المنظمة. لكن أهمية الاتفاقية تنبع من أنها تتيح للدول التي تسجّل مواقعها، طلب مساعدة المجتمع الدولي لرعاية تلك المواقع، خصوصًا الدعم المالي والفني.
اقرأ أيضاً: بغداد، المتحف الوطني، نيسان 2003
ولأجل ذلك، تمّ إنشاء "صندوق التراث العالمي" الذي تساهم في تمويله دول ومؤسسات أخرى وفق تشريعات منظمة الأمم المتحدة. ويتلقى مساهمات إجبارية من الدول الموقعة على اتفاقية حماية التراث العالمي.
في 1994، حدث تغيّر نوعي في رؤية اليونسكو لقائمة التراث العالمي، إذ أظهرت دراسة للمجلس الدولي للآثار والمواقع، ومن خلال التدقيق في قائمة التراث العالمي في الفترة ما بين 1987 و1993، أن هناك عدم توازن في القائمة من ناحية جغرافية، ومن ناحية محتوى القائمة. حيث تحتل المواقع الأوروبية، سواء أتلك المنتمية إلى التراث المسيحي، أم الأعمال الفنية النخبوية، تمثيلًا مُبالغًا فيه، مقابل التراث الإنساني عمومًا، الذي يقع جزء كبير منه في الدول النامية، حيث أكدت الدراسة على أن الثقافات التقليدية تحظى بتمثيل ضعيف جدًا في القائمة.
لا يشمل عدم التوازن هذا فقط التمثيل المُبالغ فيه للمواقع الأوروبية، ولكنه يطاول عدم التوازن بين المواقع الثقافية والطبيعية أيضاً، فمن بين 410 مواقع مسجلة في القائمة عام 1994، كان عدد المواقع الثقافية 304 مواقع، مقابل وجود 90 موقعًا طبيعيًا، و16 موقعًا مختلطًا.
وبناءً على هذا، أقرت لجنة التراث العالمي استراتيجية عالمية جديدة في 1994، تهدف لإعادة التوازن إلى قائمة التراث العالمي، من خلال محاولة ضمان تمثيل موثوق ومتوازن في القائمة؛ "تعكس التنوّع العالمي الثقافي والطبيعي، الذي يبرز كقيمة عالمية".
اليوم، تتضمن قائمة التراث العالمي 1031 موقعًا، منها: 802 موقع ثقافي، و197 موقعًا طبيعيًا، و32 موقعًا مختلطًا. قرابة نصفها في أوروبا وأميركا الشمالية. وتشكّل المواقع التراثية الموجودة في الدول العربية قرابة 8% من القائمة، أي 79 موقعًا مسجلًا حتى اللحظة. المخيف في هذا السياق، أن من بين 48 موقعًا تضعها اليونسكو على قائمة الخطر اليوم، يوجد 16 موقعًا في الدول العربية، تهددها الحروب والصراعات الأهلية في العراق وسورية واليمن، أو الاعتداءات الإسرائيلية في فلسطين.
واقع المؤهلات؛ الطلاب السعوديون
في حديث لـ"ملحق الثقافة" مع طلاب جامعات متخصصين في دراسة الآثار، تطرّقوا إلى إحباطاتهم التي يمكن إجمالها في نقطتين؛ تتعلّق الأولى بالتأهيل الأكاديمي للمتخصصين في الآثار، الذي يتركز على الجوانب النظرية المتعلّقة بالتاريخ والحضارات، على حساب الجوانب الميدانية التي تُعنى بالتعاطي المباشر مع الحفريات والقطع الأثرية والمواقع التاريخية.
إذ إن التأهيل النظري البحت ساهم، في رأيهم، بجعل قدراتهم على التعاطي الميداني مع الآثار شبه معدومة، ما يجعل تأهيلهم ضعيفًا في قضايا التنقيب وترميم الآثار. فلم يتمكنوا من ممارسة العمل الميداني، ليس فقط بسبب ضعف المشاريع في هذا الاتجاه، ولكن أيضًا بسبب ضعف التدريب كذلك.
النقطة الثانية التي أثاروها مرتبطة بالأولى بصورة ما، وتتعلق بآفاق العمل بعد انتهاء دراستهم في تخصص الآثار والسياحة، إذا استثنينا النسبة القليلة المحظوظة منهم، التي ستعمل في مجال تخصصها الأكاديمي، إذ سيتجه أغلبهم للعمل في وظائف حكومية أو في القطاع الخاص، بعيدًا عن مجال دراستهم. حيث لا يوجد قطاع واسع يمكن أن يستوعب "الآثاريين" من خريجي الجامعات والكليات السعودية. ويصبح الأمر أكثر تعقيدًا، عند الحديث عن المتخصصات في الأثار، من النساء السعوديات.