تاريخ اليورو(7) بلاتيني المتوهج يُهدي بلاده أولى ألقابها القارية

01 يونيو 2016
+ الخط -
تترقب جماهير الساحرة المستديرة في القارة الأوروبية العجوز بشغف انطلاق النسخة الخامسة عشرة من بطولة أمم أوروبا لكرة القدم "يورو 2016" التي تستضيفها ملاعب كرة القدم الفرنسية، خلال الفترة ما بين العاشر من شهر يونيو/حزيران وحتى العاشر من شهر يوليو/تموز المقبل، ومع بدء العد التنازلي لساعة الصفر إيذاناً بانطلاق البطولة؛ يُواصل موقع "العربي الجديد" تسليط الضوء على تاريخ البطولة القارية التي ربما تفوق في قوتها بطولات كأس العالم.

عودة الدور نصف النهائي
وسنستعرض معكم، في حلقة هذا اليوم، ذكريات ما حدث في النسخة السابعة من بطولة أمم أوروبا لكرة القدم التي استضافتها فرنسا في عام 1984؛ والتي كانت شاهدة على عودة مباريات الدور نصف النهائي الذي تم إلغاؤه في النسخة السادسة التي استضافتها ملاعب كرة القدم الإيطالية في عام 1980، هذا مع الأخذ بعين الاعتبار استمرار مشاركة ثمانية منتخبات في النهائيات، تم تقسيمها إلى مجموعتين تتنافس فيها الدول المشاركة فيما بينها على أن يترشح للدور نصف النهائي متصدر كل مجموعة، إضافة للمنتخب صاحب المركز الثاني، بحيث يلتقي أول المجموعة الأولى مع ثاني المجموعة الثانية، ويلعب أول المجموعة الثانية مع ثاني المجموعة الأولى، ويتأهل الفائزان إلى المباراة النهائية.

مفاجآت مدوية في التصفيات
واتسمت التصفيات المؤهلة لبطولة أمم أوروبا لكرة القدم التي استضافتها فرنسا في عام 1984 بحدوث مفاجآت من العيار الثقيل لعل أبرزها خروج المنتخب الإيطالي، حامل لقب بطولة كأس العالم 1982، من التصفيات، التي أقيمت بعد أشهر من تتويجه بلقب البطولة الأغلى في تاريخ كرة القدم.

ولم يَدُر في مخيلة أشد المتشائمين من عشاق المنتخب الإيطالي أدنى شك بأن منتخب الأتزوري سوف يفشل في اجتياز عقبة التصفيات المؤهلة لبطولة أمم أوروبا، لا سيّما أن هذه التصفيات قد لُعبت بعد مُضي أشهر قليلة على فوزه بلقب بطولة كأس العالم لكرة القدم 1982 تحت قياده مهاجمه باولو روسي؛ لكن ذلك قد حدث بعدما ودّع المنتخب الإيطالي التصفيات إثر احتلاله المركز الرابع في المجموعة الخامسة خلف منتخبات: رومانيا والسويد وتشيكوسلوفاكيا.

وشهدت المجموعة الثانية أيضاً حدوث مفاجأة أخرى، تمثلت في خروج منتخب الاتحاد السوفييتي من التصفيات بعدما خسر بطاقة التأهل في الجولة الأخيرة لصالح المنتخب البرتغالي، كذلك فقد فجّر المنتخب الدنماركي هو الآخر مفاجأة من العيار الثقيل، بعدما اقتنص بطاقة التأهل عن المجموعة الثالثة على حساب نظيره الإنجليزي.

وكاد المنتخب الألماني أن يلحق بركب المنتخبات الكبرى التي خرجت من التصفيات بعدما خسر أمام منتخب ايرلندا الشمالية في مباراتي الذهاب والإياب، لكن فارق الأهداف في نهاية التصفيات قد صبّ في مصلحة الناسيونال مانشافت، ليترشح بالتالي المنتخب الألماني عن المجموعة السادسة، بعدما تفوق بفارق الأهداف عن نظيره الإيرلندي، الذي حصد هو الآخر 11 نقطة طوال مباريات التصفيات.

ولم تشهد بقية المجموعات الأخرى حدوث أي مفاجأة تُذكر، فقد ترشح المنتخب البلجيكي عن المجموعة الأولى، فيما حجز منتخب يوغسلافيا تذكرة الصعود لعاصمة الأنوار عن المجموعة الرابعة، فيما خطف المنتخب الإسباني بطاقة التأهل عن المجموعة السابعة، رغم تساويه في عدد النقاط مع نظيره الهولندي، حيث كان فارق الأهداف فاصلاً بينهما بعدما اكتسح منتخب "لافوريا روخا" نظيره منتخب مالطا بنتيجة 11-1 في اللقاء الختامي للتصفيات، مما جعله يتربع على عرش المجموعة بفارق 7 أهداف عن هولندا، التي شكّكت بإمكانية وجود تلاعب في المباراة الختامية للتصفيات.

نفاد التذاكر قبل أسبوع من انطلاق البطولة
بعد تأهل سبعة منتخبات من التصفيات المؤهلة للبطولة الأوروبية إلى النهائيات؛ انضمت إليها فرنسا باعتبارها الدولة المضيفة للنهائيات، التي جرت في سبع مدن فرنسية وعلى سبعة ملاعب هي: (ملعب حديقة الأمراء في العاصمة باريس ، و ملعب فيلكس بولارد بمدينة لنس، و ملعب فيلودروم في مدينة مارسيليا، وملعب دي لا بواجور في مدينة نانت، و ملعب غيرلاند في مدينة ليون، و ملعب غيوفروي غيشارد في مدينة سانت إتيان، وملعب دي لا ميانوا في مدينة ستراسبورغ) حيث نفدت آنذاك تذاكر البطولة المرتقبة قبل أسبوع واحد من انطلاق البطولة.

إصابة مروعة في المباراة الافتتاحية
في الثاني عشر من شهر يونيو عام 1984، اتجهت أنظار عُشاق الساحرة المستديرة في القارة الأوروبية العجوز صوب ملعب حديقة الأمراء بالعاصمة الفرنسية "باريس" والذي احتضن آنذاك المباراة الافتتاحية للبطولة، والتي جمعت بين المنتخبين الفرنسي ونظيره الدنماركي، والتي كانت شاهدة على واحدة من أعنف الإصابات في تاريخ البطولة، حين تعرض آنذاك مهاجم المنتخب الدنماركي ونادي برشلونة الإسباني السابق، آلان سيمونسن، لإصابة عنيفة بكسر في الساق، ليستغل لاعبو المنتخب الفرنسي بعد ذلك فرصة تأثر لاعبي المنتخب الدنماركي بخروج أبرز نجومه، وينجحوا في الخروج فائزين من تلك المباراة بهدف نظيف حمل إمضاء أسطورة كرة القدم الفرنسية، ميشيل بلاتيني.

توهج بلاتيني
لم يكتفِ "بلاتيني" بقيادة منتخب بلاده للفوز على حساب نظيره الدنماركي، فقد عاد مرة أخرى ليقود منتخب الديوك الزرقاء للفوز على المنتخب البلجيكي بنتيجة خمسة أهداف دون مقابل، بعد أن أحرز في تلك المباراة ثلاثة أهداف "هاتريك" وهو نفس عدد الأهداف التي أحرزها في مباراة منتخب بلاده الأخيرة في مرحلة المجموعات أمام يوغسلافيا التي انتهت بفوز منتخب الديوك بنتيجة ثلاثة أهداف مقابل هدفين، حيث أحرز نجم كرة القدم الفرنسية السابق "ثلاثية نادرة" افتتحها بهدف بقدمه اليسرى، قبل أن يهز الشباك من رأسية قوية، ويختتم سجله في هذه المباراة بهدف أتى من ضربة حرة سددها بقدمه اليمنى.

منتخب الدنمارك يُرافق الديوك رغم إصابة سيمونسن
رغم أن غالبية الخبراء والنقاد قد توقعوا خروج المنتخب الدنمارك من مرحلة المجموعات بعد إصابة نجمه، آلان سيمونسن، إلا أنّ منتخب الديناميت الدنماركي قد فاجأ الجميع بعدما انفجر في المباراة الثانية له، وتمكن بأداء هجومي فريد من اكتساح نظيره منتخب يوغسلافيا بنتيجة خمسة أهداف دون مقابل، قبل أن ينجح في الفوز على حساب منتخب بلجيكا بنتيجة ثلاثة أهداف مقابل، ليحجز بطاقة التأهل الثانية عن المجموعة الأولى، التي شهدت وحدها تسجيل 23 هدفاً أي أقل بأربعة أهداف من كل الأهداف التي سُجلت في البطولة السابقة التي أقيمت في إيطاليا عام 1980.



مفاجأة برتغالية .. وخروج مبكر لحامل اللقب
وعلى النقيض تماماً من المجموعة الأولى؛ لم تعرف المجموعة الثانية التي ضمت كلاً من منتخبات (إسبانيا، البرتغال، ألمانيا، رومانيا) غزارة تهديفية، وغلب التحفظ الدفاعي المبالغ على معظم المباريات، حيث سقط المنتخب الألماني، حامل اللقب، في فخ التعادل السلبي أمام نظيره البرتغالي في المباراة الأولى، قبل أن يفوز بصعوبة بالغة على نظيره الروماني بنتيجة هدفين مقابل هدف، ومن ثم يخسر بنتيجة هدف دون مقابل في المباراة الأخيرة له أمام نظيره الإسباني الذي صعد إلى الدور نصف النهائي بعدما تصدر المجموعة بفارق الأهداف عن المنتخب البرتغالي، الذي حقق المفاجأة الكبرى بالترشح على حساب أبطال أوروبا.

نصف نهائي مُثير
في الدور نصف النهائي، تأهل متصدر المجموعة الأولى، المنتخب الفرنسي، من أجل مواجهة ثاني المجموعة الثانية، المنتخب البرتغالي، في المباراة التي أقيمت آنذاك على ملعب فيلودروم بمدينة مارسيليا، في المقابل لعب أول المجموعة الثانية، المنتخب الإسباني، مع ثاني المجموعة الأولى، المنتخب الدنماركي، في المواجهة التي احتضنها ملعب غيرلاند في مدينة ليون.

وعرفت المباراة الأولى إثارة غير مسبوقة بعدما فرض التعادل الإيجابي بنتيجة هدف لكل منتخب على المباراة التي جمعت المنتخب الفرنسي، صاحب الأرض، بنظيره البرتغالي، لتمتد المباراة إلى وقت إضافي فاجأ خلاله مهاجم المنتخب البرتغالي، روي جورداو، الجميع بإحراز هدف ثانٍ لمنتخب بلاده، ليُصبح المنتخب صاحب الأرض والجمهور قاب قوسين وأدنى من مغادرة البطولة، إلى أن جاء الفرج عبر جان فرانسوا دوميرجي، الذي تمكن من إدراك التعادل لمنتخب بلاده في الدقيقة 114، قبل أن يُسجل نجم البطولة، ميشيل بلاتيني، هدفاً دراماتيكياً في الدقيقة 119 من الوقت الإضافي، ليمنح منتخب بلاده الفوز وبطاقة التأهل إلى المباراة النهائية، ليضرب موعداً مع إسبانيا، التي استعانت بركلات الجزاء الترجيحية من أجل إقصاء الدنمارك والصعود للمباراة النهائية.

ختامها مسك
دخل لاعبو المنتخب الفرنسي المباراة النهائية التي أقيمت على ملعب حديقة الأمراء بالعاصمة الفرنسية "باريس" ويحدوهم الأمل في التتويج بلقب البطولة من أجل رسم البسمة على شفاه الجماهير الحاضرة، وتعويض خيبة الأمل التي عاشها الشعب الفرنسي جراء النتائج الكارثية التي حقّقها المنتخب في بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 1982.

وبخلاف مباريات الدور نصف النهائي؛ لم ترتقِ المباراة النهائية، التي شاهدها نحو 47,368 متفرجاً يتقدمهم الرئيس الفرنسي في ذلك الوقت، فرانسوا ميتران، ونجل ملك إسبانيا الأمير فيليب كارلوس، ورئيس الوزراء الإسباني غونزاليز؛ لمستوى التطلعات، لدرجة ظلّ فيها الجمهور الفرنسي ينتظر حتى الدقيقة 57، حين هز النجم الفرنسي، ميشيل بلاتيني، الشباك الإسبانية بتسديدة من ركلة حرة احتسبها الحكم التشيكي، فويتيتش كريستوف، خارج منطقة جزاء منتخب لا فوريا، ليفتتح باب التسجيل لمنتخب بلاده، مُستغلاً خطأ الحارس الإسباني، لويس أركونادا، الفادح.

وتراجع المنتخب الفرنسي بعد ذلك للوراء، وقام المنتخب الإسباني بشن عدة محاولات خطيرة على مرمى الحارس الفرنسي، جويل باتس، حتى قضى مهاجم منتخب الديوك، برونو بيلون، على أحلامهم، بإحرازه هدف منتخب بلاده الثاني، في الدقيقة الأخيرة، ليُتوج الأزرق الفرنسي بلقب البطولة للمرة الأولى في تاريخه، وسط فرحة هستيرية من الجماهير التي كانت في ملعب حديقة الأمراء.

دلالات
المساهمون