تاريخ الهوليغانز عبر العصور

04 يونيو 2018
إتلاف الممتلكات العامة من قبل المشجعين الإنكليز (Getty)
+ الخط -
نشأت ظاهرة "الهوليغانز" في إنكلترا في نهاية القرن التاسع عشر مع بدء ظهور الأندية في بريطانيا ؛ إذ شهدت الملاعب عدداً من الأحداث المأساوية والمرعبة كان ضحيتها الأولى حكام المباريات ومشجعي الفرق المنافسة جراء الاعتداءات الجسدية التي كانت تقوم بها تلك المجموعات.

وتعني كلمة "الهوليغانز" باللغة الإنكليزية المشاكس أو العنيف أو صاحب السلوك الدموي المدمر السفاح، وظهرت تلك المجموعات على شكل عصابات تشجع الفرق الإنكليزية، من أبرزها عصابة تطلق على نفسها اسم "ذا هيرد" لنادي أرسنال، وأخرى أعلنت بأنها "الجيش الأحمر" للشياطين الحمر نادي مانشتر يونايتد، أما مشجعو نادي بيرنلي فوصفو نفسهم بأنهم "نادي الانتحاريين".

تاريخ أعمالهم الإجرامية

بدأت تلك المجموعات التي اتخذت صفة العصابات عملها الإجرامي خلال كأس الاتحاد الإنكليزي بين ناديي نوتنغهام وفوريست نيوكاسل عام 1974، إذ قام مشجعو نيوكاسل باقتحام الملعب بعد خسارة فريقهم بثلاثة أهداف لهدف والتهجم على اللاعبين والمشجعين، مما خلف نقل 23 شخصاً إلى المستشفيات وهم في حال خطرة.

وعاودت تلك العصابات عملها في عام 1975 بنهائي دوري أبطال أوروبا، والتي كانت تعرف بـ"كأس أوروبا" بين بايرن ميونخ الألماني وليدز يونايتد الإنكليزي على ملعب "بارك دي برينس" في باريس، والتي انتهت بفوز النادي البفاري بهديفن مقابل لا شيء لتقوم الجماهير الإنكليزية بالاعتداء على مشجعي النادي الألماني، ما أوقع عشرات الجرحى مما دفع الاتحاد الأوروبي لإيقاف النادي الإنكليزي أوروبيا.

وبعد عامين فقط، عاودت عصابة "الجيش الأحمر"، والتي كانت تشجع نادي مانشستر يونايتد الإنكليزي الظهور في مباراة الذهاب في كأس أوروبا عام 1977، والتي جمعت بين سانت إتيان الفرنسي صاحب الأرض وضيفه مانشستر يونايتد؛ إذ قامت الجماهير الفرنسية برمي الجماهير الفرنسية بقطع من "الكروسان" واستفزار نظيرتها الإنكليزية التي كانت تعاني حينها من إضراب المخابز في بريطانيا، وهو ما دفع تلك العصابات لبدء المعركة ونتج عنها إصابة أكثر من 30 شخصاً ونقلهم إلى المستشفيات بشكل عاجل.

وقرر الاتحاد الأوروبي وقتها إخراج الشياطين الحمر من البطولة، إلا أنه في النهاية نقل مباراة الإياب إلى ملعب بلايموث، والذي يبعد 300 كلم عن ملعب مانشستر يونايتد الذي فاز بنتيجة المباراتين على النادي الفرنسي 3-1.

معركة لوتون تاون

واجه نادي لوتون تاون على ملعبه فريق ميلوول ضمن ربع نهائي كأس الاتحاد الإنكليزي في 1985، إذ قام مشجعو ميلوول بإلقاء الأدوات الحادة على حارس لوتون بعد خسارتهم للمباراة، واقتحموا الملعب وأخذوا بالاعتداء على لاعبي فريق لوتون تاون الذين فروا مسرعين نحو غرف الملابس.

وعاث الهوليغانز المحسوب على نادي ميلوول فساداً في الملعب، إذ قاموا بتكسير المقاعد وتخريب التجهزيات، وهو أمر لم يشبع إجرامهم ليخرجوا إلى المدينة ويستكملوا ما فعلوه بالملعب من تخريب للمنشآت الحكومية والخاصة، مما دفع السلطات البريطانية لتشكيل مجلس لمحاربة هذه الظاهرة، ووضع حد لها لتخلف تلك الحادثة البشعة 81 جريحاً بينهم 31 من رجال الأمن.

مأساة هيسل

تعتبر جريمة استاد هيسيل في بلجيكا أبشع جريمة ارتكبتها عصابات الهوليغانز عبر تاريخ كرة القدم في نهائي دوري أبطال أوروبا عام 1985 بين ناديي ليفربول الإنكليزي ويوفنتس الإيطالي.

بدأت الجريمة أحداثها قبل خمس دقائق فقط من بداية المباراة؛ إذ هاجم الهوليغانز الإنكليز مشجعي نادي السيدة العجوز، وهو ما اضطرهم إلى الهروب ما تسبب بسقوط أحد الجدران ومقتل 32 مشجعاً على الفور وإصابة نحو 600 شخص.

سارع الاتحاد الأوروبي مباشرة إلى اتخاذ قرار بمنع الفرق الإنكليزية من المشاركة في البطولات الأوروبية لمدة خمس سنوات، في حين عوقب نادي ليفربول بالإيقاف لست سنوات، مع تهديد الفرق الإنكليزية بعقوبات أشد صرامة إن لم يتم اتخاذ القرارات الصارمة بحق المجموعات الإجرامية التي باتت ترهب الملاعب الأوروبية، ودعوة السلطات الإنكليزية لأخذ إجراءات حاسمة ضد هؤلاء المجرمين.

قانون تاتشر

سارعت رئيسة الوزراء البريطانية الراحلة "مارغريت تاتشر" الملقبة بالمرأة الحديدة حينها إلى وضع قوانين صارمة اتجاه العنف الحاصل من قبل "الهوليغانز" الإنكليز، بعد الجريمة التي شهدها استاد هيسيل في بلجيكا، وخلف عشرات القتلى والجرحى في صفوف مشجعي نادي يوفنتوس الإيطالي.

واعتمد مجلس العموم في بريطانيا بعد شهرين مما جرى في نهائي دوري أبطال أوروبا 1985 في بلجيكا، القانون الذي سنته تاتشر وعرف بــ"قانون شغب الملاعب"، إذ تم منع دخول العناصر المشاغبة من دخول الملاعب إلى الأبد، وحبس من يقوم بها مدة تتراوح بين ستة أشهر إلى خمس سنوات.

ويجرم قانون تاتشر من يقوم برفع لافتات مثيرة للتعصب أو العنصرية أو يدعو لأعمال الشغب، والسماح بتفتيش كل المشجعين عبر أجهزة كشف المعادن مع وجود الخيول والكلاب البوليسية على مداخل الملاعب.

وجرى التطبيق الفعلي لهذا القانون مع بداية التسعينات، إذ تمت معاقبة جماهير نيوكاسل الإنكليزي مطلع التسعينات بإغلاق مدرج كامل لمدة ست مباريات، وفرض عقوبات مالية قاسية مع التهديد بحرمان جماهير النادي من حضور مباريات فريقهم إن تكرر ما فعلوه من رفع لافتات عنصرية ضدّ لاعبي وجماهير نادي توتنهام.

المساهمون