أجلت محكمة النقض المصرية، اليوم السبت، ثاني جلسات الطعن المقدم من هيئة الدفاع عن المعتقلين بقضية "التخابر وتسريب وثائق ومستندات صادرة عن أجهزة الدولة السيادية إلى مؤسسة الرئاسة، وتتعلق بالأمن القومي والقوات المسلحة، وإفشائها إلى دولة قطر"، إلى جلسة 16سبتمبر/ أيلول المقبل، لاستمرار المداولة.
والمتهم في هذه القضية الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، وعشرة آخرون من كوادر وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين، لإلغاء الأحكام الصادرة بالإعدام بحق 6 معتقلين، والسجن على بقية المعتقلين.
واستمعت المحكمة خلال جلسة اليوم، إلى مرافعة هيئة الدفاع عن المعتقلين الطاعنين، في القضية، والتي دفعت بأن الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة "أول درجة"، انطوى على العديد من الأخطاء القانونية.
وأضافت هيئة الدفاع أن هناك بطلانًا في إجراءات المحاكمة، وخطأ في تطبيق القانون وتأويله وتفسيره، وقصوراً في التسبيب والبيان، والفساد في الاستدلال، والخطأ في الإسناد ومخالفة الثابت في الأوراق، والتناقض والتضارب بين أسباب الحكم، والإخلال بحق الدفاع.
وتابعت، بأن الدليل على بطلان الحكم، وإجراءات المحاكمة، يتضح من خلال أن الثابت من محضر جلسة 6 مارس/ أذار 2016، وأن محكمة الجنايات، أضافت اتهامات جديدة للمعتقلين الخامس والسادس والسابع في القضية، ثم أدانت الرئيس محمد مرسي بالاتفاق الجنائي معهم في جميع الاتهامات، التي عدلتها دون أن تكون من بين الاتهامات التي تم التحقيق فيها بمعرفة النيابة العامة.
وأوضحت أن محكمة الجنايات لم تتح للرئيس المعزول محمد مرسي، فرصة للرد على الاتهامات الجديدة وتفنيدها، كما أن المحكمة لم تواجه بها المعتقلين بجلسات المحاكمة أو تستجوبهم بخصوصها، ما يعد ذلك منها تصديا وفقا للمادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية، وبالتالي لا تكون المحكمة صالحة للحكم في القضية.
وأكد أعضاء هيئة للدفاع أن محكمة الجنايات أدانت مرسي، بتولي قيادة بجماعة أسست على خلاف أحكام القانون تأسيسا على أفعال سابقة لتوليه رئاسة الجمهورية، بالرغم من أن الأفعال المنسوبة لمرسي في القضية خاصة بالفترة من شهر يونيو/ حزيران 2013 وحتى 6 سبتمبر/ أيلول 2014، ومن هنا يتبين استناد الحكم إلى أفعال سابقة على ذلك التاريخ بسنين عددا، ما يصم الحكم الطعين بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال.
وأوضح الدفاع أقوال شهود الإثبات التي استند إليها الحكم الطعين لإثبات اختلاس مرسي للوثائق، والمستندات لا تؤدي حتما لإدانته، باعتباره رئيس الدولة والقائد الأعلى للقوات المسلحة آنذاك، وله مطلق السلطة التقديرية، في الاحتفاظ بأي نوع من الوثائق والمستندات، في المكان الذي يريده وبحوزة من يريده وللفترة الزمنية التي يقدرها، بشرط مراعاة ألا يتم إطلاع من ليس له صفه على تلك الوثائق.
ولفت إلى أن هناك انتفاء صلة المعتقل مدير مكتب رئيس الجمهورية، بحفظ جميع التقارير والمكاتبات أيا كان طبيعتها، أو درجة سريتها أو الجهة المرسلة لها، وانقطاع صلته بها بعد عرضها على رئيس الجمهورية، وذلك وفقا للثابت بشهادة الشهود، وكذا وفقا للثابت بالمرفق رقم 9 من تقرير اللجنة المشكلة بقرار المحكمة، والمتمثل في لائحة التقسيمات التنظيمية الرئيسية، والفرعية، والداخلية، لمكتب رئيس الجمهورية، والتي استمر العمل بها إبان فترة تولي المعتقل لوظيفته وفقا للثابت بشهادة الشهود.
كما أن هناك بطلانًا في تقرير هيئة الأمن القومي المؤرخ 11 يونيو/ حزيران 2014، وعدم جواز التعويل على التحريات الواردة به لإجرائها بالتجاوز لحدود الندب، وعن إدانة الرئيس محمد مرسي، بجريمة تولى قيادة في جماعة أسست على خلاف أحكام القانون، أوضح الدفاع أن محكمة الجنايات أدانته بتلك الجريمة رغم انقطاع صلته بجماعة "الإخوان المسلمين" بمجرد انتخابه رئيسا للبلاد.
وشككت هيئة الدفاع عن المعتقلين، في شهادة اللواء عباس كامل مدير مكتب رئيس الجمهورية الحالي، حيث أوضح علاء علم الدين، عضو هيئة الدفاع عن مرسي، أن "تقرير اللجنة خلا من بيان تاريخ ورود المستندات المضبوطة على ذمة القضية لرئاسة الجمهورية، وما إذا كان قد تم إثبات أي منها بدفاتر وارد الرئاسة، أو وارد مكتب رئيس الجمهورية، وخلا التقرير أيضًا من تحديد الدورة المستندية من الوثائق والمستندات التي تعرض على رئيس الجمهورية، كما خلا التقرير من بيان من كان في مكتب المعتقل الأول خلال فترة رئاسته للجمهورية (مرسي)".
كما دفعت بعدم اختصاص المحكمة ولائياً لنظر الدعوى الجنائية استنادا إلى نص المادة 159 من دستور 2014 والقانون 247 لسنة 56، مع بطلان إجراءات التحقيق التي تمت، وبطلان إجراءات الإحالة، وبطلان إجراءات المحاكمة.
كما استمعت المحكمة بجلسة اليوم، إلى مرافعة الدكتور محمد الجندي المحامي الموكل للدفاع عن المعتقل السادس محمد كيلاني (مضيف جوي)، والذي دفع ببطلان الحكم للخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
ويرجع ذلك حسب الجندي إلى أن عماد هذه القضية يقوم على حقيبة المستندات التي زعمت النيابة العامة ضبطها مع المعتقل السادس، والتي ادعت أنه كان ينوي توصيلها إلى دولة قطر، في حين أنه لم تعرض على النيابة ولا على المحكمة الطعين حكمها، هذه المستندات، وسلمت إلى جهة مجهولة كما زعم محرر المحضر ضابط الأمن الوطني (أمن الدولة)، ولا يوجد محضر استلام ولا تسلم لهذه المستندات، ومن ثم فيحاكم المعتقل عن جريمة لم تتصل بها المحكمة ولم تعرض على بساط البحث، مما يجعل الحكم الصادر بإعدام الطاعن حكما منعدما باطلا بطلانا مطلقا، وهو ما ينطبق على بقية المعتقلين.
كما أن المحكمة اعتمدت في إدانتها على اعتراف المعتقل بالتحقيقات على ما يقول الجندي، رغم أن ذلك الاعتراف كان نتيجة إكراه مادي ومعنوي وتعذيب للمتهم كما ثبت بتقارير الطب الشرعي، وتهديده بالاعتداء جنسيا على زوجته أمام عينه، ولم تحقق المحكمة هذا الدفاع الجوهري بالقضية.
وكذلك دفع الدفاع عن الطاعن ببطلان إجراءات القبض والتفتيش لحصولها قبل صدور إذن النيابة العامة، ودلل على ذلك بالبرقيات المرسلة للنائب العام ووزير الداخلية والمحاضر الرسمية باختفاء المعتقل قبل التحقيق والضبط والتفتيش، وطلبه ضم المكالمات الصادرة والواردة من الهاتف المحمول للمعتقل، والتي "نثبت" أنه كان مختفيا قبل التحقيق معه لمدة تزيد على ثلاثة أشهر، مما يبطل إذن النيابة وإجراءات القبض والتفتيش.
وأوضح الجندي أن الحكم "وقع في خطأ شديد عندما قضى بالعلم الشخصي وتبني آراء سياسية في الدعوى، وهو ما لا يجوز في أعمال القضاء وفقا لأحكام قانون السلطة القضائية من أن القضاة مستقلون ولا ينشغلون بالسياسة، والحديث عن جماعة الإخوان المسلمين وتاريخها وعن اعتصام رابعة العدوية، رغم أن الواقعة لن تتناول هذين الأمرين، بل كانت وجهة نظر سياسية من المحكمة التي أصدرت الحكم بالإعدام مما يبطل ذلك الحكم".