10 سبتمبر 2019
بين الجزائر وإيران
محمد الأغظف بوية (المغرب)
عرفت العلاقات الجزائرية الإيرانية تطوراً كبيرا منذ عهد الراحل هواري بومدين الذي حاول التقارب مع إيران الشاه، حيث رعت الجزائر سياسياً المصالحة بين العراق وإيران، مصالحة توّجت بالاتفاق الشهير المعروف باتفاقية الجزائر، وهي التي وضعت حدا للخلاف الحدودي بين البلدين سنة 1975. لكن العلاقات عرفت منعطفا كبيرا بعد زيارة الرئيس الشاذلي بن جديد طهران سنة 1982، أي بعد نجاح الثورة الإيرانية التي لاقت ترحيبا على أعلى مستوى في هرم السلطة الجزائرية، لتقف الجزائر إلى جانب إيران، ذات التوجه الثوري، حيث اختارت رعاية مصالحها في واشنطن، كما نجحت الدبلوماسية الجزائرية في الإفراج عن رهائن السفارة الأميركية في طهران، وكان الصديق بن يحيى يرعى الاتفاق الإيرانى الأميركي قبل أن تسقط طائرته قرب الحدود الإيرانية التركية، وقد لاقى حتفه في مايو/ أيار 1982.
وعلى الرغم من فترة العسل بين البلدين، إلا أن نجاح الخيار الديمقراطي الجزائري، والذي توج بنجاح محقق للجبهة الإسلامية للإنقاذ قد فتح الباب أمام خصومةٍ طالت، وقد بدأت باتهام حكومة رضا مالك إيران بدعمها الجبهة الإسلامية سياسيا وإعلاميا، وهو ما نفته الأخيرة آنذاك، واستمر التوتر إلى حدود القطيعة الدبلوماسية بين البلدين في مارس/ آذار 1982، وإعلان الجزائر تخليها عن سياسة رعاية مصالح طهران.
عادت المياه إلى مجاريها، بعد تشديد قبضة المؤسسة العسكرية، وسيطرة الجيش على مقاليد السلطة. ومع وأد التجربة الديمقراطية الوليدة، وفي خضم احتدام التنافس الاستقطابي بين الجزائر وجارتها الغربية المغرب، اختار نظام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة التوجه صوب طهران.
تبادلت العواصم زيارات متبادلة، فقد زار بوتفليقة طهران في أكتوبر/ تشرين أول 2003، كما رد الرئيس محمد خاتمي على الزيارة السالفة بقيامه بزيارة تاريخية عقدت عليها آمال كبرى في تطوير العلاقات الاقتصادية، بل تطور الأمر إلى حدود عقد اتفاق نووي، ومذكرة للتفاهم العسكري والمالي سنة 2006.
منذ إنهاء العقوبات الاقتصادية الغربية على إيران أو رفعها، سعت الجزائر إلى الفوز بصفقاتٍ اقتصادية، وأعلنت رسمياً رغبتها في تطوير العلاقات على كل الأصعدة. وأمام التوجه الاقتصادي، أعلنت الجزائر عن دعمها المجهود الإيراني، ووقوفها إلى جانب نظام الأسد، ولم تبتعد الجزائر عن محور إيران روسيا، بل عبّرت عن دعمها الكامل نظام بشار الأسد. في المقابل، نجحت إيران في اختراق العالم العربي، وتمكّنت من فتح جبهة مباشرة في مواجهة المغرب الذى تعتبره إيران عدوا.
تطورت العلاقات بين البلدين كثيراً، وخضعت لمنطق التحالفات الموجهة، فإيران تسعى إلى إيجاد فجوة كبيرة في علاقات الجزائر بالمغرب، وعادة ما عبرت عن الأمر بتفعيل التعاون في المجال العسكري والاستخباراتي، كما شكلت لجاناً مختصة للبحث عن آليات لتطوير التعاون العسكري، وفي مجال التقنيات الحربية، وأبانت الجزائر عن رغبتها في الحصول على تكنولوجيا الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى.
تصب الاتفاقات العسكرية في مصلحة الجانب الجزائري، أما العلاقات السياسية فهي لمصلحة طهران، فالتحرّك صوب المغرب العربي يعد تحدياً وانفلاتا من الطوق الخليجي. كما أن الجزائر تجد داعما لها في مواجهة المغرب الذي ينظر إليه نظام الملالي بأنه القوة السنية المغاربية الحريصة على محاربة النفوذ الإيراني .
قد يأخذ التحالف الإيراني الجزائري أبعادا كبيرة، ولاسيما في المجالين السياسي والعسكري، مع استبعاد تعاون ثقافي، أو ما نسميه تعاونا عقائديا، لأن النظام الجزائري لن يسمح بوجود كياناتٍ أو مواقع ثقافية تنشر المذهب الشيعي، أو ترعى توجهات ثقافية تختلف عن التوجه العام الجزائري. لكن، في المقابل، قد تتغاضى إيران عما هو "ثقافي عقائدي" لصالح تقوية جبهةٍ، لها مهام وأبعاد استراتيجية كبرى، منها محاصرة المغرب، وإيجاد بؤرة توتر دائمة تعكس نيات نظام الملالي والنظام الجزائري، وتجعل من المغرب هدفا محتملا، ترغمه على تقديم تنازلات كبرى أو على الأرجح التراجع عن التعاون مع دول الخليج.
وعلى الرغم من فترة العسل بين البلدين، إلا أن نجاح الخيار الديمقراطي الجزائري، والذي توج بنجاح محقق للجبهة الإسلامية للإنقاذ قد فتح الباب أمام خصومةٍ طالت، وقد بدأت باتهام حكومة رضا مالك إيران بدعمها الجبهة الإسلامية سياسيا وإعلاميا، وهو ما نفته الأخيرة آنذاك، واستمر التوتر إلى حدود القطيعة الدبلوماسية بين البلدين في مارس/ آذار 1982، وإعلان الجزائر تخليها عن سياسة رعاية مصالح طهران.
عادت المياه إلى مجاريها، بعد تشديد قبضة المؤسسة العسكرية، وسيطرة الجيش على مقاليد السلطة. ومع وأد التجربة الديمقراطية الوليدة، وفي خضم احتدام التنافس الاستقطابي بين الجزائر وجارتها الغربية المغرب، اختار نظام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة التوجه صوب طهران.
تبادلت العواصم زيارات متبادلة، فقد زار بوتفليقة طهران في أكتوبر/ تشرين أول 2003، كما رد الرئيس محمد خاتمي على الزيارة السالفة بقيامه بزيارة تاريخية عقدت عليها آمال كبرى في تطوير العلاقات الاقتصادية، بل تطور الأمر إلى حدود عقد اتفاق نووي، ومذكرة للتفاهم العسكري والمالي سنة 2006.
منذ إنهاء العقوبات الاقتصادية الغربية على إيران أو رفعها، سعت الجزائر إلى الفوز بصفقاتٍ اقتصادية، وأعلنت رسمياً رغبتها في تطوير العلاقات على كل الأصعدة. وأمام التوجه الاقتصادي، أعلنت الجزائر عن دعمها المجهود الإيراني، ووقوفها إلى جانب نظام الأسد، ولم تبتعد الجزائر عن محور إيران روسيا، بل عبّرت عن دعمها الكامل نظام بشار الأسد. في المقابل، نجحت إيران في اختراق العالم العربي، وتمكّنت من فتح جبهة مباشرة في مواجهة المغرب الذى تعتبره إيران عدوا.
تطورت العلاقات بين البلدين كثيراً، وخضعت لمنطق التحالفات الموجهة، فإيران تسعى إلى إيجاد فجوة كبيرة في علاقات الجزائر بالمغرب، وعادة ما عبرت عن الأمر بتفعيل التعاون في المجال العسكري والاستخباراتي، كما شكلت لجاناً مختصة للبحث عن آليات لتطوير التعاون العسكري، وفي مجال التقنيات الحربية، وأبانت الجزائر عن رغبتها في الحصول على تكنولوجيا الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى.
تصب الاتفاقات العسكرية في مصلحة الجانب الجزائري، أما العلاقات السياسية فهي لمصلحة طهران، فالتحرّك صوب المغرب العربي يعد تحدياً وانفلاتا من الطوق الخليجي. كما أن الجزائر تجد داعما لها في مواجهة المغرب الذي ينظر إليه نظام الملالي بأنه القوة السنية المغاربية الحريصة على محاربة النفوذ الإيراني .
قد يأخذ التحالف الإيراني الجزائري أبعادا كبيرة، ولاسيما في المجالين السياسي والعسكري، مع استبعاد تعاون ثقافي، أو ما نسميه تعاونا عقائديا، لأن النظام الجزائري لن يسمح بوجود كياناتٍ أو مواقع ثقافية تنشر المذهب الشيعي، أو ترعى توجهات ثقافية تختلف عن التوجه العام الجزائري. لكن، في المقابل، قد تتغاضى إيران عما هو "ثقافي عقائدي" لصالح تقوية جبهةٍ، لها مهام وأبعاد استراتيجية كبرى، منها محاصرة المغرب، وإيجاد بؤرة توتر دائمة تعكس نيات نظام الملالي والنظام الجزائري، وتجعل من المغرب هدفا محتملا، ترغمه على تقديم تنازلات كبرى أو على الأرجح التراجع عن التعاون مع دول الخليج.
مقالات أخرى
04 سبتمبر 2019
29 اغسطس 2019
20 اغسطس 2019