يعتزم الاتحاد الأوروبي الدعوة إلى اجتماع أزمة حول فضيحة البيض الملوّث بمبيد الحشرات "فيبرونيل"، وقد دعا الأعضاء فيه إلى "العمل معاً" مع ارتفاع عدد الدول المتضررة.
تتمدد فضيحة البيض الملوّث لتطاول 15 دولة أوروبية من أصل 28 عضواً في الاتحاد الأوروبي إلى جانب سويسرا وهونغ كونغ، بحسب المعلومات التي أوردها المعنيّون حتى كتابة هذه الأسطر. والأزمة التي أثارت موضوع صحة مواطني الاتحاد الأوروبي وسط اهتمام إعلامي كبير، دفعت بالمفوضية الأوروبية لشؤون الزراعة والغذاء إلى دعوة وزراء الغذاء الأوروبيين إلى عقد "اجتماع أزمة"، بحسب ما نقلت وكالات الأنباء عن المفوّض الأوروبي لشؤون الصحة وسلامة الأغذية فيتينيس أندريوكايتيس.
ويتراشق الأوروبيون التهم حول مسؤولية انتشار البيض الملوّث على موائد المستهلكين.
القضية إذاً ليست بسيطة، إذ إنّ أطناناً كثيرة من البيض ملوّثة بالمبيد الحشري "فيبرونيل" الذي يُستخدم عادة لمكافحة القمل والبراغيث. تجدر الإشارة إلى أنّ هذا المبيد محظور في مزارع الدواجن في الاتحاد الأوروبي.
واتهمت وسائل إعلام هولندية شركة إنتاج الدواجن والبيض "تشيكفريند"، الأمر الذي أدّى إلى جدال كبير يحمّل هولندا مسؤولية انتشار البيض الملوّث بالملايين في عدد من الدول الأوروبية. فتحرّكت السلطات الهولندية وكشفت عن الشركة المسؤولة عن التلويث، كذلك طلبت من النيابة العامة إلقاء القبض على مسؤولَين اثنَين في الشركة المذكورة. ووفقاً لوسائل إعلام محلية في هولندا وبلجيكا، فإنّ الاعتقال جاء بعد حملة منسّقة بين البلدَين بواسطة الشرطة الأوروبية "يوروبول" والمكتب القانوني للاتحاد "يوروجست". ويشتبه في أنّ الموقوفَين يقفان وراء "استخدام المبيد الحشري في أقفاص الدجاج وتعريض صحة المواطنين للخطر".
خلال الساعات الماضية، اتهمت دول عدّة أمستردام مدّعية بأنّها كانت على علم بتلك الفضيحة منذ نوفمبر/ تشرين الثاني2016 لكنّها لم تبلغ بلجيكا بالأمر قبل يوليو/ تموز الماضي. وقد بيّنت نتائج التحرّي عن مصدر بيع المادة المستخدمة التي طاولت الدواجن البيّاضة، أنّه جرى في هولندا.
ولم تتوقف تأثيرات المبيد الحشري "فيبرونيل" على البيض المصدّر إلى بلجيكا، فقد سُحب البيض في هذا السياق من على رفوف متاجر في دول أوروبية عدّة، في حين ما زالت أخرى تنتظر نتائج الفحوصات التي سوف تجزم بتلوّث البيض فيها أو عدمه.
والمبيد الحشري "فيبرونيل" محظور كلياً في بعض الدول مثل الدنمارك، التي أكدت إدارة الغذاء فيها على أنّه "في إمكان المستهلكين تناول البيض الدنماركي من دون قلق، لأنّ المادة ممنوعة منعاً باتاً في قطاع الفلاحة وإنتاج البيض". إلى ذلك، أشارت نتائج فحوصات بعض الدول، مثل السويد والدنمارك المتأثرتَين بما استوردته شركات توزيع البيض من بلجيكا وهولندا بالأطنان، إلى أنّ "مستويات المادة السامة ليست مرتفعة بصورة ضارة". وذهبت إدارة الغذاء في كوبنهاغن إلى شرح ذلك، مؤكدة أنّ "تناول بيض لا يحتوي على نسب كبيرة من تلك المواد السامة، لن تكون له أيّ أعراض سلبيّة".
يفيد معنيّون في مجال صحة المستهلك في كوبنهاغن بأنّ "20 طناً من البيض سُحِبت من الأسواق، بيد أنّ المشكلة ليست جديدة. فتلك الفضيحة معروفة منذ أواخر العام الماضي لكنّها بدأت تتوسّع في أواسط يوليو/ تموز الماضي". وفي حديث مع قناة التلفزيون الدنماركي، حذّرت مصادر في إدارة الغذاء أمس، الجمعة، من "انتشار مئات الأطنان من البيض المستورد من هولندا وبلجيكا في الدول الأوروبية".
وفي بريطانيا، أصدرت وكالة الغذاء لائحة بمنتجات البيض التي سُحبت من الأسواق، في حين كانت بلجيكا وهولندا التي أُنتج فيها البيض الملوّث قد سحبت ملايين البيض. يُذكر أنّ هولندا واحدة من أكبر دول العالم إنتاجاً للبيض، ويُقدَّر عدد مزارع الدواجن البياضة بنحو 250 مزرعة في كلّ من بلجيكا وهولندا.
أمّا في ألمانيا، فقد نقلت وكالات الأنباء والصحف المحلية عن مصادر معنيّة أنّ نحو ثلاثة ملايين بيضة سُحِبت من الأسواق، خصوصاً تلك التي استوردت من الشركتَين المتهمتَين "تشيكفريند" و"بولتري فيجن" في الفترة التي سبقت 22 يوليو/ تموز الماضي. إلى ذلك، أوقفت برلين استيراد البيض من الجارة هولندا ومن بلجيكا. وكما تأثّرت ألمانيا بالفضيحة، كذلك فعلت فرنسا وسويسرا ولوكسمبورغ.
في السياق نفسه، تفيد دوائر صحة الأغذية وبرنامج الأغذية العالمي بأنّ التأثّر بتلك المادة قد يأتي بعد تناول طويل المدى لأغذية ملوّثة بها. أمّا أعراض ذلك فهي شعور بالغثيان وآلام في البطن ودوار وقيء، ومن المحتمل أن تؤدّي إلى ضرر في الكلى والكبد. تجدر الإشارة إلى أنّ المبيد الحشري "فيبرونيل" يُستخدم للكلاب والقطط، لكنّه غير مسموح بتاتاً للدواجن في الاتحاد الأوروبي، إذ إنّ المادة السامة تتراكم في البيض.
من جهتها، تلفت سلطات الغذاء الألمانية إلى أنّ أضرار المادة كبيرة على الأطفال، لكنّ طفلاً وزنه 16 كيلوغراماً لن يُصاب بأيّ ضرر إذا تناول نحو بيضة ونصف البيضة في يوم واحد. أمّا النساء الحوامل، وفقاً لدوائر الغذاء والصحة في عدد من الدول الإسكندنافية، فإنّهنّ عرضة للخطر وكذلك لخطر إضافي وهو احتمال نقل المادة إلى الأجنّة. لكنّ ذلك بحسب المعنيّين يتطلب تناول عدد كبير من البيض الملوّث.
إلى ذلك، بيّنت نتائج فحوصات أجرتها الدنمارك على البيض الملوّث أنّ "كميات فيبرونيل في البيض أتت عالية وغير قانونية. لكنّ نسبتها في الوقت ذاته ليست كافية لجعل متناولها يشعر بأعراض التسمم"، وفقاً لما أكّده مسؤول وحدة الطوارئ في الطب البيطري وإدارة الأغذية، نيكولاس كون هوفا. لكنّ دوائر أخرى لم تستبعد أن تُظهر فحوصات جديدة "مستويات أعلى في البيض" بحسب كبير مستشاري إدارة تقييم مخاطر التغذية في معهد الغذاء الدنماركي، ماكس هانسن.
اليوم، يُصار إلى التركيز على سحب البيض الملوّث من الأسواق وتحذير المستهلكين، إلا أنّ دولاً أوروبية عدّة بدأت بتقديم إرشادات للمستهلكين، إذ إنّ التركيبة الكيميائية للمبيد الحشري "فيبرونيل" لا تختفي حتى على درجات حرارة عالية. وهذا ما يعني أنّ استخدام البيض في المعجنات والحلويات والأطعمة المطهوة لا يزيل ضررها. ويُنصح بالتالي بالتخلص من البيض الذي جرى استيراده من بلجيكا وهولندا.