بيرام ولد عبيدي... حقوقي موريتاني من الشخصيات الأكثر تأثيراً

25 ابريل 2017
ولد عبيدي عند إطلاق سراحه في 2016 (فرانس برس)
+ الخط -

اختارت مجلة "تايم" الأميركية الناشط الحقوقي الموريتاني، بيرام ولد عبيدي، ضمن قائمة الـ100 شخصية الأكثر تأثيرا في العالم، في تصنيفها السنوي، ليضيف ولد عبيدي رصيدا جديدا إلى مسيرة شخصية حافلة بالإنجازات على طريق تحرير الرقّ في بلاده.

وانتقل ولد عبيدي من كاتب ضبط في وزارة العدل الموريتانية خلال مطلع القرن الواحد العشرين إلى أشهر ناشط حقوقي بعد استقطابه أعدادا كبيرة من شباب شريحة لحراطين (الأرقاء السابقين).

ونقل ولد عبيدي معركة التحرر من العبودية إلى رأس أولويات السياسة الموريتانية بعد عقدين من أفول نجم "حركة الحر" التي تعتبر أول تشكيل لأرقاء موريتانيا يطالب بالخلاص من العبودية ومخلفاتها.

وحصل الناشط الموريتاني على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عام 2013، وجائزة الخارجية الأميركية لمحاربة الاتجار بالبشر "TLP" عام 2016، وجائزة فايمر الألمانية عام 2011.

انضم ولد عبيدي لحركة الحر في شبابه، ونشط ضمن صفوف أحزاب المعارضة خلال تسعينيات القرن الماضي، وفي عام 2007 وخلال الفترة الانتقالية التي أعقبت انقلاب أغسطس/آب 2005، انضم إلى حملة المرشح الرئاسي الزين ولد زيدان، قبل أن يؤسس مع بعض زملائه من القيادات الوسطى لحركة الحر مبادرة جديدة لمناهضة العبودية تعرف بـ"مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية" في 2008.
وعرف ولد عبيدي بالحدة تجاه خصومه، كما شكل منافسا مشاكسا لعدد من قيادات شريحة لحراطين، حيث هاجم حركة الحر واتهم عددا من قياداتها ببيع القضية، ودخل في حرب كلامية مع مختلف الأحزاب والتيارات السياسية الموريتانية.

وشهد عام 2007 أول تجريم للعبودية من خلال تعديل دستوري، كما تم إصدار قانون جديد لمحاربة العبودية كثمرة حوار سياسي بين نظام الرئيس الأسبق سيدي ولد الشيخ عبد الله والزعيم التاريخي لحركة الحر، مسعود ولد بلخير، رئيس التحالف الشعبي التقدمي حاليا.

وأطلقت الحكومة الموريتانية عام 2014 "خريطة طريق" للقضاء على مخلفات العبودية، غير أن بيرام ولد عبيدي يعتبر الجهود الحكومية في هذا الصدد "مجرد حبر على ورق".

ورغم وجود خلافات بين القادة التاريخيين لشريحة لحراطين بشأن بيرام ولد عبيدي وحركته، فإن سقف مطالبهم بقي مرتفعا انسجاما مع الأجواء التي خلقتها ما يمكن وصفها بـ"ظاهرة بيرام".

وجدد ولد عبيدي الخطاب المناهض للعبودية من خلال رفع سقف مطالب شريحته، ورفض محاولات التطبيع مع واقع تهميش لحراطين، كما فرض على السلطات الموريتانية تطبيق القوانين ضد من يمارسون جريمة الاستعباد بعد أن حالت التسويات العرفية دون معاقبة المستعبدين طيلة الفترة بين عام 1969 تاريخ أول تعميم ضد العبودية، وحتى تاريخ تأسيس مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية المعروفة اختصار باسم "إيرا" عام 2007.

الكشف عن حالات العبودية والاعتصام أمام مفوضيات الشرطة لاعتقال المستعبدين كانا أبرز الأساليب التي اتبعتها حركة إيرا، الأمر الذي فاجأ السلطات الموريتانية التي بدت مرتكبة في طريقة التعامل مع ولد عبيدي وأساليبه الجريئة في الضغط على الدولة من أجل وقف ممارسات الاسترقاق.

الصدام مع الحكومة

تصدت الشرطة لأنصار حركة إيرا بالقوة مرارا ردا على اتهام الحركة السلطات الموريتانية بمحاباة المستعبدين وعدم تطبيق القوانين المجرّمة للاسترقاق.

ويحمل ولد عبيدي الحكومة مسؤولية بقاء العبودية، بل وحمايتها، واصفا الطبقة الحاكمة بأنها "دولة البيظان الاستعباديين"، كما ركز على محاربة كتب المدارس التقليدية، واصفا إياها بـ"كتب فقه النخاسة"، وأحرق عددا من الكتب أمام وسائل الإعلام فى 27 إبريل/نيسان 2012، ما أدى إلى موجة غضب شعبي أدت إلى اعتقاله وسجنه بتهمة "إهانة المقدسات"، وأفرج عنه بعد ستة أشهر من الاعتقال.

ترشح ولد عبيدي عام 2014 للرئاسة رغم مقاطعة المعارضة الموريتانية للانتخابات التي فاز فيها الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز بفترة رئاسية ثانية، غير أن المفاجأة كانت حلول ولد عبيدي في المرتبة الثانية متجاوزا بقية المرشحين، وبينهم أحد مؤسسي حركة الحر، بيجل ولد هميد، وأحد زعماء شريحة الزنوج، إبراهيما صار.

رفضت الداخلية الموريتانية الترخيص لحزب "الرك" الذي تقدم به بيرام 2014، غير أنه أكد مرارا طموحه الرئاسي، وأنه سيترشح لانتخابات 2019.

عاد ولد عبيدي للسجن نهاية عام 2014، بعد قيادته مسيرة مناهضة لـ"العبودية العقارية" وقضى سنة ونصف في السجن قبل أن يتم إطلاق سراحه عام 2016.

وشهدت حركة إيرا أخيرا موجة انشقاقات استقال على أثرها عدد من مساعدي ولد عبيدي، الذين اتهموه بـ"المتاجرة بالعبودية" و"الارتهان لأجندة خارجية"، في الوقت الذي اتهم ولد عبيدي المنشقين بـ"العمالة للنظام".

دلالات