بيت الرمل

13 ابريل 2015
+ الخط -
على غرار البيوت التي تم بناؤها في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأميركية والمكسيك وإسبانيا، اقتنع توم سالا وزوجته أمل سال بنجاح مشروع منظمتهم، وبخاصة بعد مجسمات البيوت الرملية التي قام بإنشائها شبان وأطفال، ما أعطاهم دفعة معنوية ساعدت في إلهام الفكرة لتوم.
ولدت فكرة بيت الرمل على يد المهندس المعماري نادر خليلي، إذ ابتكر طريقة البناء بالطوب والأقواس في العام 1984، وذلك استجابة لطلب وكالة الفضاء الأميركية "ناسا"، لتصاميم المستوطنات البشرية على سطح القمر والمريخ، حيث وقع شراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وذلك لتطبيق أبحاثه على ملاجئ الطوارئ.
فكرة خليلي في البناء القوسي تطورت مع نهاية سبعينيات القرن الماضي، بعد أن زار قرية إيرانية تعرضت لزلزال ووجد أن أكثر البيوت صمودا أمام الكارثة هي البيوت الطينية القوسية، ما دعاه لاحقا لتطوير الفكرة في ما بين عامي 1984 و1986، وتبنى لاحقا في العام 1991 مؤسسة الفن وإعمار تربة كاليفورنيا لتعليم أساليبه في البناء والإعمار.
وبالعودة إلى أمل سال، وهي من مؤسسي منظمة الإلهام "انسبيراتسي"، المنظمة المشرفة على بناء بيت الرمل في هولندا، فلقد أوضحت لـ "العربي الجديد"، أن المنظمة، التي تبنت طريقة خليلي، قامت بإعطاء بعض الشبان والأطفال مواد خلاقة، وطلبت منهم التصرف بحرية كما لو كانوا بمنازلهم، بغرض إظهار إمكاناتهم وقدراتهم، وبالفعل كانت النتائج عظيمة، إذ قاموا ببناء مجسمات للبيوت والحيوانات وإضفاء أفكار بناءة.

بداية المشروع
بدأت المنظمة مشروعها بملء أكياس الأرز الفارغة بالرمل، ومن ثم تم تشكيل هيكل للبيت، وهو عبارة عن أنصاف ثلاثة أقواس مُتحدة مع الأرض، تلتقي رؤوسها جميعاً لتشكل مساحة البيت. وارتفع البناء على خطوات إلى أن وصل لارتفاع قدره 5 أمتار بشكل شبه مخروطي، حيث تقترب الأقواس من بعضها البعض مع كل ارتفاع. بعد ذلك تم زرع جسور من الخشب لتمسك السور من ناحية، ولتركيب زجاج النوافذ من ناحية إخرى، وكان من بينها ثلاث نوافذ في السطح تسمح بدخول الضوء إلى قلب بيت الرمل.
لم يخلُ تنفيذ المشروع من تخوف عناصره وخشيتهم من أن تنزل الأرض بهم، إذ لم يتم استخدام معدات أو آليات ثقيلة مراعاة لطبيعة الأرض. واستغرق بيت الرمل 65 يوماً من البناء، توزعت على 6 أشهر واتسمت بالعمل التطوعي، حيث شارك ببناء البيت أكثر من 180 شخصا من ثقافات وبلدان عدة، وذلك بمجمل تكلفة قاربت الـ 4500 يورو، وقد تم البناء بالتنسيق مع المعهد الألماني، فيما يتعلق بعملية العزل وعدم دخول المطر إلى البيت.
وقالت أمل لـ "العربي الجديد"، إنهم يفكرون حالياً بإقامة قرية بالقرب من مدينة آلمير بهولندا، على مساحة تقدر بين 2 - 8 هكتارات، كما تفكر المنظمة في إدخال الكهرباء والغاز باستخدام طاقة الرياح وطواحين الهواء، وأضافت أن الفكرة تحذو في طريق متطور، إذ إن هناك أفكارا وليدة لاستخدام بيت الرمل في الدول ذات الحروب والنزاعات المسلحة، نظراً لمستوى الأمان الذي يقدمه كونه مصنوعاً من الرمل.
بدوره، يرى توم سالا، منفذ فكرة "بيت الرمل"، أن "البناء بمواد قد لا تشكل قيمة لدى المجتمع لأمر مُذهل وجميل، فلم يكن أحد ليصدق أن العمل سيتم إنجازه، إلا أن الجميع شعر بالفخر لدى رؤية النتائج".

مكان للتنزه
ويضيف سالا: "لقد أصبح بيت الرمل مكاناً يرتاده الناس خلال عطلة الأسبوع، إذ يأتون لقضاء أوقاتهم والقيام بنشاطات مختلفة دون النظر إلى خلفياتهم الدينية والعرقية، فعلى سبيل المثال وأثناء تشييد البيت، تم إعداد مائدة من الطعام خلال شهر رمضان، وكان المسلمون فرحين بذلك".
وأضاف: "مدينة آلمير التي احتوت المشروع الرملي، والتي تقع وسط هولندا شرق العاصمة أمستردام، كانت منذ عشرات السنين مغمورة ببحر الشمال، إذ لم تكن موجودة قبل 50 عاماً، وتم إنشاؤها من قبل الحكومة الهولندية لتصبح مهداً لإبداع وليد وأفكار فريدة من نوعها".
ويتميز بيت الرمل بأنه صديق للبيئة وعازل للحراة كما أنه لا يحتاج إلى الإسمنت والحديد، وقبل سنوات نجح فلسطينيون من قطاع غزة في تشييد منازل من الرمل المضغوط في أكياس، لمواجهة الحصار الإسرائيلي، وخفض تكاليف بناء المنازل التي دمرت في العدوان الإسرائيلي المتكرر على القطاع.
المساهمون