بيت الإنسان

14 اغسطس 2016
أياد القاضي/ العراق
+ الخط -

لغتنا العربية أعمق وأبعد دلالة من تداولها الراهن، وخاصة في كلمات جرت مجرى المصطلحات مثل اليمين واليسار، فالأولى من اليُمن والثانية من اليُسر، ولكن يبدو أن غالبية كتاب هذه اللغة غادروا ظلالها ولجأوا إلى ظلال أخرى، أي استعاروا لكلماتها دلالات من لغات وثقافات غريبة عنها.

كلمة اليمين، حين تنطق أو تكتب، أصبحت تدل على كل ما هو ماضوي ورجعي وعنصري... إلخ، وألصقت بكلمة اليسار دلالة التطرف والبعد عن جادة الصواب. في الحالتين، وفي حالات مماثلة، لم تعد اللغة هي اللغة بل شبه لغة يفكرون بها في سياقات أخرى لا تمت بصلة إلى سياقها الأصلي.

هذا ليس حداثة بالطبع بل هو إلى الغياب أقرب؛ غياب عن المعنى والدلالة على حد سواء. هناك معنى ولكن بلا دلالة على موجود على وجه الحقيقة، وهناك دلالة ولكن معناها مستمد من عالم آخر.

اللغة بيت الإنسان قبل أن تكون مجرد أصوات، والبيت لا يبتنى إلا وله عماد وأعمدة، وتربة تغوص فيها. والذين يغادرون بيتهم يسكنون في العراء حتى وإن كان ناطحة سحاب. لغتنا العربية بالغة التطوّر، أي أنها تدل حين تدل على واقع، وتعني حين تعني.. وليست مسؤولة عن الهذر المرتكب باسمها.


المساهمون