بيان "مدعية" الجنائية الدولية حول مسيرة العودة.. مجاف للعدالة

10 ابريل 2018
+ الخط -
فاجأتنا المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، السيدة فاتو بنسودا، بإصدارها بياناً بشأن تدهور الأوضاع في غزة بتاريخ 8 إبريل/ نيسان 2018. وعلى الرغم من أن البيان في ظاهره يبدو منصفاً وتضمن إدانة للجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال الصهيوني بحق شعبنا الفلسطيني الأعزل في حراكه السلمي في مسيرات العودة منذ 30 مارس/ آذار الماضي التي راح ضحيتها 27 شهيداً وأكثر من 2850 جريحاً حتى الآن، إلا أنه وبخلاف ما يروج له بكونه بشارة بقبول المدعي العام التحقيق في جرائم الاحتلال وإحالة الملف، إن قدمت له معلومات وافية وأدلة قاطعة بشأن الجرائم التي ارتكبت في مسيرة العودة، فهذا البيان جاء صادماً من الناحية القانونية ومستغرباً جداً وشابته الكثير من المغالطات والعوار القانوني وذلك من الجوانب التالية:

أولاً- البيان غير عادل وغير نزيه، لأنه حرّف الوقائع المثبتة وساوى بين الجاني والضحية بشكل فاضح ومخالف للقانون، وكذلك تأكيده على استخدام المدنيين لأغراض عسكرية، فهذا الكلام له مآلات قانونية خطيرة، إذ يدعم ويقوي الرواية الإسرائيلية المتهالكة والمبتورة واقعاً وقانوناً حول استخدام المدنيين كدروع بشرية ومن أجل القيام بأعمال عسكرية، ويمنح القتلة من قادة الاحتلال دفاعاً موضوعياً مجانياً مفترضاً بلا أدلة وبينّات ظاهرة، وهذا يمثل كارثة قانونية بكافة المعايير.


ثانياً- البيان غير موضوعي ويتضمن تزويراً سافراً للحقائق، حيث أغفل أي ذكر أو إشارة إلى سلمية الحراك الشعبي في مسيرة العودة وشرعيتها القانونية، ولم يتطرق لأي حق للاجئين الفلسطينيين، لا بل إنه حقيقة يخرج مسيرة العودة من إطارها السلمي بتأكيده على استخدام المشاركين المدنيين المشاركين في المسيرة لأعمال عسكرية.

ثالثاً- صدور البيان بهذا الشكل والمضمون غير قانوني ويعتبر مخالفة صريحة لمبادئ العدالة وتجريح لنزاهة المحكمة الجنائية الدولية وحياديتها ويشكك في جدية التحقيقات التي قد تجرى مستقبلاً حول هذه الجرائم، فالمدعي العام أفصح عن موقفه وأكد على استخدام المدنيين كدروع بشرية ولأغراض عسكرية بدون أي دليل مادي وقبل البدء بالتحقيق، وربما في تصريحه إشارة إلى إمكانية ملاحقة لاجئين فلسطينيين أيضاً بتهم جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية أمام المحكمة الجنائية الدولية.

رابعاً- إن دعوة المدعية العامة الأطراف المعنية لوقف التصعيد في هذا الوضع المأساوي كما وصفته، وتجنبها ذكر قوات الاحتلال الصهيوني صراحة، هو تزوير سافر للحقيقة الجلية وتأكيد على المساواة الغير عادلة بين القتلة المجرمين والضحايا الأبرياء، كما أنها توحي صراحة بأن مسيرة العودة غير شرعية وتسقط عنها صفة السلمية وسندها القانوني، خاصة عندما وصفت القتلة بجيش الدفاع الإسرئيلي.

خامساً- تضمن البيان أرقاماً غير دقيقة حول الضحايا، وتحديداً الجرحى، الذين زاد عددهم عن 2800 جريح، حيث ذكر أنهم أكثر من ألف جريح وتجنب ذكر الرقم الصحيح بدقة على الرغم من ثبوته بتقارير رسمية تداولتها وسائل الإعلام للتخفيف من جريمة الاحتلال الصهيوني.

ختاماً: فإننا نرى أن البيان جاء كحبل إنقاذ لدولة الكيان الصهيوني التي تنفست الصعداء بهذا البيان بعد أن اهتزت صورتها أمام العالم أجمع بعد ثبوت ارتكاب قناصة قواتها الحربية جرائم القتل العمد ضد اللاجئين الفلسطينيين العزل المشاركين في مسيرة سلمية. هذه الجرائم التي تم توثيقها بالصوت والصورة، وبالمحصلة يعتبر تقويضاً لأي ملاحقة قضائية لقادة الاحتلال الصهيوني أمام المحكمة الجنائية الدولية.
9CCA9ABB-3959-4C11-9859-245652445B40
معتز المسلوخي

محامي وباحث قانوني مقيم في قطر... عضو الأمانة العامة ورئيس اللجنة القانونية في المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج وعضو منظمة العفو الدولية.