اكتسح ميلان خصمه سامبدوريا بأربعة أهداف مقابل هدف، في مباراة تألق خلالها بونافينتورا، وقدم نفسه كأحد أهم نجوم الروسونيري هذا الموسم. وبدأ المدرب سينيسا ميهايلوفيتش في التعرف أكثر على معالم ميلان الجديد، من خلال الثبات على خطة 4-4-2 المركبة، التي تعتمد على تطبيق أفضل انتشار ممكن داخل الملعب، ويعود الفضل إلى تحركات بونا (في وبين) الخطوط.
جناح العمق
لعب ميلان، أخيراً، بأجنحة تعرف باسم أطراف العمق أو الـ Interiores، أي: لاعبو الطرف، الذين يدخلون إلى عمق الهجوم أثناء بداية الهجمة، عن طريق تحرك ثنائي الهجوم إلى الأطراف، لكي يدخل الجناح في العمق، كلقطة الهدف الأول لميلان في شباك سامبدوريا، فالتسجيل جاء من لاعب الوسط جياكومو، و"الأسيست" بواسطة المهاجم نيانغ.
تشيرشي لاعب جناح صريح، يقطع من الطرف إلى العمق من أجل التسديد، لكن بونافينتورا جناح معقد، يلعب على الورق في الرواق، لكن في الملعب غالباً نراه في منتصف الملعب الأمامي، بينما يعود إلى الطرف في الحالة الدفاعية، كذلك يتحول بكل ذكاء إلى المنتصف، لشغل دور لاعب الوسط الثالث، على مقربة من مونتوليفو وكوتشكا، في تغيير محوري من 4-4-2 إلى 4-3-3.
سيدورف
تدور كرة القدم في السنوات الأخيرة حول مدى قدرة أي فريق على صناعة أكبر كم من الفرص، لذلك إذا بحثنا داخل عمق الفرق الكبيرة التي تنافس على البطولات، سنجد أكثر من صانع لعب في التشكيلة الأساسية، بالدفاع هناك لاعب يجيد التمريرات الطولية، وبالقرب من الهجوم، يتمركز صانع اللعب الرئيسي، بينما يوجد في الوسط لاعب إضافي، يقوم بمهامه الرئيسية في ربط الخطوط، مع صناعة الفرص تجاه الثلث الهجومي الأخير.
بالعودة إلى ميلان الرائع مع كارلو أنشيلوتي في بدايات الألفية، لعب كارلو بخطة شجرة عيد الميلاد الشهيرة، 4-3-2-1 أو 4-3-1-2، بتواجد روي كوستا ثم كاكا في مركز صانع اللعب رقم 10 خلف الهجوم، وبعيداً عن القيمة الكبيرة لهذه الأسماء، ظل كلارنس سيدورف هو حجر الأساس في تشكيلة ميلان، على الرغم من أنه يبعد أمتار عديدة عن المرمى، لكنه الأهم على الإطلاق في رقعة الأحمر والأسود.
يكمن الفارق في البحث عن الفراغ، خصوصاً مع زيادة الرقابة، كلما اقتربت من المرمى، لذلك يجد لاعبو الهجوم مساحات أقل مع زيادة الرغبة في ملامسة الشباك، وتتضاعف قيمة صناع اللعب من الخلف، لأنهم فقط القادرون على الإتيان بالجديد من أماكن غير متوقعة، فتش عن عنصر المفاجأة واضرب الخطوط بتمريرة ماكرة واحدة.
مع الفارق
مع كامل التقدير لقيمة وتاريخ سيدورف، وبمراعاة الفوارق الكبيرة بين الهولندي وأي لاعب آخر في جيل ميلان الحالي، يسير بونافينتورا على خطى عمالقة الوسط في تاريخ ناديه، نتيجة تفوقه الواضح في التوغل بين المراكز، وقيامه بأكثر من وظيفة تكتيكية في المباراة الواحدة، من الطرف إلى قلب الهجوم، مروراً بالمنتصف وصناعة اللعب من خانة الارتكاز.
رقمياً جياكومو، هو أفضل صناع لعب ميلان، هذا الموسم، على الرغم من أنه شارك في أكثر من مركز تحت قيادة سينيسا، جناح في بعض الأحيان، ولاعب وسط مساند في أحيان أخرى، لكنه مستمر في الحفاظ على رونقه، من خلال صناعة 28 فرصة خلال 13 مباراة بالكالتشيو، بالإضافة إلى مساهمته في 8 أهداف، 3 تسجيلاً و5 صناعة، أي شارك اللاعب في أهداف ميلان المحلية بنسبة تصل إلى 42%، 8 أهداف من مجموع 19 هدفاً.
مقارنة مستحقة
قدم بول بوجبا موسماً استثنائياً مع يوفنتوس في العام الماضي، وبعد رحيل بيرلو، فيدال، حمل الفرنسي الشاب وسط السيدة العجوز على عاتقه، ووفق مقارنة متكاملة بينه وبين بونافينتورا، ستميل الكفة إلى متوسط ميدان ميلان، حتى هذه اللحظة، مع التسليم أن هذا الثنائي، هو الأشهر داخل فريقه في بطولة الكالتشيو.
يتفوق بونا على بوجبا في النجاعة التهديفية، من خلال المساهمة في 8 أهداف "صناعة + تسجيلاً"، عكس بوجبا الذي اكتفى بتسجيل هدفين وصناعة مثلهما، كذلك على مستوى صناعة اللعب، يأتي نجم ميلان في الصدارة بصناعته 28 فرصة مقابل 20 للفرنسي، وحتى في الشق الدفاعي، افتك بونافينتورا 16 كرة من لاعبي الخصم، مقابل 13 لبوجبا.
وتبدو المقارنة منطقية بين الثنائي، خصوصاً أن ميلان ويوفنتوس من أنصار خطة 4-4-2 في كثير من المباريات، مع لعب النجمين في نفس المركز تقريباً، لاعب وسط مائل إلى الطرف، وارتكاز مساند عند الحاجة، والغريب أن بوجبا يحصل على صيت إعلامي مضاعف، بفرق شاسع عن نجم السان سيرو.
خارج الصندوق
يتحول بونا إلى المنتصف كثيراً كحل ذكي للهروب من الرقابة، ويأخذ نيانغ أو المهاجم الآخر مركز الجناح في الجهة المقابلة لتشيرشي، مع الاكتفاء بلاعب واحد داخل منطقة الجزاء، بينما يصبح بونافينتورا، هو صانع اللعب الرئيسي أمام لاعبي الارتكاز، يحصل على الكرات من الخلف، ويحولها سريعاً إلى الأمام، ليجمع بين النجاعة التهديفية والقوة الحاسمة في بناء اللعب، باختصار ميلان الحالي قائم على خدمات الرقم 28.
وينتهج النجم القادم بقوة سياسة "الهروب من الفخ"، بالابتعاد عن الصندوق والتجول خارج الصورة، أملاً في الحصول على فراغات أكبر وحرية أشمل للتألق، لذلك صنع بونافينتورا 28 فرصة، بالتساوي مع رقم مودريتش 28، جريزمان 25، كوتينهو 17، إنييستا 14، مع تفوقه على الجميع، فيما يخص "الأسيست" بالرقم 5، لأنه يتحرك باستمرار ولا يكتفي أبداً بمكان واحد، إلى الأمام وفي الخلف، وبالتأكيد تجاه الأطراف.
لا يزال المشوار طويلاً أمام بونافينتورا وميلان، ويحتاج النادي اللومباردي إلى عمل أكبر في الأيام المقبلة، وفي حالة مواصلة التطور حتى يناير المقبل، من الممكن أن نشاهد نسخة أفضل لفريق سينيسا، بقيادة بونا ورفاقه.