بوليوود ورهاب الإسلام: هل تؤجّج السينما الهندية الصراع الديني والقومي؟

10 سبتمبر 2019
مهويش حياة: يصنعون أفلاماً تظهر الباكستانيين أشراراً (فيسبوك)
+ الخط -
وقفت الممثلة الباكستانية مهويش حياة أمام حفل تكريمي لها في العاصمة النرويجية أوسلو، وقالت إن الأفلام التي تنتجها الصناعة السينمائية الهندية (بوليوود) تروّج للكراهية، ورهاب الإسلام.

وأضافت: "لدى جيراننا واحدة من أكبر صناعة الأفلام في العالم. وفي الوقت الذي يمكن أن يستخدموها لجمعنا، ماذا يفعلون؟ يصنعون أفلاماً لا حصر لها تُظهر الباكستانيين أشراراً".

جرى ذلك في 12 أغسطس/آب الماضي، أي بعد أسبوع من إعلان الهند إلغاء بنود المادة 370 من الدستور، التي تمنح الحكم الذاتي لولاية "جامو وكشمير"، الشطر الخاضع لسيطرتها من الإقليم الذي تتقاسمه مع جارتها باكستان.

فتح إلغاء الحكم الذاتي بابَ المخاوف في الولاية ذات الغالبية المسلمة، وكذلك باب المزايدات القومية الهندوسية التي تشكل غالبية سكان شبه القارة الهندية (800 مليون من أصل 1300 مليون).

المتابع لشؤون بوليوود يلاحظ أن التذمر من وتيرة التعصب القومي الهندوسي ليس بالأمر الجديد. وهناك نجوم عديدون صرّحوا بأن المناخ الفني العام يتأثر بما يحيطه من نزوع واسع إلى الهيمنة القومية، وصعود العنف ضد المسلمين.



يفضل الفنانون الهنود عادة التحدث عن التعصب من دون أن يتورطوا في تحديد هوية الطرف المقصود. إنهم مواطنون وفنانون يريدون هوية منفتحة. لكن الردود التي يتلقونها تبدو قصفاً لجبهة معادية، فهم يتحولون فوراً من مواطنين هنود إلى مشكوك في هويتهم، أو موالين لباكستان.


وفي عام 2015 صنف كل من النجمين شاروخ خان وعامر خان على أنهما ضد الهند، وطُلب منهما أن ينتقلا إلى باكستان إذا لم يكن بإمكانهما مؤازرة اليمين المتشدد.

وقال جيراج سينج، أحد كبار قادة حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم "سيكون لمثل هؤلاء الأشخاص مكان في باكستان وليس في الهند"، كما نقلت بي بي سي.

وذكر بيان للحزب عن عامر خان، أنه "لا ينبغي أن ينسى أن الهند جعلت منه نجماً، وكان من الخطأ الإساءة إلى البلاد". هو لا ينسى، وكذلك رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لا ينسى شعبية هذا الممثل، فاستقبله غير مرة في مكتبه، ووجّه له الدعوة ضمن كوكبة من الفنانين، من بينهم أميتاب باتشان وشاروخ خان، لتشجيع الناس على التصويت.

عامر خان يؤمن بأكبر ديمقراطية في العالم، لكن امتعاضه من التعصب جاء خلال نقاش في حفل فني في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 حين قال إنه بعد تكرار حوادث التعصب سألت زوجته "هل علينا مغادرة الهند؟".

ما يفكر فيه عامر خان هو ما يمكن أن يفكر فيه أي فنان ذي عقل نقدي عادي يقول مع صحيفة "Daily O" في إبريل/نيسان الماضي إن "نظرة واحدة إلى وجه شوكت علي ستجبرك على الشعور بالعار، لأن أمة احتفلت قبل أيام قليلة بامتلاكها أسلحة مضادة للأقمار الصناعية في الفضاء عاجزة تماماً عن إزالة الكراهية من أراضيها".

لم يأت تغيير واقع ولاية كشمير إلا تعبيراً عن "الدولة الديمقراطية الاستعلائية"، بحسب وصف موقع ميدل إيست الإخباري البريطاني الذي قال أيضاً إن الهند التي كانت تعتبر الصهيونية حركة عنصرية بدأت اليوم تستنسخ فكرتها وتطبّقها في عموم البلاد.

وبوليوود مثلما هي مجال للترويج للقومية المسيطرة، وتنميط الآخرين وتهميشهم، فإنها في النسخة الترامبية من التعصب لا تكتفي بدسّ الدعاية في الأعمال الفنية، بل تتورط في أسوأ أنماط التعبير الشعبوية عن التفوق، حين يصبح الفنانون ناطقين سياسيين في حلبة التغريدات. 

فعندما قررت نيودلهي إلغاء الحكم الذاتي لكشمير صعد الممثل كمال راشد خان KRK المغرم بالتغريدات قائلا "أناشد الحكومة الهندية أن تمنح الجنسية الهندية للهندوس والسيخ والمسيحيين الذين يعيشون في باكستان. بحيث يمكن لهؤلاء الناس العيش هنا بشكل مريح. هؤلاء الناس لا يستطيعون العيش بسلام في بلد مثل باكستان".

وفي تغريدة أخرى قال إنه جاهز للزواج من فتاة كشميرية، وشراء بيت والاستقرار هناك، مستنداً إلى أن إلغاء الحكم الذاتي يعني إمكانية شراء العقارات بحريّة.
وفي هذا يلحق كمال راشد خان بزميلته الممثلة بريانكا شوبرا التي أيدت في فبراير/ شباط الماضي الغارات الهندية على الأراضي الباكستانية.
وتعرضت بريانكا لانتقادات لاذعة بوصفها سفيرة اليونيسف للنوايا الحسنة، وردت في لوس أنجليس منتصف الشهر الماضي بأنها غير مغرمة بالحروب ولكنها وطنية.

ولم تفوت الممثلة الباكستانية مهويش حياة فرصة الرد في مقال نشره موقع "سي أن أن"، فتحدثت عن الوطنية العمياء، وعن ضرورة ابتعاد الفنان عن الخطابة الشعبوية والتركيز على القواعد الإنسانية التي يمكن أن يتفق عليها الجميع.

في هذا المناخ الضاغط لا يسلم الفنانون المسلمون من تعصب داخلي. إنه حين يفكر في إرسال رسالة تعايش وقبول، يجد من يذكره بأنك ترسل الرسالة الخطأ، إلى العنوان الخطأ.

فقد تلقت ممثلة بوليوود سارة علي خان سيلاً من الهجمات على مواقع التواصل، لأنها نشرت صورة مع تمثال هندوسي، مهنئة بمهرجان غانيش تشاتروتي الذي صادف هذا العام الثاني من سبتمبر/ أيلول الجاري.

وتساءل مهاجموها إذا ما كانت سارة مسلمة حقاً، وهي تهنئ المتطرفين المعادين للمسلمين. وفي واقعة سابقة تعرض نجم بوليوود شاروخان لحملة انتقادات، عقب نشره صورة ابنه على تويتر، محتفلاً بالعيد الهندوسي.
لعبة الهويات المتضخمة طائفياً وقومياً تبدو لفنان مربحة في المزاد العلني، سواء أكان مؤمناً أم لا، فإن السوق فورية والربح سريع. وتبدو لزاهد فيها امتحاناً، خصوصاً حين يواجه اللعبة، ودائماً حين يواجه نفسه.

دلالات
المساهمون