بوتين يستقبل أردوغان الخميس لرسم خطوط فاصلة جديدة بإدلب

04 مارس 2020
وجدت موسكو وأنقرة نفسيهما على حافة الصدام العسكري المباشر(Getty)
+ الخط -
يستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نظيره التركي رجب طيب أردوغان، في موسكو، يوم غد الخميس، لمناقشة الوضع في إدلب شمال غربي سورية، ومنع الصدام المباشر بين عسكريي البلدين، وسط توقعات بأن تسفر القمة عن التوصل إلى اتفاق جديد حول الخطوط الفاصلة، خلفاً لاتفاق سوتشي الموقع في سبتمبر/ أيلول 2018.
ويُعقد لقاء الرئيسين بعد أسبوع على واقعة شن طيران النظام السوري غارة جوية أسفرت عن مقتل نحو 35 عسكرياً تركياً، وهو ما ردّت عليه أنقرة بشنّ عملية "درع الربيع" التي ألحقت خسائر كبيرة بقوات النظام والمليشيات الموالية لإيران.
وبذلك، وجدت موسكو وأنقرة نفسيهما على حافة الصدام العسكري المباشر في أصعب اختبار للعلاقات بين البلدين منذ واقعة إسقاط قاذفة "سوخوي-24" الروسية من قبل سلاح الجو التركي، في نهاية عام 2015.
ومع ذلك، ثمة إجماع بين الخبراء الروس على ضرورة توصل بوتين وأردوغان إلى اتفاق بشأن تحديد الخطوط الفاصلة في إدلب، منعاً للصدام المباشر، وحرصاً على العلاقات الاقتصادية الوطيدة بين موسكو وأنقرة.
وفي هذا الإطار، يعتبر الخبير بالمجلس الروسي للشؤون الدولية كيريل سيميونوف، أنه حان وقت لإبرام موسكو وأنقرة صفقة جديدة حول إدلب، وإقامة الهدنة بين قوات نظام حليف روسيا، بشار الأسد، والمعارضة المسلحة على امتدادات الخطوط الفاصلة القائمة وقت لقاء بوتين وأردوغان.
ويقول سيميونوف، لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، "بعثت تركيا رسالة إلى الأسد، مفادها أنه مهما أراد، فإنّه لن يسيطر على إدلب كاملة، كما أنه واجه صعوبات كبيرة في إجراء العمليات ضد المعارضة المدعومة من الأتراك. وإذا حاول عبور المواقع التركية في إدلب، فإنه قد يخسر جميع قواته القادرة على القتال".
ومع ذلك، يشير الخبير الروسي إلى أنّ "تركيا تدرك أيضاً أن قوات المعارضة و(هيئة تحرير الشام) لن تبعد الأسد إلى ما وراء الخط المنصوص عليه في مذكرة سوتشي، مهما قدمت دعماً لهما بالمدفعية والطائرات المسيّرة".
وحول رؤيته لنتائج قمة الرئيسين الروسي والتركي، يضيف: "الخيار المقبول هو إقامة الهدنة على الخطوط الفاصلة القائمة بحلول وقت لقاء بوتين وأردوغان. سيكون وقف إطلاق النار أكثر فاعلية من أي مذكرات، إذ لن يعود أي هجوم على قاعدة حميميم الجوية الروسية بطائرات مسيّرة ذريعة كافية لاستئناف التقدم على إدلب، بعد أن أظهرت القوات التركية قدرتها على التصدي".
ومع ذلك، استبقت وزارة الدفاع الروسية محادثات بوتين وأردوغان بتجديد تحميل تركيا المسؤولية عن عجزها عن الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بإقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب، وتعرض قاعدة حميميم الجوية الروسية لهجمات يومية بطائرات مسيّرة.

من جهته، يعتبر الخبير في العلاقات الدولية فلاديمير فرولوف، أنّ بدء أنقرة عملية "درع الربيع" عكس عزمها على الدفاع عن مصالحها الحيوية في إدلب، وشكّل مفاجأة لموسكو، مشيراً إلى أنه من مصلحة روسيا أن تلبي مطالب أنقرة في ما يتعلق بالمنطقة الآمنة في إدلب، حرصاً على العلاقات الاقتصادية والاستراتيجية بين البلدين.
ويقول فرولوف، لـ"العربي الجديد": "لم تتوقع موسكو مثل هذا الرد الحازم من قبل تركيا، إذ شكّل قرار أردوغان استخدام القوة العسكرية ضد الجيش السوري، مفاجأة لموسكو".
ويضيف في ذات السياق: "تبين أن العملية العسكرية الروسية في سورية التي بدأت عام 2015، كانت كفيلة لمواجهة المعارضة السورية والإرهابيين، لا دولة كبرى أخرى لاسيما عضو حلف شمال الأطلسي (الناتو)". ويقول: "بشنها ضربات على القوات السورية، مع تجنب الصدام مع القوات الجوية الفضائية الروسية، بينت تركيا تفوقها العسكري المطلق في المسرح السوري كونها بلدا مجاورا"، على عكس عزلة مجموعة القوات الروسية في الساحل السوري.
ويوضح الخبير الروسي أنّ مصالح موسكو في العلاقات مع تركيا في المجالين الاقتصادي والعسكري - الاستراتيجي، أكبر من مصالحها المتواضعة في سورية. ويخلص إلى أن من مصلحة روسيا تلبية المطالب التركية في ما يتعلق بالمنطقة الآمنة في إدلب، وفق اعتقاده.
وبدوره، يعتبر المحرر العسكري بصحيفة "غازيتا.رو" الإلكترونية ميخائيل خودارينوك، أنّ لقاء بوتين وأردوغان يهدف إلى منع نشوب نزاع إقليمي بمشاركة روسيا وتركيا، بعد أن ألحقت الطائرات التركية بلا طيار أكبر الخسائر بقوات النظام السوري.
وأشارت "غازيتا.رو"، نقلاً عن مصدر مطلع، إلى أنّ الضربات التركية لم تتسبب في مئات القتلى والجرحى في صفوف قوات النظام فحسب، وإنما أيضاً في سقوط 43 مقاتلاً بقوات الحرس الثوري الإيراني، بالإضافة إلى خسائر في صفوف "حزب الله" اللبناني، على الرغم من أن عناصره لم تشارك في أعمال القتال بالخطوط الأمامية.

ويرى خودارينوك أنّ قوات النظام لا جدوى لها من مواصلة العمليات الهجومية في إدلب في الوقت الحالي، حيث إنها ستصطدم حتماً بنيران المدفعية والراجمات التركية، لافتاً إلى أنّ لقاء بوتين وأردوغان قد يسفر عن تحديد الخط الفاصل بين الطرفين بشكل نهائي.
وسبق للناطق الرسمي باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف، أن توقع، الأحد الماضي، أن يكون لقاء الرئيس الروسي والتركي "صعباً"، ولكنه شدد أيضاً على أهمية تأكيدهما على انحيازهما لتسوية الوضع في إدلب واتفاقات سوتشي.
يذكر أن بوتين وأردوغان اتفقا، في 18 سبتمبر/ أيلول 2018 في منتجع سوتشي جنوبي روسيا، على إقامة منطقة منزوعة السلاح على امتداد خط التماس بين قوات النظام والمعارضة في إدلب، إلا أنّ الاتفاق لم يسفر عن تهدئة مستديمة، وسط تبادل أطراف النزاع الاتهامات بالمسؤولية عن إفشاله.
المساهمون