بوتفليقة يصر على تمديد عهدته
وقال الرئيس بوتفليقة في رسالة وجهها إلى الشعب الجزائري بمناسبة عيد النصر الموافق 19 مارس/ آذار (توقيع اتفاقية الاستقلال)، إن "الجزائر مقبلة على تغيير نظام حكمها ومنهجها السياسي ضمن ندوة وطنية تعقد في القريب العاجل بمشاركة كل أطياف الشعب"، مشيرا إلى أن "مهمة الندوة الوطنية ستعمل على إجراء تعديل دستوري يكون منطلقا لمسار انتخابي جديد".
وأكد الرئيس بوتفليقة، الذي بدا في رسالته الجديدة متجاوزا للمطالب الشعبية الرافضة لمقترحاته، ومتمسكا بتمديد عهدته إلى غاية تسليمه العهدة الرئاسية لرئيس جديد للجمهورية، أن "المسار الانتخابي سيبدأ بانتخاب رئيس الجمهورية، في أعقاب تعديل الدستور الشامل سيبت فيه الشعب عن طريق الاستفتاء العام".
وقال أحد الناشطين في الحراك الشعبي طارق مراح، لـ"العربي الجديد"، إن "ما يطرحه بوتفليقة في رسالته هذه هو استفزاز مباشر للشعب وللحراك الشعبي الذي يطالب بوتفليقة بانهاء حكمه والرحيل من الرئاسة ورفض مقترحاته"، مضيفا أنه "كان متوقعا أن النظام ورجالاته لن يسلموا الأمور بسهولة".
وبحسب مراقبين، فإن إعلان بوتفليقة التمسك ببقائه في الحكم، وتمديد عهدته الرئاسية خارج الفترة الدستورية، وإصراره على خياراته، يؤكد أن السلطة تراهن على عامل الوقت لكسر الحراك وإخفات صوته المطلبي.
في هذا السياق، يعتقد المحلل السياسي علي لخضاري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "السلطة في الجزائر تشتغل على عامل المراهنة على الوقت من جهة لاستعادة زمام المبادرة، ووضع الجزائريين أمام الأمر الواقع".
ومن شأن الموقف الأخير لبوتفليقة تصعيد الاحتقان الشعبي في البلاد، ودفع الحراك والناشطين للجوء إلى خطوات تصعيدية أخرى كالإضراب أو الاعتصام.
موقف جديد للجيشوقال قايد صالح، في كلمة ألقاها أمام القيادات العسكرية في منطقة تندوف، جنوبي البلاد، إن "كل ذي عقل وحكمة، يدرك بحسه الوطني وببصيرته البعيدة النظر أن لكل مشكلة حلا، فالمشاكل مهما تعقدت لن تبقى من دون حلول مناسبة، بل وملائمة، هذه الحلول التي نؤمن أشدّ الإيمان بأنها تتطلب التحلي بروح المسؤولية من أجل إيجاد الحلول في أقرب وقت"، وتعهد بدعم الجيش لأي حل سياسي يتم التوصل إليه. وأضاف "أجدد اليوم ما تعهدت به أمام الله والشعب وأمام التاريخ، بأن الجيش سيكون دوما، وفقا لمهامه، الحصن الحصين للشعب والوطن في جميع الظروف والأحوال".
ويفهم من هذا الخطاب منح قائد الجيش للسياسيين، سلطة ومعارضة، مهلة للتوصل إلى توافقات سياسية لتجاوز حالة الأزمة السياسية الراهنة والانسداد الحاصل، وتجاوز المأزق المتعلق برفض السلطة والرئاسة الاستجابة للمطالب الشعبية والمعارضة التي ترفض أي حوار مع السلطة قبل رحيل بوتفليقة.
واعتبر المسؤول العسكري أن الأولوية السياسية في الوقت الحالي أيضا هي تجنيب البلاد أي انزلاق محتمل، مضيفا: "إني على يقين تامّ أن الشعب الجزائري، الذي لطالما وضع مصالح البلاد فوق كل اعتبار، يحوز ويملك من الإمكانيات الضرورية لجعل بلده يتفادى أيّ وضع صعب من شأنه أن يستغل من قبل أطراف أجنبية لإلحاق الضرر به".
وأرسل قائد الجيش رسائل طمأنة بشأن وعي كافة القوى السياسية والشعبية للحفاظ على الأمن والاستقرار، وقال "الشعب الجزائري أثبت اليوم، في هذه الظروف الحالية، حسّا وطنيّا بل وحضاريّا بالغ الرفعة، ينم عن وعي شعبي عميق أذهل العالم، والوعي المدرك بأمن الوطن واستقراره"، مشيرا إلى أن "الأمل في أن تبقى الجزائر دائما وأبدا فوق كل التحديات، هو أمل قائم ودائم بغد أفضل وبالقدرة على ربح الرهانات كل الرهانات".
وجدد الفريق قايد صالح التذكير بما وصفه بـ"العلاقة الوطيدة التي تربط الشعب الجزائري بجيشه، الذي هو جزء لا يتجزأ منه، ومن هذا المنطلق بالذات، فإن ثقتي في حكمة هذا الشعب، وفي قدرته على تجاوز كافة الصعاب مهما كانت طبيعتها، غير محدودة بل ومطلقة".
ويحاول الجيش الجزائري، عبر مواقف كهذه، البقاء على حالة حياد بعد تمدد الحراك الشعبي، وعدم وضع نفسه في حالة مواجهة مع الشعب. وتعد هذه خامس رسالة يوجهها قائد أركان الجيش منذ اندلاع الحراك الشعبي في البلاد في 22 فبراير/ شباط الماضي، والرابعة التي يعلن فيها الجيش تفهمه للمطالب الشعبية، بخلاف خطاب أول في 26 فبراير الماضي، كان قد أثار جدلا كبيرا، وصف فيه قايد صالح المتظاهرين بأنهم "مغرر بهم"، قبل أن تقوم وزارة الدفاع بسحب هذا المقطع.
موقف مفاجئ لـ أويحيى
من جهته، أكد أويحيى، في رسالة صدرت أمس الأحد، موجهة إلى مناضلي وكوادر حزبه، أنه "مثلما يحيي الجميع المطالب السلمية لشعبنا، فلا بد من الاستجابة لها في أقرب الآجال، حتى نجنب بلادنا أي انزلاق لا قدر الله، وحتى تستعيد الجزائر أنفاسها لمواصلة مسار تنميتها الاقتصادية والاجتماعية". واعتبر أويحيى أن "الرد المستعجل على مطالب الشعب سيجنب البلاد انزلاقات خطيرة ويسمح لها باسترجاع أنفاسها".
وأضاف رئيس الحكومة السابق: "لا يوجد شيء أغلى من إنقاذ الجزائر من أي مأزق أو أزمة تعترضها، فلا حكم ولا سلطة أغلى من الجزائر". وبرأي أويحيى، فإن القرارات والتعهدات المعروضة من طرف رئيس الجمهورية "باعتبارها تنازلات يمكن أن تقنع كذلك أطياف الساحة السياسية برمتها، ولا سيما المعارضة، للمشاركة في الندوة الوطنية والعمل فيها بكل سيادة وديمقراطية".
ويرى المحلل السياسي أحسن خلاص، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "تصريحات أويحيى غريبة سياسيا، هو يطالب السلطة بالاستجابة لمطالب الشعب فيما هو أحد رموز النظام الذين يطالب الاستحقاق الشعبي برحيلهم، ليس فقط من الحكم، إذ هو لم يعد رئيسا للحكومة، ولكن أيضا من المشهد السياسي تماما، كما أنه أحد عرّابي مشروع العهدة الرئاسية الخامسة لبوتفليقة ومنفذيها"، مشيرا إلى أنه يتوقع أن تكون رسالة أويحيى "تمهيدا لاستقالته من قيادة حزبه، التجمع الوطني الديمقراطي، بسبب إخفاقاته وضرورة إبعاده لأنه لم يعد مقبولا في المشهد السياسي والشعبي".
وتعرض أويحيى إلى انتقادات وهجوم سياسي وشعبي على شخصه في المظاهرات الشعبية منذ 22 فبراير/شباط الماضي، على خلفية تصريحاته في آخر ظهور سياسي له في البرلمان في 26 فبراير قبل إقالته في 11 مارس/ آذار الجاري، والتي قال فيها إن الجزائر قد تتحول إلى سورية.
تمسك الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بتمديد عهدته الرئاسية التي تنتهي في 28 إبريل/نيسان المقبل، برغم شهر من الاحتجاجات الشعبية والعمالية الرافضة لبقائه في الحكم.
ميدانيا، أعلنت نقابات الصحة أنها ستخرج في مسيرات، غدا الثلاثاء، للمطالبة بـ"رحيل النظام ورموزه" وبطريقة سلمية، إذ وجهت النقابة الوطنية لعمال قطاع الصحة نداءات للمديريات الصحية في الولايات بأن يلتزم النقابيون الطابع السلمي للمسيرات والاحتجاجات، وضمان الخدمة العمومية والطبية للمواطنين.
وانضم العشرات من موظفي وأساتذة وطلبة قطاع التكوين المهني للحراك الشعبي الذي يشهده الشارع الجزائري منذ شهر تقريبا، إذ شهدت العاصمة الجزائرية، اليوم، وقفات احتجاجية ومسيرات، جاب خلالها المحتجون الشوارع وتوقفوا في ساحة البريد المركزي في العاصمة الجزائرية مطالبين "بتغيير الوضع في الجزائر".
وعرفت مختلف الولايات وقفات ومسيرات حاشدة ضمت أصواتها لصوت التغيير ورفض تمديد العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة، وهو المطلب الذي ركز عليه المحتجون في جمعة الرحيل يوم 13 مارس الجاري. ورفع المحتجون من أساتذة وطلبة التكوين المهني في مختلف ولايات المسيلة وبجاية وميلة وتيزي وزو، شرقي الجزائر، الشعارات واللافتات نفسها التي تدعو إلى رحيل رموز النظام ورفض قرار تمديد العهدة الرابعة للرئيس المنتهية عهدته عبد العزيز بوتفليقة، حيث حافظت المسيرات على طابعها السلمي، بعيدا عن مختلف أشكال العنف والتخريب.
وتأتي هذه المسيرات تلبية للحراك الشعبي الذي انطلق مساره منذ الـ22 من فبراير/شباط الماضي، والذي انضمت إليه مختلف الفئات القطاعية للحراك الشعبي في الشارع، بدءا من طلبة الجامعات، إلى الأساتذة والمحامين والقضاة، رفضا لتمديد الرئيس بوتفليقة عهدته الرابعة، بالرغم من المشاورات التي باشرها رئيس الوزراء الجزائري نور الدين بدوي مع أطراف من المجتمع المدني، ودعواته للنقابات العمالية للمشاركة في المشاورات من أجل تشكيل الحكومة الجديدة، غير أن نقابات عمال التربية والصحة ترفض المشاورات جملة وتفصيلا وتطالب برحيل الوجوه المتسببة في الأزمة الجزائرية.